خطة التنمية التاسعة .. رهان على مستقبل أفضل

تدخل السلطنة في الوقت الراهن سباقا مع الزمن لتحقيق مستقبل آمن للأجيال الحالية والقادمة .. فانخفاض أسعار النفط يشكل تحديا صعبا أدخلها مرحلة جديدة حرصت فيها على رسم خطط بديلة تعتمد على تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط للارتقاء بالاقتصاد الوطني.
لاشك أن هذه التغييرات الجذرية في بنية الاقتصاد العماني التي شملتها خطة التنمية الخمسية التاسعة 2016 – 2020 الهدف منها هو تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار للأوضاع المالية للدولة وتحسين مستوى معيشة المواطن وتوفير فرص عمل للشباب وتوظف في سبيل ذلك استثمارات إجمالية تزيد على 106 مليارات دولار .. وقد اعتمدت تلك الخطة على خمسة قطاعات تشكل تنميتها في حد ذاتها تحديا كبيرا وهي الصناعات التحويلية والنقل والخدمات اللوجستية والسياحة والثروة السمكية والتعدين .. ورغم أن السلطنة بحمد الله تمتلك الكثير من مقومات تحقيق هذا الهدف إلا أن الوصول إلى التنمية المنشودة يتطلب جهدا كبيرا وتضافرا من كافة مؤسسات المجتمع فالحكومة عليها أن توجد بيئة جاذبة للاستثمار من خلال منظومة تشريعية متكاملة مبسطة وميسرة تشجع المستثمر المحلي والأجنبي على المغامرة والاستثمار كما أن القطاع الخاص عليه تحويل تنمية هذه القطاعات الخمسة إلى واقع معاش بجانب تحمله مسئولية تدريب وتوظيف الباحثين عن عمل.
لو تأملنا ما تقدمه الحكومة من تسهيلات للمستثمرين نجد أن السلطنة قدمت الكثير من الخدمات التي تساعد المستثمر في إنجاز معاملته في أسرع وقت باستحداث نظام المحطة الواحدة والتأشيرات الإلكترونية وما يتعلق بالتصاريح والجمارك .. كما احتلت في هذا الشأن مكانة دولية مرموقة بدليل حصولها على المرتبة الرابعة بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال لعام 2016 وتقدمت 7 مراكز في الترتيب العالمي لتحتل المرتبة الـ 70 من أصل 189 دولة كما احتلت المرتبة الـ 17 في التقرير العالمي للتنافسية في عام 2015 وذلك من أصل 148 دولة .. لتثبت السياسة الحكيمة صوابها دائما.
الجميل هو المرونة التي تتمتع بها الخطة الخمسية الجديدة والسيناريوهات المختلفة التي وضعت تحسبا لأي تقلبات في الأسعار أو تغير في الظروف بحيث تتواءم مع المتغيرات التي قد تطرأ على المناخ الاستثماري .. وهذا النهج كان متبعا في الخطط الخمسية السابقة وهو ما أكسب اقتصادنا الاستقرار والأمان وعدم التأثر بالأزمات المالية التي عصفت بدول العالم.
إن السياسة الرشيدة التي تتبعها قيادتنا الحكيمة بتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتوزيع المناطق الصناعية والحرة على مختلف محافظات السلطنة والربط بينها لتحقيق التكامل يبرهن على المساعي الحثيثة لتحقيق التنمية في كل شبر بالبلاد حيث إن الخطة لم تعتمد على الموقع الجغرافي المتميز لبلادنا والاستفادة من ميناء أو اثنين فحسب بل حرصت على أن تطال يد النهضة والتنمية كل محافظات السلطنة لتصل فرص العمل للشباب الباحثين عن وظيفة في أماكن تواجدهم خاصة أن القطاع الصناعي المتوقع التوسع فيه سيستوعب 11% من مجمل العاملين في القطاع الخاص بالسلطنة إلى جانب دعمه للاقتصاد الوطني فيكفي أن نعرف أن الصناعات التحويلية وحدها تساهم بنسبة 11% من إجمالي الناتج المحلي.
أما قطاع السياحة فحدث عنه ولا حرج حيث يعول عليه الاستفادة من كل المقومات الطبيعية والحضارية بالسلطنة ليضع اسمها على الخريطة السياحية العالمية وليقوم بدوره الواعد في النهوض بالاقتصاد إلى جانب استيعابه نحو 50% من الباحثين عن عمل.
لاشك أن النظرة الواقعية التي تسير عليها الخطة الخمسية التاسعة ستؤهلها بإذن الله لكي تحقق النجاح الذي حققته الخطط السابقة وستخطو ببلادنا نحو الأمان والاستقرار واستكمال مسيرة النهضة بخطى واسعة وقفزات ملموسة.
وفق الله قيادتنا الحكيمة وحكومتنا الرشيدة للنهوض بالبلاد وتحقيق التنمية المستدامة المنشودة وتوفير الاستقرار والأمان والرخاء للمواطنين.

* * *
مرحبا بالضيف الكريم
بدأت أيام الخير .. أيام الصوم والصلاة والرحمات والمغفرة والعتق من النار .. أيام القيام وقراءة القرآن وصلة الأرحام والإكثار من الصدقات .. إنه شهر رمضان المبارك الذي ينتظره المسلمون من العام للعام على أحر من الجمر حتى يتزودوا بجرعة إيمانية روحانية تنقي قلوبهم وتسمو بنفوسهم وتقربهم من الله سبحانه وتعالى.
إن الصيام مدرسة يتعلم فيها المسلم المبادئ الأخلاقية السامية ويتخرج فيها وقد نال شهادة التقوى .. كونه تخلى عن كل شهواته وتحكم في أهوائه وتوقف عن ارتكاب المعاصي وأكثر من عمل الخيرات لوجه الله تعالى .. فالرياء قد يكون في الصلاة أو الزكاة أو حتى الحج أما الصيام فلا رياء فيه لأنه علاقة بين العبد وربه ليس لأحد دخل فيها.
كما أن رمضان موسم العبادة والتقوى لذلك على كل إنسان أن يحاسب نفسه على ما اقترفت طوال العام الماضي ويتعهد أمامها أنه لن يكرر الأفعال السيئة هذا العام فيفتح صفحة جديدة أول أسطرها التوبة ويبدأ مرحلة من مراحل عمره أساسها التسامح والخير والتخلي عن العصبية والكذب والنميمة وغيرها من التصرفات التي لا يرضى عنها ربه.
لاشك أن كل إنسان يحرص على أن يتقبل الله منه صومه فنراه يتحرى صحة صيامه ويكثر من الدعاء وقراءة القرآن والصلاة جماعة في المساجد خاصة صلاة القيام أو التراويح كما يحرص على صلة رحمه وإخراج الصدقات ثم الزكاة في نهاية الشهر الكريم ويكثر من الدعاء وفعل الخيرات التي تقربه من الله جل شأنه ويبتعد عن كل ما يغضبه سبحانه وتعالى .. فيمر الشهر الفضيل وقد تجلت فيه مظاهر الرحمة والتكافل الاجتماعي .. ورغم ما يعتريه من بعض السلبيات التي نتمنى أن نتخلص منها مثل التسول الذي يكثر في هذا الشهر إلى جانب الدراما والبرامج التليفزيونية التي تفسد على المشاهد روحانياته بما تحتويه من ألفاظ ومشاهد خارجة وبرامج مقالب مستفزة إلا أن الشهر في مجمله ليس له مثيل طوال العام لما تحتويه أيامه ولياليه من بركة وخير وفضل عظيم.
ولا يقتصر الخير في شهر رمضان على الفرد فقط بل تتحول الجمعيات الخيرية والفرق التطوعية إلى خلايا نحل تجوب البلاد شرقا وغربا للبحث عن الأسر المعسرة فتفك ضيقتها وتقدم لها المعونات التي تدخل السرور والطمأنينة إلى نفوسها وتعينها على صيام الشهر الفضيل.
الشيء الذي يدعو للتأمل أن فوائد الصيام لا تقتصر على الجانب الإيماني فقط بل تثبت الأبحاث العلمية الحديثة تباعا الفوائد العديدة للصوم وآخرها دراسة أميركية اكتشفت أنه يساعد الجسم في محاربة أعراض أمراض المناعة الذاتية التي تتنوع ما بين الذئبة الحمراء والتصلب العصبي المتعدد وغيرها والتي يصاب بها الإنسان عندما يبدأ نظامه المناعي في مهاجمة أعضاء الجسم نفسه .. هذا إلى جانب ما تم اكتشافه من قبل في أن الصيام يساعد الجسم على التخلص من السموم عن طريق المحافظة على الكبد هذا الجهاز الذي ازداد اعتلاله في الوقت الحاضر لما يحتويه غذاؤنا من سموم نتيجة إضافة المواد الكيماوية حيث ثبت علميا أن الصوم يساعد على تجديد خلايا الكبد وتنظيفه .. كما أن العطش أثناء الصيام يساعد في إمداد الجسم بالطاقة ويعمل على تحسين القدرة على التعلم وتقوية الذاكرة بعكس ما يعتقد كثير من الناس فالقدرة العقلية عند الصائمين تتحسن كما أنه يقي الجسم من تكون حصوات الكُلى كذلك يحقق الصيام راحة للجهاز الهضمي وملحقاته وغيرها من الفوائد العظيمة على الجسم البشري التي لو أدركها الإنسان لصام أكثر من شهر رمضان وقد صدق الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال "صوموا تصحوا" أي أن كمال الصحة في الصوم.
ندعو الله أن يعين جميع المسلمين على صيام الشهر الكريم وأن يتقبل منهم الطاعات ولا نملك إلا دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استهل الشهر الكريم : "اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام.. اللهم سلمنا لرمضان وسلم رمضان لنا وتسلمه منا متقبلا" .. آمين يا رب العالمين .. وكل عام والجميع بخير.

* * *
حروف جريئة

• التصريحات المستفزة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي قال فيها إن الواقع الذي ساد مدينة القدس لن يعود لما قبل يونيو 1967 أي أنه سيظل محتفظا بكامل المدينة المقدسة .. هذه التصريحات كشفت عن وجهه الحقيقي الرافض لأي مبادرة سلام وأثبتت أن حل الدولتين حلم بعيد المنال.

• وافقت الحكومة الروسية على طلب تقدمت به نظيرتها الإسرائيلية باسترجاع دبابة كانت القوات السورية قد غنمتها عام 1982 وتعرض حاليا في متحف بموسكو .. كيف تمنح روسيا هذا الحق لإسرائيل وهي لا تملك الدبابة من الأساس ؟.. ألن يكف العالم عن ممارسة سياسة "وعد من لا يملك لمن لا يستحق" التي يتبعها دائما مع العدو الصهيوني؟.

• فرضت الصين مجموعة من الإجراءات لإجبار المواطنين قانونيا على الاعتناء بالمسنين من أقربائهم في ظل زيادة نسبة المسنين في البلاد .. ألا نشعر هنا بعظمة الإسلام الذي يوصينا بكبار السن ويجعله من تمام الإيمان دون قوانين وفرض عقوبات.

* * *
مسك الختام
قال تعالى : "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا".

ناصر اليحمدي