تحديث مستمر وخطوط جديدة واهتمام كبير باللوجستية
[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2015/09/sayed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]السيد عبد العليم[/author]
منذ عام 2011 قررت حكومة السلطنة استثمار موقعها الاستراتيجي، وقربها من مسارات الملاحة العالمية وإشرافها على مضيق هرمز ووقوعها على بحر العرب والخليج العربي، في تنويع مصادر الدخل الوطني، وكسر «القيد النفطي». وطرحت خطة تنمية تحت عنوان «سلسلة اللآلئ العمانية» تقوم على التكاملية فيما بينها، وإنشاء صناعات وخدمات لوجستية بالقرب من الموانئ التي تغطي كامل الرقعة الجغرافية للسلطنة وربطها عن طريق المطارات والسكك الحديدية وخط الباطنة الساحلي. وذلك بالتخطيط لإنشاء الموانئ البحرية بأعلى المستويات والمعايير الدولية المُتعارف عليها. وتطويرها من خلال عملية تتسم بالتكامل حيث إنها تتم في إطار رؤية محددة تحرص ‏على تكامل الامكانات والمزايا التي تتمتع بها موانئ السلطنة، وذلك من خلال توزيع المهام بين الموانئ.

وتضخ السلطنة سنوياً المليارات من أجل تهيئة البنية الأساسية لقطاع الموانئ في كل من صحار والدقم وصلالة وغيرها، وجاري حالياً العمل في ميناء صحار لتطوير خدماته والوصول به للمعايير العالمية، واستقطاب المزيد من الخطوط الملاحية المباشرة وتجهيز الأرصفة لاستقبال السفن العملاقة ذات الـ 18 ألف حاوية، والبدء في تنفيذ مشروع تطوير البوابات الآلية ذات التقنية العالية لدخول وخروج الشاحنات. كما يجري تحويل ميناء السلطان قابوس بمسقط، من تجاري إلى سياحي بعد نقل كافة الأعمال التجارية إلى ميناء صحار، والتخطيط لتحويل الميناء إلى واجهة بحرية سياحية، وتطوير المنطقة المحيطة به ومنها كورنيش مطرح، لدعم السياحة البحرية في البلاد. أما في محافظة ظفار والتي تحتضن ميناء صلالة، فتعمل الحكومة على تجهيز رصيف المواد السائلة، والبدء في أعمال التصاميم التفصيلية لمنطقة البضائع العامة وتنفيذ الطريق الرابط بين دوار ريسوت ومدخل الميناء.
ويعتبر مشروع تطوير وتحديث البنية التحتية بميناء صلالة وإنشاء ‏محطة عالمية لمناولة الحاويات من المشاريع ذات الأهمية الإستراتيجية والإقتصادية الهامة ‏ونقلة كبيرة في عالم النقل البحري بالسلطنة وذلك لتمتع محافظة ظفار بموقع إستراتيحي ممتاز ‏على المسارات الملاحية البحرية والعالمية التي تربط الشرق بالغرب .. وصنف ميناء صلالة ‏ضمن قائمة أفضل عشرين ميناء محورياً بالعالم لإعادة تصدير الحاويات وهو مهياً لاستقبال ‏أجيال السفن العملاقة، وقد اشتمل تطوير الميناء على إنشاء أرصفة جديدة بطول 600 متر ‏لمناولة البضائع السائبة والبضائع العامة .. كما يجري الإعداد لإنشاء محطة لتزويد السفن ‏بالوقود إلى جانب العمل لإصلاح الأرصفة وكاسرات الأمواج القديمة بالميناء وباستكمال ‏المرحلة الثانية لتطوير ميناء صلالة ترتفع الطاقة التخزينية من 23 ألف حاوية إلى 46 ألف ‏حاوية نمطية .. وتزداد حيوية ميناء صلالة على المستويين الوطني والدولي كونه أصبح من ‏أهم محطات الحاويات المخصصة للناقلات العملاقة وتم تزويد الميناء بأحدث معدات المناولة ‏التي تعمل بكفاءة تصل إلى 1200 نقلة في الساعة الواحدة، ويصل طول الأرصفة الأربعة في ‏المرحلة التي افتتحت بالفعل إلى 1260 متراً كما تصل مساحة التخزين إلى نحو 550 ألف متر ‏مربع وهو يشكل قصة نجاح المشاركة بين الحكومة والقطاع الخاص المحلي والأجنبي.
أما ميناء صحار بمحافظة شمال الباطنة والواقع على بحر عمان فمن المتوقع أن تزداد أهميته بعد بدء تنفيذ قرار الحكومة بنقل كافة أنشطة الاستيراد والتصدير التجارية إليه (من ميناء السلطان قابوس) ليصبح ميناء صناعيا وتجاريا رئيسيا بالسلطنة. كما يركز مخطط تطوير ميناء شناص بمحافظة شمال الباطنة، الذي تم في عام 2012 ربطه بميناء خصب عن طريق العبارات السريعة، على أنشطة التجارة عبر السفن الخشبية من خلال إنشاء أرصفة متخصصة لهذا الغرض تستوعب أكثر من (140) سفينة خشبية في آن واحد، بالإضافة إلى تطوير أرصفة لقوارب وسفن اليخوت السياحية والخدمات المرتبطة بذلك إلى جانب أرصفة حكومية وميناء صيد سمكي، في حين يساهم مرفأ شنه في تنشيط الحركة السياحية بجزيرة مصيرة وتسهيل تنقل المواطنين بين الجزيرة وبقية ولايات السلطنة الأخرى.
وتتوقف قدرة السلطنة على استغلال موقعها الجغرافي على مدى فاعلية قطاع الموانئ، الذي يمثل أحد أهم ركائز الاقتصاد، بما يوفره من قيمة مضافة، حيث تقدم هذه الكيانات العمانية الوطنية الخدمات اللوجستية لكل السفن التجارية، خاصة أن الطلب على هذه الخدمات في تزايد مستمر مع زيادة معدلات التبادل التجاري الدولي. والملاحظ ان السلطنة قد نجحت في السنوات الاخيرة في ان تحجز لنفسها موقعاً متميزاً بين الكيانات الكبيرة العاملة في مجال خدمات السفن وهذا ما يوفر للاقتصاد العماني وفورات مهمة، وان كانت تنمية القطاع قد يواجه بعض التحديات الناتجة عن تراجع أسعار النفط العالمية، وما ارتبط بها من تراجع في معدلات التجارة الدولية، وهذا ما يضع على السلطات العمانية مسؤولية كبيرة لمضاعفة الجهود لمواصلة ريادتها وتميزها في هذا القطاع، لتستمر موانئ سلطنة عمان متفردة بين موانئ الخليج العربي بما تقدمه من خدمات بأسعار تنافسية وجودة لا تضاهيها جودة في أي ميناء آخر.

تدشين خطوط بحرية جديدة
ولم تكتف الحكومة بالعمل على استغلال موقعها البحري باقامة وتطوير الموانئ العمانية فقط. بل قامت بفتح عدد من الخطوط البحرية، حيث تم في العام الماضي تدشين الخط الملاحي الذي يربط ميناء صحار بميناء بندر عباس الإيراني وتم استقبال أول سفينة على الخط الملاحي الجديد وتدشين خط آخر إلى ميناء شهرابار وتدشين الخط البحري بين ميناء خصب وميناء قشم الايراني. كما اعلنت إكسبريس فيديرز (X-Press Feeders) والتي تعتبر أكبر مشغل لخدمات الربط على مستوى العالم أنها بدأت خدمة الربط الملاحي المباشر بين ميناء صلالة وميناء بربرة في الصومال منذ منتصف شهر أكتوبر 2015 مع إمكانية توسع خدماتها إلى موانئ أخرى في المنطقة في مرحلة لاحقة نظرا للأهمية منطقة بربرة كسوق مهم للعديد من الخطوط الملاحية الدولية.


السلطنة مهيأة لتتبوأ موقعها على خارجة العالم اللوجستية
الواضح أن لدى السلطنة مقومات كثيرة تجعلها على خارطة العالم اللوجستية وعلى سبيل المثال لا الحصر الموقع الجغرافي المميز المفتوح على بحر العرب والمحيط الهندي وبعدها عن المضايق والممرات البحرية الضيقة وقرب السلطنة من خطوط الملاحة شرقا وغربا وكذلك وجود الموانئ الصناعية والتجارية الكبيرة والتي لديها القدرة على الاستيعاب ومداولة البضائع على مستوى عالمي.


ومن بين المقومات القرب الجغرافي من اسواق عالمية كبيرة مثل الهند وشرق اسيا وافريقيا، حيث يمكن الوصول بالسفينة إلى شرق آسيا في اقل من اسبوعين وإلى افريقيا في خلال اسبوع واوروبا في غضون اسبوعين وأيضا وجود المطارات المهيأة على مقربة من الموانئ. علاوة على وجود المناطق الحرة قرب الموانئ وأيضا وجود شبكة طرق على مواصفات عالية تربط الموانئ والمناطق اللوجستية. كما أن المعنيين لديهم دراية بأهمية القطاع والاهتمام في تطويره ليساهم في جعل السلطنة مركزا لوجستيا عالميا واهتمام الحكومة على إيجاد بيئة استثمارية آمنة يساهم في الارتقاء بهذا القطاع لكي تستثمر السلطنة هذه المقومات لابد من التركيز على تسهيل الاجراءات من الجهات المختلفة وهذا هو العنصر الأهم في الوصول بالقطاع إلى الهدف المرجو منه. ■

” .. تتوقف قدرة السلطنة على استغلال موقعها الجغرافي على مدى فاعلية قطاع الموانئ، الذي يمثل أحد أهم ركائز الاقتصاد، بما يوفره من قيمة مضافة، حيث تقدم هذه الكيانات العمانية الوطنية الخدمات اللوجستية لكل السفن التجارية، خاصة أن الطلب على هذه الخدمات في تزايد مستمر مع زيادة معدلات التبادل التجاري الدولي.”