يمثل التنويع الاقتصادي الركيزة الأساسية للخطة الخمسية التاسعة، كما أنه ركيزة أساسية لما تخطط له السلطنة في رؤيتها طويلة الأمد 2040. وبالرغم من أن التنويع الاقتصادي كان منذ بدايات عصر النهضة غاية تسعى لها السلطنة، إلا أنها أدركت أن النفط من الثروات الناضبة، لكنه سيشكل أساسًا تتكئ عليه البلاد نحو فتح آفاق المستقبل؛ لذا وضعت منذ بدايات النهضة المباركة خططًا خمسية كان لها الأثر في بناء اقتصاد يمتلك بنية أسياسية واعدة بنيت بأموال النفط، تتيح الآن التوجه الوطني نحو التنويع الاقتصادي، خصوصًا مع الانخفاض المتواتر في أسعار النفط منذ يونيو 2014م، الذي مثَّل تحديًا لمسيرة التنمية، لكنه في الوقت ذاته أتاح فرصة ملائمة لإحداث تغييرات هيكلية في بنية الاقتصاد الوطني.
وتأتي الخطة الخمسية التاسعة لتستهدف البناء على ما تم إنجازه في الخطط السابقة لتنفيذ استراتيجية التنويع الاقتصادي، وذلك بالتركيز على خمسة قطاعات واعدة .. وهي الصناعة التحويلية، والنقل والخدمات اللوجستية، والسياحة والثروة السمكية، والتعدين، حيث تتمتع السلطنة بمجموعة من المقومات لتحقيق هذا الهدف، أهمها الموقع الاستراتيجي للسلطنة الذي يعتبر بوابة اقتصادية مهمة، إضافة إلى ما تتمتع به من بنى أساسية على المستوى العالمي من مطارات وموانئ، حيث شيدت بنية تحتية لوجستية مستدامة من شأنها دعم تحقيق أهداف "رؤية عمان 2020". كما أن إمكانات السلطنة المتميزة تمكنها من القيام بدور رائد في مجال الخدمات اللوجستية، فموقعها الجغرافي ومناخها السياسي المستقر، جنبًا إلى جنب مع البنية التحتية الممتازة المتوافرة، وكذلك عمليات التحديث الجارية حاليًّا، كل هذه عناصر رئيسية سوف تسهم في استمرار نمو صناعة الخدمات اللوجستية، لتصبح من محركات النمو الرئيسية للاقتصاد الوطني.
وتؤكد التقارير العالمية أن السلطنة ستصبح مركزًا لوجستيًّا للتجارة العالمية، وتوقعت المؤشرات نموًّا في قطاع الخدمات اللوجستية أكثر من 12 بليون دولار بحلول عام 2017، حيث استحوذ قطاع النقل والخدمات اللوجستية على 8.81 بليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة في العام الماضي 2015، وسيكون واحدًا من محركات النمو الرئيسية للاقتصاد العماني، مدفوعًا بتركيز الحكومة على الخدمات اللوجستية والنقل وصناعة السياحة.
وكجزء من خطة الحكومة أعلن معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات، تأسيس المجموعة العمانية العالمية للوجستيات، لتكون شركة حكومية قابضة تجمع تحت مظلتها جميع شركات القطاع اللوجستي التي تسهم الحكومة في ملكيتها شاملة الموانئ والمناطق الحرة والقطارات وشركات النقل البري والبحري، وذلك بهدف توحيد الإمكانات والموارد المشتركة وتوظيفها بكفاءة عالية لتعظيم العائد على تلك الاستثمارات، حيث ستكون المجموعة العمانية العالمية للوجستيات الذراع التنفيذية للحكومة في الدفع بالقطاع اللوجستي ليأخذ مكانه المنوط به من خلال ترجمة الاستراتيجيات العامة الموضوعة للقطاع.
ولعل أبرز ما تقوم به المجموعة هو تنفيذ الاستراتيجية اللوجستية الوطنية بإشراف من وزارة النقل والاتصالات، وصياغة منتجات تجارية تنافسية تمكن السلطنة من أن تكون وجهة لوجستية واستثمارية عالمية، وتفعيل دور القطاع الخاص في التنمية والاستثمار المشترك والابتكار كركيزة أساسية للنهوض بالقطاع، والعمل على تنمية القدرات الوطنية، وإيجاد فرص عمل واسعة للمواطنين.
فالسلطنة تتمتع بموقع جغرافي متميز يمكنها من أن تلعب دورًا عالميًّا مهمًّا في قطاع اللوجستيات وخدمة المواصلات والاتصالات البحرية العالمية، خاصة وأن كثيرًا من الدراسات الاقتصادية تؤكد أن الموقع الجغرافي والقرب من المنافذ البحرية ميزة حقيقية وثروة كبيرة، وبما أن السلطنة تطل على بحر العرب مباشرة والمتصل بالمحيط الهندي، فيكون الاستثمار في القطاع اللوجستي منطقيًّا جدًّا، حيث سينظم هذا القطاع عملية تدفق البضائع والطاقة والمعلومات وحتى البشر من منطقة الإنتاج إلى منطقة الاستهلاك، ولا يمكن القيام بأي تجارة عالمية أو عملية استيراد وتصدير عالمية أو عملية نقل للمواد الأولية أو المنتجات الصناعية دون دعم لوجستي احترافي.