اسطنبول – ( عواصم ) - (وكالات ) : حث الرئيس التركي عبد الله جول القضاء على التزام الحياد في مباشرته التحقيق في مزاعم الفساد التي تهز الحكومة محذرا امس السبت من النتائج الاقتصادية الخطيرة إذا تآكلت الثقة في مؤسسات الدولة.
وقال جول في أول تصريحات شاملة يدلي بها إلى الآن عن فضيحة الفساد إنه لن يتم التسامح مع وجود "دولة داخل الدولة" في إشارة على ما يبدو إلى الحركة التي يتزعمها رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله جولن الذي يتمتع أتباعه بنفوذ قوي في الشرطة والقضاء التركيين. وقال أيضا إنه لا ينبغي التسامح مع الفساد. ويمثل التحقيق في مزاعم الفساد الذي أدى إلى استقالة ثلاثة وزراء أكبر تحد لرئيس الوزراء طيب رجب أردوغان منذ وصوله إلى السلطة قبل 11 عاما. ووصف اردوغان التحقيق بأنه مؤامرة مدعومة من
الخارج لتقويض حكومته وإضعاف نفوذها في الشرق الأوسط وخارجه. ولم تطل اتهامات الفساد جول الذي يتركز دوره كرئيس أساسا على المراسم الشرفية لكن يتعين أيضا تصديقه على القوانين التي يصدرها البرلمان ويقوم بتعيينات رئيسية في القضاء. وفي سياق متصل , وصف وزير الخارجية التركي رجب طيب اردوغان، الذي تواجه حكومته قضية فساد واسعة، امس السبت الازمة السياسية في البلاد بانها "مؤامراة" من القوى المناوئة على "مستقبل واستقرار" تركيا. وفي مادبة غداء في اسطنبول مع عدد من المفكرين والكتاب والصحافيين الموالين للحكومة، اعاد اردوغان التجديد على رايه بوجود قوى في تركيا والخارج تتامر على الإطاحة به من السلطة. وقال في كلمة متلفزة "ما يحاولون فعله هو اغتيال الارادة القومية". واضاف "لقد حاولوا القيام بانقلاب قضائي في تركيا .. ولكننا سنواجه هذه العملية، وسنواجه مؤامرة 17 ديسمبر هذه التي تستهدف مستقبل واستقرار بلادنا". وتاتي اتهامات اردوغان هذه في رد فعل على التحقيقات الواسعة في قضايا فساد ادت الى اعتقال عدد من حلفائه الرئيسيين في 17 ديسمبر ومن بينهم عدد من كبار رجال الاعمال وابناء وزراء سابقين. واجبر اردوغان على اعادة تشكيل حكومته. وادت الفضيحة الى استقالة عدد من النواب من حزب العدالة والتنمية.كما اثرت فضيحة الفساد على الاقتصاد حيث سجلت الليرة التركية ادنى معدلاتها مقابل الدولار كذلك تدهورت الاسهم في بورصة اسطنبول هذا الاسبوع. واعرب اردوغان امس السبت عن ثقته بان تركيا ستتغلب على الصعوبات الحالية. وقال ان الانتخابات البلدية المقرر ان تجري في مارس المقبل ستكون اختبارا للنظام الذي يستعد للانتخابات الرئاسية التي ستجري في اغسطس. وقال اردوغان "لن نسمح بان تخيم الغيوم على مستقبل تركيا". واتهمت حكومة اردوغان التي تتولى السلطة منذ 2002 الموالين لرجل الدين فتح الله جولن المقيم في المنفى في الولايات المتحدة والذي يحظى بنفوذ في الشرطة والقضاء، بالتحريض على التحقيقات في قضية الفساد.
الا ان جولن الذي غادر تركيا الى الولايات المتحدة في 1999 بعد اتهامه بالتامر لتشكيل دولة اسلامية، نفى تلك الاتهامات.
وعلى صعيد اخر , قرر القضاء التركي امس السبت الإفراج عن آخر ثلاثة نواب اكراد معتقلين للاشتباه في علاقتهم بحزب العمال الكردستاني، وذلك غداة قرار مماثل شمل اثنين اخرين من البرلمانيين الاكراد، وفق ما افاد مصدر قضائي.
واوضح المصدر انه سيفرج عن كمال اكتاس وسلمى ارماك وفيصل ساري يلديز "خلال نهار اليوم" من سجني مردين وديار بكر، المدينتين الكبريين في جنوب شرق تركيا حيث اغلبية السكان من الاكراد.
ومساء امس الاول الجمعة افرج عن نائبين آخرين هما ابراهيم ايهان وغولسر يلديريم. وكان هؤلاء الاشخاص الخمسة، وهم نواب من حزب السلام والديموقراطية الموالي للاكراد، قيد الحبس الاحترازي منذ اعتقالهم في 2010 للاشتباه في علاقتهم بحزب العمال الكردستاني. واقرت المحكمة الدستورية بان اعتقالهم طال كثيرا. ويرى البرلمانيون الموالون للاكراد ان ابقاءهم قيد الاعتقال يضر بعملية السلام الجارية منذ 2012 بين انقرة وحزب العمال الكردستاني بهدف وضع حد للتمرد الكردي المسلح الذي اسفر عن سقوط 45 الف قتيل منذ 1984. وبلغت هذه المباحثات طريقا مسدودا. وعلق حزب العمال الكردستاني في سبتمبر عملية سحب مقاتليه من الاراضي التركية التي بدات قبل اشهر، معتبرا ان الحكومة الاسلامية المحافظة في تركيا لم تحترم وعودها لجهة الاصلاحات التي تصب في مصلحة الاكراد. وقد امرت المحكمة الدستورية الشهر الماضي وللاسباب نفسها بالافرج عن نائب ابرز حزب معارض معتقل منذ اربع سنوات في اطار قضية تآمر ضد الحكومة. وكثيرا ما تنتقد المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان تركيا لتجاوزها مدة الاعتقال الاحترازي.