[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/samyhamed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سامي حامد[/author]

هل تهدأ الأوضاع في مصر بمجرد ما أعلن عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع السابق عبر كلمة متلفزة عزمه الترشح رسميا للانتخابات الرئاسية المقبلة التي تحدد لها يومي الـ26 و27 من مايو المقبل؟! .. الواقع حتى الآن يقول عكس ذلك حيث زادت وتيرة العنف في الشارع المصري بعد سويعات من إعلان السيسي عزمه الترشح لهذه الانتخابات .. فالعنف داخل الجامعات زادت حدته .. ومظاهرات أنصار جماعة الإخوان شهدت كثافة وشراسة بعد أن انحسرت قليلا، سواء داخل محيط القاهرة الكبرى أو في المحافظات في محاولة لتعطيل الانتخابات الرئاسية التي تعد الخطوة الثانية والأهم من خطوات خارطة الطريق الثلاثة التي تم الاتفاق عليها عقب ثورة الـ30 من يونيو التي أطاحت بحكم الإخوان لدرجة أنه وردت تقارير تشير إلى وجود مخطط لاغتيال مرشح الرئاسة عبدالفتاح السيسي حتى تجد الدولة المصرية نفسها عاجزة عن إجراء هذه الانتخابات!!
مصر مقبلة إذن على تصاعد وتيرة العنف حتى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية يومي الـ26 و27 من مايو المقبل والأجهزة الأمنية تدرك هذا الأمر جيدا، حيث أعلنت مؤخرا عن ضبط العديد من الخلايا الإرهابية التي تعمل على شل مفاصل الدولة عن طريق إثارة الرعب والفزع داخل قلوب المصريين عبر زرع عبوات ناسفة هنا وهناك، فضلا عن الاستهداف الدائم للعسكريين ورجال الشرطة.
ويبدو أن مصر ستشهد في الأيام المقبلة مرحلة جديدة من العنف تعتمد على اغتيال الشخصيات الهامة والمؤثرة سواء كانت شخصيات عسكرية أو أمنية أو سياسية أو إعلامية أو قضائية في محاولة لتصعيد أعمال العنف بشكل يجعل الدولة غير قادرة على التحرك خطوة واحدة إلى الأمام، وبالتالي تفشل في إجراء الانتخابات الرئاسية!!
ولكن .. ماذا لو نجحت مصر في اجتياز خطوة الانتخابات الرئاسية ونجح السيسي كما هو متوقع في الفوز بالمنصب الرئاسي؟ هل سيتوقف العنف ويعود الهدوء والاستقرار إلى مصر؟! الإجابة على هذا السؤال تبدو معقدة للغاية حيث إن مصر تواجه تهديدات من أطراف داخلية وأخرى خارجية وليس من جماعة الإخوان وحدها، ما يعني أن مصر في مواجهة حرب شرسة التنبؤ بحسمها وبنتائجها صعب للغاية، وهي تهديدات أشار إليها المرشح المحتمل عبدالفتاح السيسي في كلمته التي وجهها للمصريين عبر شاشات التلفاز وأعلن فيها ترشحه رسميا حيث قال "إن ما شهدته مصر خلال السنوات الأخيرة جعل من هذا الوطن أرضا مستباحة للبعض، وقد آن الأوان ليتوقف هذا الاستهتار وهذا العبث، فهذا بلد له احترامه وله هيبته، ويجب أن يعلم الجميع أن هذه لحظة فارقة، وأن الاستهتار في حق مصر مغامرة لها عواقبها ولها حسابها .. مصر ليست ملعبا لطرف داخلي أو إقليمي أو دولي".
إذن المرشح السيسي يدرك جيدا حجم التهديدات والمؤامرات التي تواجهها مصر، محذرا في نفس الوقت من استباحتها والعبث بها، بل وحذر في نفس الكلمة أيضا من المساس بأمن المنطقة العربية ككل حين قال "سأظل أحارب كل يوم من أجل مصر خالية من الخوف والفزع والإرهاب ليس في مصر فقط، بل المنطقة بأكملها" في إشارة إلى أن الأمن القومي المصري جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، كما أن السيسي بحسه العروبي هذا يعلن التحدي بأن مصر ليست فقط قادرة على حماية نفسها بل قادرة أيضا على حماية المنطقة العربية ككل، وهي رسالة قوية موجهة لكافة الأطراف التي تسعى وتعمل على زعزعة الاستقرار في المنطقة!!
ولأن السيسي مدرك بحجم المؤامرات التي تحاك ضد مصر أعلن استعداده لأن يمد يده للجميع حين قال "أدعو شركاء الوطن أننا جميعا أبناء مصر نمضي في قارب واحد نرجو له أن يرسو على شاطئ النجاة، ولن يكون لنا حسابات شخصية نصفيها أو صراعات مرحلية نمضي وراءها فنحن نريد الوطن لكل أبنائه دون إقصاء أو استثناء أو تفرقة .. نمد أيدينا للجميع معلنين أن أي مصري أو مصرية لم تتم إدانته بالقانون الذي نخضع له جميعا هو شريك فاعل في المستقبل بغير حدود أو قيود" وهي رسالة أخرى يوجهها السيسي لعناصر جماعة الإخوان وأنصارها للمصالحة طالما لم يتم إدانة أحد منهم بالمشاركة في أية أعمال عنف يجرمها القانون!!
جماعة الإخوان من جانبها رفضت عرض السيسي بل وأعلنت أن ترشحه لانتخابات الرئاسة لهو أكبر دليل ـ من وجهة نظرهم ـ على أن ما حدث في الـ30 من يونيو ما هو سوى انقلاب عسكري لإسقاط حكم الإخوان وعودة العسكر لحكم مصر .. وظهر الرفض الإخواني سريعا بتفعيل المظاهرات المنددة بما يسمونه الانقلاب على الشرعية، وهو ما يعني أن جماعة الإخوان مصرة على التصعيد حتى يعود الرئيس السابق والمحبوس حاليا الدكتور محمد مرسي، وهو مطلب بات من المستحيل تحقيقه بعد أن فقدت الجماعة الكثير من رصيدها في الشارع المصري، وهو ما ظهر جليا في مسيرات الفرح والتأييد للمرشح عبدالفتاح السيسي حيث خرج مؤيديه وأنصاره في مسيرات فرح تجوب الشوارع مهللين ومباركين له فور إعلانه رسميا الترشح لانتخابات الرئاسة!!
انتقاد وحيد تعرض له السيسي من بعض القوى السياسية بعيدا عن جماعة الإخوان لأنه أعلن ترشحه للانتخابات وهو مرتدٍ بدلته العسكرية، حيث رأى البعض بأنه كان من الافضل أولا أن يخلع السيسي زيه العسكري ثم يعلن بعد ذلك ترشحه، إلا أن السيسي يبدو أنه تعمد أن يلقي كلمته وهو مرتدٍ بدلته العسكرية لسببين: الأول وهو ما أشار إليه في كلمته حين قال "اللحظة دي لحظة مهمة جدا بالنسبة لي .. أول مرة لبست فيها الزي العسكري كانت سنة 1970 كنت طالب في الثانوية الجوية عمره 15 سنة .. يعني حوالي 45 سنة وأنا أتشرف بزي الدفاع عن الوطن .. النهاردة أترك هذا الزي أيضا من أجل الدفاع عن الوطن" .. أما السبب الثاني وهو تأكيد للأول أن السيسي أراد أن يوجه رسالة للمصريين بأنه سيظل جنديا في خدمة هذا الوطن!!