[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedabdel.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]محمد عبد الصادق[/author]
” وصف الرحالة الإيطالي دوراتي بربوزا عددا كبيراً من المدن العمانية الواقعة على بحر عمان والخليج العربي التي زارها سنة 1522م , بادئاً بوصف الموانئ المليئة بمختلف أنواع السلع .. مثل الأقمشة القطنية .. والأرز والسكر والأفاوية (التوابل) وغير ذلك من المتاجر .. هذه البضائع المستوردة يتم تبادلها في الموانئ العمانية مع القادمين إليها بالبضائع المحلية كالبخور والخيول الممتازة...”
ــــــــــــــــــــــــــــــ

أشهر من وصف مدينة مسقط في القرون الوسطى هو القرصان البرتغالي ألفونسو دي ألبوكيرك نائب ملك البرتغال وقائد الأسطول الذي احتل مسقط سنة 1506م , وعنها يقول :" مسقط مدينة كبيرة .. كثيرة السكان .. تحيط بها من الجهة الداخلية جبال مرتفعة أما من جهة البحر فهي قريبة جدا من الماء .. ميناؤها صغير يشبه نعل الفرس , وهي في مأمن من الرياح, ومسقط هي السوق الرئيسية لمملكة هرمز, إذا يتحتم أن تمر بها كل السفن لتتجنب الشاطئ الصخري المقابل وهي منذ القدم ميناء لتجارة الخيول والتمور , مدينة جميلة بيوتها أنيقة, يأتيها من داخل البلاد القمح والذرة والشعير والتمر".
كما وصف الرحالة الإيطالي دوراتي بربوزا عددا كبيراً من المدن العمانية الواقعة على بحر عمان والخليج العربي التي زارها سنة 1522م , بادئاً بوصف الموانئ المليئة بمختلف أنواع السلع .. مثل الأقمشة القطنية .. والأرز والسكر والأفاوية (التوابل) وغير ذلك من المتاجر .. هذه البضائع المستوردة يتم تبادلها في الموانئ العمانية مع القادمين إليها بالبضائع المحلية كالبخور والخيول الممتازة التي قد يبلغ ثمن الواحد منها في أسواق الهند نحو 250 استرلينية (جنيه استرليني) , وبلاد عمان كثيرة القمح واللحوم والتمر والأعناب, ويعدد بربوزا المدن والموانئ التي زارها , ومن بينها قلهات وقريات ومسقط وصحار , ويقول عن مسقط :" واسعة المتاجر , كثيرة الأسماك التي تملح وتجفف وتنقل إلى كثير من البلدان لبيعها " .
وعن أخلاق أهل عمان يقول الرحالة الإنجليزي جون أوفنجتن الذي زار عمان عام 1693م :" إن هؤلاء العمانيين على قدر كبير من دماثة الخلق ويظهرون لطفاً وكرماً مع الغرباء , فلا يحتقرونهم ولا يلحقون بهم أذى, وهم على تشبثهم الثابت بمبادئهم والتزامهم الراسخ بدينهم, لا يفرضون تلك المبادئ وذلك الدين على الآخرين, كما أنهم لا يغالون في التمسك بها مغالة تجردهم من إنسانيتهم أو من حسن معشرهم, فالمرء يقطع في عمان مئات الأميال دون أن يتعرض للغة نابية أو لأي سلوك فج.
وزار الرحالة السويسري مكة المكرمة في شهر رمضان عام 1814م , وكتب عن ذلك :" إن آلاف القناديل التي تضئ الحرم المكي جعلت منه الملاذ الليلي لكل الأجانب في مكة فهنا يلتقون ويتحاورون إلى ما بعد منتصف الليل , ينهمكون بخشوع تام في الصلاة والدعاء وقراءة القرآن , بينما يأخذ البعض قسطا من الراحة تحت أروقة المسجد , وعند الغروب يتوافد المصلون لتأدية صلاة المغرب في أكثر من عشرين دائرة حول الكعبة تضم نحو ثمانية آلاف من المسلمين يجمعهم أكثر المشاهد رهبة وجلالاً , لكن ليالي رمضان في مكة المكرمة لا تشهد مظاهر البهجة الرائعة التي تميز مدن الشرق الأخرى كما تخلو أيام عيد الفطر من مظاهر التسلية والاحتفالات العامة.
وعن اسطنبول عاصمة الخلافة العثمانية يقول المستشرق الفرنسي "جيرار دي نيرفال" الذي زارها في صيف عام 1843م الذي صادف شهر رمضان :" في اسطنبول تلك المدينة التي تجسد الطابع التركي المتميز وتجمع بين الفخامة والبؤس والدموع والأفراح والظلم والحرية , بأسواقها التي تشكل قلب المدينة الشرقية ومساجدها الرشيقة البناء ومناظر البوسفور الساحرة , معظم الناس هنا ينامون طوال النهار , ثم يقضون الليل كله في المتعة والترفيه خلال شهر رمضان.
وعبر دي نيرفال عن إعجابه الشديد بشارع المساجد الطويل الذي يشكل الشريان الرئيسي للمدينة والذي ينتهي بالسوق الكبير على طريق القنطرة التي تعبر القرن الذهبي , كان يمشي على ضوء قمر شهر رمضان منبهراً بالأبراج والأكشاك والحدائق والنافورات ومئات المآذن وتكية الدراويش (المولوية) , وحكايات الرواة في المقاهي العتيقة , ويصف إقبال أهل اسطنبول على شراء الفاكهة المجففة والمرطبات والحلوى الشرقية خاصة البقلاوة , و الشوارع التي تغص بالنساء والأطفال بينما يقضي الرجال معظم أوقاتهم في المساجد لصلاة التراويح ومن بعدها يرتادون المقاهي والمسارح والمتنزهات وتحدث عن الاستعدادات لعيد الفطر والإقبال على شراء الملابس الزاهية ولعب الأطفال.
و من أشهر المستشرقين الغربيين الذين وصفوا أحوال المصريين وشهر رمضان الرحالة الإنجليزي إدوارد وليام لين المؤرخ والمؤلف والمترجم الكبير صاحب كتاب "أخلاق المصريين المعاصرين وعاداتهم " وأول من ترجم "ألف ليلة وليلة" إلى اللغة الإنجليزية , اختلط لين بالمصريين وتنكر في زي تاجر تركي و سمى نفسه "منصور افندي" , واستعان بأخته صوفيا للتعرف على حياة النساء المصريات المحافظات في مجتمعاتهن المقفلة للتعرف على أزيائهن وطرق التزين والأعراس والحمامات الشعبية والأسواق والحوانيت المخصصة للنساء ونشر عنها دراسة بعنوان "سيدة إنجليزية في مصر" , تزوج لين في 1840م من سيدة مصرية مسلمة ذات أصول يونانية اسمها نفيسة , واعتنق بسببها الإسلام وترجم جزءا من القرآن الكريم.
وعن استقبال المصريين لشهر رمضان يقول لين " في الليلة المتوقع فيها بدء شهر رمضان و تعرف بليلة الرؤية , ترى فيها موكب المحتسب وأرباب الحرف والتجار ودراويش الصوفية والمشاعلية (حاملو المشاعل) يتجهون من القلعة إلى بيت القاضي وعند ثبوت الرؤية ينطلق الموكب مخترقاً شوارع القاهرة وتنضم إليه الحشود من الكبار والصغار ابتهاجاً بحلول شهر رمضان .
ويصف لين الهدوء الذي يسود أسواق القاهرة وشوارعها حتى فترة ما بعد الظهيرة , فتفتح المحلات أبوابها ويتجه معظم الناس إلى الجوامع للصلاة وتلاوة القرآن والاستماع إلى درس العصر, ويتناول المسلمون عامة فطورهم في منازلهم فتوضع صينية مفضضة تزينها أطباق المكسرات وبعض الحلوى و"قلل" الماء البارد والمشروبات تحسباً لقدوم الزوار وقت الإفطار عقب آذان المغرب , ويبدأ رب الأسرة مع عائلته تناول أكواباً من الشراب وبعض المكسرات والتمور ثم يقومون لصلاة المغرب , وبعدها يتناولون الفطور الدسم من أطايب الطعام , ثم يتوجه الجميع إلى المساجد لأداء صلاة العشاء ثم التراويح , وبعدها ينقلب الليل نهاراً ويتدفق الناس إلى الشوارع والأسواق وتنتعش محلات بيع الحلوى والمشروبات وتزدحم المقاهي بروادها الذين يستمعون إلى رواة القصص الشعبية وعازفي الربابة , بينما يقيم بعض شيوخ الطرق الصوفية حلقات ذكر في منازلهم.