[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
أحيانا يكون المديح خبثا، محاولة للإيقاع بالممدوح .. في الفهم السياسي، يتحول هذا النوع من المديح إلى فخ، بل كلما تم تكبير صورة الممدوح، كان الانتباه إلى خلفيات الكلام مطلوبا، وأحيانا يفترض تصديق العكس من أجل الحقيقة.
أعترف اليوم أن ثمة شعورا ينتابني بأن وراء كل جملة تصدر عن إسرائيل أو الولايات المتحدة أو أي من الغرب العجوز بحق سوريا وتحديدا الرئيس بشار الأسد وحزب الله، لها ما لها من تفسيرات لا تحتاج للكثير من الذكاء كي يكتشف المرء أبعادها. إذ لا يمكن أن يصدر عن قيادات إسرائيلية كلام عن قوة حزب الله التي تخيف إسرائيل، أو كما قيل قبل أيام قليلة من أن الرئيس الأسد أقوى، سوى منطق مدروس هدفه تكبير الصورة، حتى إذا حصل المحظور يكون السقوط مروعا ومؤثرا ..
عندما اختار الأميركي وصف جيش العراق إبان حكم صدام حسين بأنه الجيش الرابع في العالم، كان يعرف أبعاد كل كلمة وصف لهذا الجيش، حتى إذا جاءت لحظة المواجهة، كان سقوطه ذا تأثير مضاعف ما زال إلى اليوم مثار تساؤل. وفي مصر إبان حكم الزعيم جمال عبدالناصر، تم التركيز الإسرائيلي على قوة الجيش المصري وعلى إمكانياته الصاروخية المصنوعة مصريا، فإذا بهذا الجيش ينهار عند أول ساعات هجوم إسرائيل التي كان إعلامها قد أعلن أن مصر قامت بالهجوم على إسرائيل التي ترد الهجوم، بينما الحقيقة أنه في تلك اللحظات، كان الطيران المصري قد تم تدميره بالكامل تقريبا وهو جاثم على أرض المطار.
لا شك أن العالم عرف هذا النوع من إسقاط المديح الكاذب لضرورات التأثير على الخصم ساعة سقوطه العسكري من أجل أن يكون الثمن السياسي كبيرا .. ولهذا يجدر الانتباه والتنبه لما يحاك عادة حلف كل كلمة تعظيم أو تكبير. كأن يخفف حزب الله في نشراته الإخبارية وغيرها من استعمال ما يقوله العدو تعظيما لقوة الحزب، وكذلك الحال مع ما يقال حول قوة الرئيس الأسد، وكأن قولا من هذا النوع وخصوصا كلمة "أقوى"، إنما تم اختيارها لغرض التعظيم من أجل غايات لاحقة، خصوصا عندما نفهم تحويل كل مجريات الحرب على سوريا بشخص الرئيس الأسد، وهو ما يعني ضمن حسابات المستقبل لو حصل مكروه للرئيس، يكون السقوط ضخما ومجلجلا.
أود أن أقول بعد كل هذا التصور المبني على فهم إعلام العدو وطريقة تعبيره وتوقيته، أن نتواضع في الكلام عنا، وأن لا يتم ترداد كلام الأعداء بصورة متكررة. صحيح أن إعلام العدو في عملية التعظيم لها إيجابياتها على شعبية حزب الله والرئيس الأسد، وأنها تغذي طموح الناس في أن يسمعوا كلاما كهذا من عدو له أطماعه ولا يرجو الخير إطلاقا، إلا أنها كما قلنا إعلام مفخخ، يجب عدم تصديق أبعاده، وإنما مجرد قراءة له دون أية مؤثرات.
نحن نخوض حروبا في الأساس منها إعلام يجاريها، يسبقها أو يتأخر عنها، لكنه في كل الحالات صورة مدروسة بعناية .. وحربنا التي يتطور أداؤها كل يوم، يتوقف عليها كيفية خوضها إعلاميا مهما كان شكلها العسكري .. والإعلام لغة يمكن أن تكون مبطنة، أي أن ظاهرها غير باطنها.