سارت نهضتنا التعليمية والعلمية في مسارها المتنامي حسبما أراد لها قائد مسيرة النهضة العمانية المعاصرة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ أخذًا بكل معيار من معايير التقدم العلمي في إطار من الأصالة واحترام التراث الوطني، سواء في الشكل أو المضمون، بدءًا بالإنسان ثم البنيان، وبعد ما ينوف على أربعين عامًا من عمر النهضة المباركة ها نحن نقف بكل تبجيل واحترام أمام عطاءات النهضة المباركة والحرص الأبوي من صاحب القلب الكبير المحب والمخلص لعُمان ولأبنائها الأوفياء على متابعة شؤونهم وأحوالهم، والتوجيه بما يلزم لتحقيق مصالحهم ومنافعهم، وبما يحقق رؤية جلالته ـ أيده الله ـ المتمثلة في بناء الإنسان العماني وتنميته، والتوجيهات الأبوية السامية بجعل مصلحة المواطن فوق كل اعتبار.
فالنتائج التي تمخضت عنها اجتماعات مجلس الوزراء وكما جاء في بيانه يوم أمس والتي تضمنت الإبقاء على عدد المقاعد الدراسية المخصصة لخريجي دبلوم التعليم العام للعام الأكاديمي (2016/2017) في مختلف مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة داخل السلطنة بالإضافة إلى البعثات الخارجية تعكس حجم الحرص والاهتمام المتواصل من لدن جلالة عاهل البلاد المفدى ـ أبقاه الله ـ بدعم قطاع التعليم وتنمية الموارد البشرية الوطنية وتشجيع الشباب، وفتح الآفاق أمامهم والأخذ بأيديهم في مجال التعليم العالي وغيره من المجالات وتوفير الإمكانيات المطلوبة لبناء أجيال واعية مسلحة بالعلم والمعرفة وحاصلة على أعلى المراتب والدرجات العلمية لإحداث نقلة نوعية في المخرجات التعليمية.
وما من شك أن قرار الإبقاء على المقاعد الدراسية المخصصة لخريجي دبلوم التعليم العام يؤكد حرص جلالته على الاستمرار في توسيع فرص التعليم بصفته الرافد الأساسي في إمداد مختلف حقول الإنتاج بالعقول والسواعد التي تحفظ للتنمية زخمها واستمراريتها. فالتعليم بشقيه العام والعالي يرفد حركة التنمية بالعقول والسواعد الوطنية الماهرة المفعمة بالإيمان برسالتها ودورها في تحقيق الأهداف الوطنية، حيث يظل العنصر البشري والاهتمام به يتصدر قائمة أولويات النهضة. فالكوادر العمانية المنتجة هي التي تتولى ومن المفترض أنها الوحيدة التي ستتولى مستقبلًا تحويل كل مصادر الإنتاج في هذا الوطن إلى إدارة وطنية كاملة من خلال برامج التعمين الطموحة والتي تؤكد أنها تحرز نجاحات متواصلة رصدتها الإحصاءات الصادرة عن الجهات المعنية. كما أن تناهي هذا القرار إلى مسامع وعلم أبنائنا الطلاب وأولياء أمورهم ـ في ظل التحديات المالية جراء أزمة انهيار أسعار النفط ـ له مفاعيله وآثاره المعنوية والنفسية لديهم، وأنه صدر من أب محب مخلص، لديه الثقة الكاملة والطموح الكبير وحسن الظن في أن سيكون أبناؤه هؤلاء خريجو دبلوم التعليم العام عند ذلك، وأنهم سيبذلون جهودهم وتفانيهم وإخلاصهم ليكونوا حيث أرادهم حامل مشاعل العلم والتعليم والتنوير وصاحب القلب الرحيم جلالة السلطان المعظم، في كل حقل من حقول الإنتاج والعلم والمعرفة، قائدين قاطرة التنمية في بلادهم، وبالتالي كسب الرهان في أنهم حقًّا أهل مسؤولية وروح وطنية وثابة، مقدرين حجم ما يبذل وينفق من أموال وإمكانات لنيل شرف البناء والتعمير ورفع مستويات التنمية، والعمل معًا على تحقيق هدف إنشاء مجتمع مثقف عارف بتضاريسحياته وحياة الأمم من حوله بكل تفاصيلها، ومتابع لكل مخرجات الحركة العلمية والتكنولوجية في العالم.
ولكي نترجم طموحات قائد مسيرة النهضة المباركة ونواكب كل دقائق هذه المسيرة في حاضرها ومستقبلها عليناالاستمرار في تطبيق كل جديد ينشأ في مجال التعليم، ومطاردة كل قصور يقعد بناء ولو للحظة عن الاستمرار في العمل، فالمشوار كبير، والآمال عريضة والمعوقات لا شك تلقي بعثراتها المفاجئة متأثرة بعوامل مرحلية سلبية على الساحتين الإقليمية والعالمية تستدعي التأهب المستمر للتعديل والتصحيح والتقويم والإجادة على مستوى الكم والكيف معًا، فقائد المسيرة المباركة لم يبخل برؤية أو إنفاق مادي من أجل الدفع بمسيرتنا العلمية قدمًا إلى الأمام، وعلينا أن نثبت دائمًا أننا على قدر التحدي والإمكانية للحفاظ على شعلة العلم والتعليم متوهجة على الدوام متزودة من خلال إرادتنا الفردية والجماعية بوقود لا ينضب لشعلة لا تنطفئ. فلك الامتنان يا جلالة السلطان، ونتوجه إلى الله العلي القدير في شهره العظيم شهر رمضان بالدعاء بأن ينعم عليك بالصحة والعافية والعمر المديد، وأن يعيده عليك أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة وأنت في صحة وخير وسؤدد.. إنه سميع مجيب.