الرقم القياسي العالمي الثالث للسلطنة في غضون ثلاثة أعوام
سجل القارب العُماني مسندم – عُمان للإبحار بطاقم نصفه من العُمانيين رقمًا قياسيًا جديدًا في سباق فولفو للإبحار حول جزيرة إيرلندا بعد عبوره خط النهاية في ساعة مبكرة صباح امس وحطم بذلك رقمه القياسي السابق الذي سجله العام الفائت، بل وفاز على قاربين آخرين من فئة المود 70 هما فايدو 3 الأميركي الذي جاء في المركز الثاني بفارق ست دقائق فقط، وبعده فريق كونسايس 10 البريطاني الذي جاء في المركز الثالث بعد فايدو 3 بدقيقة واحدة فقط مع أنه حافظ على صدارته لأطول مسافة من مسار السباق.
وقد أنهى القارب مسندم عُمان للإبحار مسافة السباق البالغة 704 أميال بحرية في زمن قياسي بلغ 38 ساعة و37 دقيقة و7 ثوان، بفارق ساعتين تقريبا عن الرقم القياسي السابق الذي كان 40 ساعة و51 دقيقة و57 ثانية، وبذلك حقق الفريق فوزًا على رقمه السابق، وعلى منافسيه، وأثبت للجميع أن السيادة البحرية العُمانية لا تزال تجري في دم البحّارة العُمانيين، وأنهم أهل للريادة البحرية التي أرساها الأجداد منذ القدم.
يضمّ فريق القارب مسندم ثلاثة من أبرز البحّارة العمانيين وهم فهد الحسني، وياسر الرحبي، وسامي الشكيلي، وهم الثلاثي الذي شارك في تحقيق الرقمين السابقين، ويصنفون ضمن أفضل البحّارة المحيطين في السلطنة. وشارك معهم أيضًا الفرني سيدني جافنييه، والإيرلندي داميان فوكسال، والفرنسي جين لوك نيلياس.
وبعد وصولهم إلى المرسى في مدينة ويكلاو كانت مشاعر الفرحة بالإنجاز طاغية على الإرهاق الذي استنزف كل طاقاتهم على مدى 38 ساعة دون راحة، ويدرك كل من تابع السباق أن الحنكة التكتيكية قد لعبت دورًا مهماً في قلب نتائج السباق، حيث يقول البحّار فهد الحسني بأن النتيجة لم تكن مبشرة لهم حتى الدقائق الأخيرة من السباق، وكانوا في المركز الثالث أغلب الوقت، حتى حانت الفرصة المناسبة قبل بضعة أميال فقط من خط النهاية، وانتهزها الفريق العُماني بذكاء. وعن ذلك قال فهد الحسني: "كنّا نعلم بان هناك مسارات هوائية بالقرب من الساحل، ووجدنا واحدًا منها وحصلنا على دفعة قوية لتجاوز الآخرين وسبقهم إلى خط النهاية".
تجدر الإشارة إلى أن البحّار العُماني فهد الحسني شارك في مهام إدارة دفة القارب مع الربان سيدني جافنييه وداميان فوكسال، وبعد ختام السباق قال واصفا مشاعره: "نحن سعداء جدًا بالنتيجة، وأنا فخور جدًا برفع العلم العُماني مرة أخرى في هذا السباق، وقبل كل شيء نهدي هذا الفوز للوطن العزيز سلطنة عُمان".
وأضاف الربان سيدني جافنييه على ذلك وقال: "نشعر بسعادة غامرة مقارنة بالقلق الذي ساورنا طوال مسافة السباق، حيث كنّا أبطأ من القوارب الأخرى في الكثير من الأحيان، وكنا واقعين تحت الخوف من أن نخسر الرقم القياسي، ولكن اللحظات الأخيرة قلبت جميع الموازين وكانت حاسمة، وبدورنا أحسسنا انتهاز الفرصة وحققنا الهدف المنشود".
وأشار سيدني بأن الإبحار في هذا السباق كان قاسيًا ومرهقًا جدًا، حيث قال: "أظهر أفراد الطاقم تفانيًا مثاليًا، ورغبة صادقة للفوز، حيث لم يكن لدينا نظام للمناوبة، لذلك لم نحظَ بقدر كافٍ من النوم، ولم نأخذ حتى أسرة النوم بهدف تخفيف الحمل والوزن على القارب، واضطر الشباب إلى النوم على الأرضية أو على أكياس مبللة، أضف إلى ذلك أن العمل على القارب لم يتوقف لحظة بين رفع وخفض، ودوران وموازنة. صحيح أننا متعبون ولكننا سعداء جدًا بالنتيجة".
ومن جهة أخرى قال البحار الإيرلندي بأن هذا السباق كان دون شك أكثر السباقات صعوبة في مساره المهني، ولكنه لم يُخفِ سعادته بالإضافة الرائعة والإنجاز الجديد الذي يكمل إنجازاته البحرية السابقة. ويقول فوكسال واصفًا شعوره بعد الهبوط عن ظهر القارب مسندم: "أبحرت حول العالم عدة مرات، ولكن هذا السباق يحتل مكانة خاصة، وأعتبره واحدًا من أفضل السباقات التي خضتها في حياتي".
وأضاف داميان فوكسال: "كان لدينا ستة بحّارة فقط على متن القارب، بعكس القوارب الأخرى التي كانت تبحر بسبعة أو ثمانية بحّارة، ولكن ذلك كان يعني ساعات نوم أقل بالنسبة لنا، حيث لم تتجاوز ساعات النوم المخصصة لكل شخص ساعة واحدة فقط، ولكن السباق الحامي مع القاربين الآخرين كان حافزًا كافيًا لنا للتخلي عن فترات الراحة".
وعن مجريات السباق وتحدياته قال فوكسال: "ارتكبنا بعض الأخطاء في المراحل الأولى للسباق، واضطررنا إلى التأخر عن القاربين الآخرين في بعض الأحيان، ولكننا دائمًا ما نتدارك الوضع ونجد الفرصة المناسبة للحاق بالقاربين الآخرين. كان الجميع على أعصابه خوفًا من الخسارة لا سيما الزملاء الذين شاركوا في إحراز الرقم القياسي العام الماضي، وكانت الفرصة الأخيرة قبيل خط النهاية باعث أمل. شعورنا بالفوز بالسباق وتسجيل رقم قياسي جديد شعور لن ننساه أبدًا".
وفي السلطنة، استقبل موظفو عُمان للإبحار خبر الفوز بكل ترحيب منذ الصباح الباكر، وكان الرئيس التنفيذي ديفيد جراهام أول المهنئين بهذا الإنجاز، حيث قال: "أعلم بأن هذا السباق كان واحدًا من أصعب التحديات التي يخوضها بحّارونا على متن القارب مسندم – عمان للإبحار، لذلك أرسل إليهم خالص التهنئة بالفوز على الفرق الأخرى، وعلى تحقيقهم لرقم قياسي جديد".
وأشاد جراهام بالدور الحيوي الذي لعبه البحّارة العُمانيون الثلاثة وقال: "سعادتي مضاعفة بالدور الأساسي الذي لعبه فهد، وسامي، وياسر في هذا الإنجاز للعام الثاني على التوالي. لم يكن هؤلاء البحّارة في راحة أبدًا، فهم مواظبون على التمارين البدنية والذهنية، واستحقوا الفوز بكل جدارة، وهذا الإنجاز مهم جدًا بالنسبة لهم في طريقهم ليصبحوا بحّارة عالميين".
مسندم – عُمان للإبحار ... سفير لعُمان السياحة والرياضة
تجدر الإشارة إلى أن القارب مسندم – عُمان للإبحار هو قارب عُماني من فئة (المود 70)، ويتكون من ثلاثة أبدان طولها 70 قدمًا. تم تدشين القارب مسندم بدعم وزارة السياحة بهدف الترويج للسلطنة كوجهة سياحية عن طريق حملة يجوب فيها القارب أربعة دول أوربية تقع ضمن قائمة الأسواق المهمة بالنسبة للوزارة، وهي المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا. وتشمل الحملة تطواف القارب وعلى متنه طاقم من البحارة العُمانيين، بالإضافة إلى تنظيم معرض سياحي مصاحب في المهرجانات المستهدفة كوسيلة استقطاب للمستثمرين والسائحين والزوّار والإعلاميين.
وقد تم تصميم القارب لأول مرة في العام 2009م على يد مهندسين فرنسيين وفقا لمواصفات وتفاصيل دقيقة جدا جعلته مميّزا على الصعيد العالمي، وقد تم استحداث هذا التصميم بمواصفات موحّدة وبمتطلّبات عالية من اللياقة البدنية والحرفية في الإبحار، ما يشكل تحديا كبيرا لأشهر البحارة والطواقم المبحرة على متنه، كما يوفّر أمام الكوادر العُمانية فرصة لاكتساب مهارات عالية من العيار الثقيل من خلال السباقات القصيرة والمحيطية التي يمكن لفئة المود 70 الإبحار فيها.
استراتيجية تبادل الأدوار على القارب
ويعتمد البحارة على استراتيجية تبادل الأدوار على متن القارب لضمان المحافظة على أداء الفريق ولكسب نقاط أكبر أثناء خوض السباقات إلى جانب بناء وصقل وتعزيز مهارات الطاقم وتوسيع مداركه طيلة الموسم خصوصا أن الإبحار على متن قارب المود 70 يتطلب جهدا أكبر من بقية الفئات. وتشمل هذه الأدوار التكتيك والملاحة وفرد حبال الشراع وفرد الحبال في مقدمة القارب والشراع الرئيسي وشراع السارية الأمامية وتوجيه الدفة وتوجيه الأشرعة.
التحدي القادم في عبور الأطلسي
وبعد هذا الإنجاز المشرف، لن يكون الفريق في عطلة مطولة لأن أمامهم تحدٍ آخر وفرصة لتحقيق إنجاز جديد للسلطنة، وهذه المرة سيكون في سباق عبور المحيط الأطلسي من مدينة كيوبك الكندية حتى مدينة سانت مالو الفرنسية، وسينطلق السباق في أقل من عشرين يومًا، وتحديدًا بتاريخ 10 يوليو 2016م. ولكن قبل انطلاق السباق، سيكون على الطاقم توصيل القارب من فرنسا إلى كندا، وهي رحلة قد تستغرق أكثر من ستة أيام اعتمادًا على الظروف الجوية، وستكون هذه الرحلة فرصة للتدريب وصقل مهارات بعض البحّارة العمانيين في السباقات المحيطية.

برنامج موسم الصيف للقارب مسندم – عُمان للإبحار:
1. سباق أسطورة مالهام: انطلق من مدينة كاوس بجزيرة وايت البريطانية يوم السبت 28 مايو. (المركز الأول في منافسة قارب كونسايس)
2. سباق فولفو حول جزيرة إيرلندا: انطلق من مقاطعة ويكلاو في إيرلندا يوم السبت 18 يونيو واختتم صباح الإثنين 20 يونيو
3. سباق كيوبك – سانت مالو: ينطلق من كيوبك بكندا يوم السبت 10 يوليو