ـ رئيس مجلس الدولة يشيد بالروح المسؤولة التي سادت الجلسة تحقيقا للمصلحة العامة
تغطية : مصطفى بن أحمد القاسم وعيسى اليعقوبي:
عقد مجلسا الدولة والشورى صباح أمس الجلسة الثانية المشتركة لدور الانعقاد السنوي الأول من الفترة السادسة ، تم خلالها إقرار المواد محل التباين بين المجلسين في مشروع قانون الجزاء العماني ، ورفعها إلى المقام السامي مشفوعة برأي المجلسين ، بعد مناقشتها والتصويت عليها في الجلسة التي ترأسها معالي الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري رئيس مجلس الدولة ، بحضور سعادة خالد بن هلال المعولي رئيس مجلس الشورى ، والمكرمين أعضاء مجلس الدولة ، وأصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى ، وسعادة الدكتور الأمين العام لمجلس الدولة ، وسعادة الشيخ الأمين العام لمجلس الشورى .
وقد استهل معالي الدكتور رئيس مجلس الدولة الجلسة بكلمة رحب فيها بالحضور، مهنئا لهم بمناسبة شهر رمضان الفضيل وقدوم عيد الفطر السعيد ، وسائلا الله تعالى أن يعيد هذه الأيام المباركة عليهم جميعا بالخير واليمن والبركات مستعرضا معالي الدكتور في كلمته جدول أعمال الجلسة ، مشيرا في هذا الشأن إلى أن أعمال الجلسة سيتم فيها مناقشة المواد محل التباين بين المجلسين في مشروع قانون الجزاء ، وذلك وفقا للمادة (58) مكررا (37) من النظام الأساسي للدولة.
وأوضح معالي الدكتور رئيس مجلس الدولة أن المجلسين (الدولة والشورى) قد قاما بدراسة مشروع قانون الجزاء حيث اتفق المجلسان على كثير من المواد ، إلى جانب بعض المواد التي تباينت بشأنها وجهات النظر والآراء وعددها سبع مواد ، بالإضافة إلى مادتين طلب مجلس الشورى مناقشتها ولم تكن ضمن المواد محل التباين ، وهي المادة الأولى والمادة ( 19 ) ليصبح مجموع المواد محل التباين (9) والتي سوف يتم حسمها والاتفاق عليها بعون الله تعالى خلال الجلسة وفق القواعد والإجراءات التي تم التوافق عليها والعمل بها في الجلسات المشتركة السابقة .
ولفت معالي الدكتور في كلمته إلى أن اللجنة المشتركة التي عكفت على دراسة المواد محل التباين على مدى يومين متتاليين توافقت على (116) مادة من أصل (124) مادة كانت محل تباين وبالتالي سوف يتم فقط مناقشة والتصويت على المواد محل التباين وعددها (9) مواد ، كما يلي : ( 1، 19، 24، 32، 56، 214، 255، 275 و 286)، مؤكدا في هذا الصدد بأن باقي المواد الأخرى تم اعتمادها من قبل المجلسين في جلستيهما السابقتين على ضوء ما انتهت إليها اللجنة المشتركة بشأنها .
عقب ذلك تم استعراض المواد محل التباين مادة تلو مادة ، ومناقشتها والتصويت عليها وإقرارها ، في بداية النقاش أوضح سعادة سلطان بن ماجد العبري عضو مجلس الشورى في مداخلة له أنه ومهما اختلف المجلسان في بعض المواد أو النقاط في القوانين محل النقاش والمداولة إلا أننا متفقون على خدمة هذا الوطن ورأي مجلس الشورى كما ورد في هذا القانون تتماشى مع الشريعة الاسلامية ووفق المادة الثانية من النظام الأساسي للدولة.
وبدوره قال المكرم الدكتور عيسى بن سعيد الكيومي بالنسبة للمادة الاولى كان هناك خلاف حول عقوبة حد أو قصاص فنحن نؤيد ونتفق على بقاء النص كما جاء من الحكومة.
وعلق سعادة محمد الحجري عضو مجلس الشورى على المادة 24 محل التباين والاختلاف والتي تنص على "الجنايات هي الجرائم المعاقب عليها بالاعدام أو السجن المطلق أو السجن المؤقت من 3 سنوات إلى 15 سنة" وبأننا موافقون على هذه المادة والتي تأتي متوافقة مع النظام الأساسي للدولة ومع القصاص الشرعية فيما تتقابل مضامينها وفي حال حذف جزء من المادة نجد هذا الأمر لا ينطبق مع القانون ، والقانون يقرر عقوبة الاعدام حيث يرد هذا النوع من جرائم قطع الطريق والمخدرات وترويع المجتمع والآمنين والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام او السجن المؤبد للجرائم حيث تعتبر هذه العقوبات تعزيرية الا اذا ورد بشأنه نص على عقوبة حد أو قصاص.
وقال سعادة الدكتور محمد الزدجالي عضو مجلس الشورى : نرى الابقاء على النص المحال من الحكومة وبذلك تصبح هذه المادة مجازة من المجلسين.
وقال المكرم الدكتور عيسى بن سعيد الكيومي : هذه المادة تعمل على حماية البعثات الدبلوماسية والقنصلية والطاقم الاداري وافراد طاقم البعثة مع ضرورة عدم حذف عماني لتبقى المادة مستقيمة ومتوافقة مع راي المشرع وارجاع النص كما ورد من الحكومة .
وفيما يتعلق بالمادة 24 من قانون الجزاء العماني محل الخلاف قال المكرم الدكتور عيسى بن سعيد الكيومي لم نجد نصا صريحا حول الحكم المطلق مدى الحياة او المؤبد وهناك نظر بالعقوبات وكثير من الدول تنظر لهذه العقوبات نظرة ويمكن الاعفاء من المدد المتبقية.
فيما علق سعادة الدكتور محمد الزدجالي عضو مجلس الشورى لقد ارتأى المجلس ان تكون العقوبة في المؤبد 25 عاما فيما ارتأى مجلس الدولة أن تبقى المادة كما هي من الحكومة ونحن نتفق مع رأي السجن المؤقت والسجن المطلق وهذا يتفق مع ما اورده المشرع العماني وهو 30 عاما ولذلك نرى ان تحدد السجن المطلق الى 25 سنة.
وعلق المكرم زاهر بن عبد الله العبري : لقد احسن المشرع العماني في ايجاد نص في القانون بدلا من السجن المؤبد والذي تسير عليه اغلب الحكومات وان من يحكم عليه بهذا السجن فهو مجرم شديد الخطورة وارتكب جناية خطيرة بحق المجتمع وبذا يحكم عليه مدى الحياة والابقاء عليه في السجن المطلق كونه يعتبر استئصالا للشر من المجتمع ليصبح جثة هامدة فانه قد اعدم معنويا لما اقترفت يداه وتنص عقوبة السجن المطلق في كل تشريعات دول العالم وتعمل بذلك القانون كافة أو معظم سجون العالم وهو السجن المطلق واذا ما استقام حاله فيفرج عنه وان لم يستقم فيبقى في السجن وقد يستغل الامر عند خروجه ويترصد له من هو حاقد عليه ونتقم منه فان هذا الامر مهم جدا الابقاء عليه في السجن .
وقد تم التصويت على الجزئية الثانية بواتفق المجلسان على إبقاء هذه المادة من مشروع قانون الجزاء كما أحيلت من مجلس الوزراء .
وتعليقا على المادة 32 محل التباين والنقاش قال المكرم الدكتور عيسى بن سعيد الكيومي ان مجلس الدولة يقترح الابقاء على هذه المادة في هذا القانون وكما ورد من الحكومة كون انها تعتبر شريعة عامة .
وفيما علق سعادة محمد الزدجالي عضو مجلس الشورى على هذه المادة قائلا: لقد قرر مجلس الشورى حذف التدابير الجزائية ولا فائدة من اضافة اية عبارة لمثل التدابير الجزائية.
من جانبه قال المكرم الشيخ زاهر بن عبد الله العبري عضو مجلس الدولة حول هذه المادة : تعتبر التدابير الجزائية من اهم ما تضمنته العقوبات الجزائية وان لم يرتكب جريمة بعد ونظرا لجنوح غير مكتملين العقل وكف اذاهم عن المجتمع ودور التدابير الجزائية من الضرورية بمكان تضمينها في متن نصوص القانون مع أهمية وجود هذه العبارة فهي تعتبر غير ضارة وازالتها غير نافعة ولذلك نرجح الكفة على ابقاء العبارة كما هي بعد ان تم التصويت على هذه المادة مع الابقاء التدابير الجزائية.
وفي المادة 214 من قانون الجزاء والتي تنص على "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر، ولا تزيد عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن 500 ريال عماني ولا تزيد على 1000 ريال عماني، كل موظف عام قام نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة بعمل من أعمال وظيفته أو أخل بواجباتها" حيث تم الموافقة على الابقاء على هذا النص كما ورد بالاجماع بين اعضاء المجلسين.
وقد علق المكرم زاهر بن عبد الله العبري عضو مجلس الدولة: نحمد الله تعالى الذي ألهم المشرع عندما جاء بهذا النص لمحاربة ومكافحة الفساد ومن اخل بالنظام وليس كمن ادى واجبه على اكمل وجه وفق القانون واكثر انسجاما مع التشريع وفي المادة 255 محل التباين والخلاف بين المجلسين والتي تنص على "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنتين كل من نشر بإحدى الطرق العلانية دون إذن السلطات المختصة:
أ: أخبار في شأن تحقيق قضائي أو إداري قائم أو نشر وثيقة من وثائق هذا التحقيق .
ب: مداولات المحاكم.
جـ: أخبار في شأن الدعاوى التي نص القانون أو قررت المحكمة نظرها في جلسة سرية أو منعت نشرها.
د: أسماء أو صور المتهمين أو المحكوم عليهم دون الحصول على إذن من الادعاء العام أو المحكمة المختصة حسب الأحوال.
هـ: أسماء أو صور المجني عليهم في جرائم الاعتداء على العرض .
و: أسماء أو صور المتهمين الأحداث. ويعاقب بذات العقوبة كل من قام بمد أي من وسائل الإعلام المحلية أو الأجنبية بشيء من ما ذكر في البنود السابقة.
ويرى مجلس الدولة استبدال بالمحكمة المختصة فيما يرى مجلس الشورى ابقاء المادة كما جاء بها المشرع.
وبين المكرم الشيخ زاهر بن عبد الله العبري فيما يتعلق بهذه المادة وتعليقا عليها كراي من مجلس الدولة بأن هذه المادة يجب النظر اليها وفق الأسس التي جاء بها النظام الاساسي للدولة وهو ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته ووفق المادة فيه شيء من الافتراءات على المتهم والموضوع قيد التحقيق ولا زالت المحاكم تنظر في قضيته وقد يمتد الى تسيس المسائل القضائية وذلا نرى عدم نشر اية معلومات عن المتهم الا باذن من المحكمة المختصة .
من جانبه قال سعادة محمد الزدجالي أن هناك بعض القضايا قد تكون محل اهتمام للراي العام وضرورة النشر قد يثير الرأي العام ونرى الابقاء على ما ورد من الحكومة حيث تم التصويت على هذه المادة والابقاء على النص كما ورد من مجلس الوزراء.
وفيما يتعلق بالمادة 275 محل التباين والاختلاف بين وجهات النظر القانونية بين مجلسي الدولة والشورى والتي تنص على"يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من ارتكب فعلا من الأفعال الآتية .
أ : التطاول على الذات الإلهية أو الإساءة إليها باللفظ أو الكتابة أو الرسم أو الإيماء أو بأي وسيلة أخرى .
ب: الإساءة إلى القرآن الكريم أو تحريفه أو تدنيسه.
جـ: الإساءة إلى الدين الإسلامي أو إحدى شعائره أو سب أحد الأديان السماوية.
د: التطاول على أحد الأنبياء أو الإساءة إليه باللفظ أو الكتابة أو الرسم أو الإيماء أو بأي طريقة أخرى.
وقد تطرق سعادة الدكتور محمد الزدجالي في مداخلته على هذه المادة إلى أن هذه المادة تعتبر من اهم المواد في القانون نظرا لما تشكله من اخطار على المجتمع في حال التدخل من قبل فرد او جماعة في مثل هذه الامور .
من جانبه اوضح المكرم الشيخ زاهر بن عبد الله العبر ي بان هذه المادة جاءت لتحمي المعتقدات والدين وتجريم الافعال، ومجلس الدولة متفق مع التشريع ورافعا العقوبة الى الحد الاقصى.
وفي مداخلة لسعادة الدكتور سليم الرشيدي قال أن هناك خطورة كبيرة على مرتكبي مثل هذه الافعال التي وردت في هذه المادة وتجريمها وفيما اذا حدثت هذه الافعال فقد تحدث اثرا في المجتمع ولذا جاءت هذه المادة لتحمي المجتمع من اية آثار سلبية.
وفيما يتعلق بالمادة لمادة 286 محل التباين في الآراء القانونية والتي تنص على: "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشرة أيام ولا تزيد على سنة كل من صدر ضده حكم نهائي بأداء نفقة أو أجرة حضانة أو رضاعة أو مسكن وامتنع عن الأداء في الميعاد المقرر، وتنقضي الدعوى أو يوقف تنفيذ الحكم بالوفاء أو التنازل".
وقد اوضح المكرم الدكتور عيسى بن سعيد الكيومي في مداخلته وتعليقا على المادة 286 عدم تحريك الدعوى من قبل المستفيد منها فيما جزئية الانفاق يرى مجلس الدولة عدم ربط هذا الدعوى بمقدرة الشخص او ربطها بتحريك الدعوى صاحب الشأن ولا يرى ربط تحريكها بشكوى صعوبة في الامر وعدم تنفيذ بتحريك من المستفيد.
من جانبه قال سعادة محمد الزدجالي بأن دافع النفقة عليه الاذعان لما صدر عن المحكمة بحقه في مثل هذه القضايا الانسانية والمجتمعية ومع قدرته على ذلك في الدفع للمستحقين لهذه النفقة تحت نظر ومرأى المحكمة في مثل هذه القضايا الاجتماعية.
من جانبه قال المكرم الشيخ زاهر بن عبد الله العبري تعتبر هذه المادة المتحكم الاول بالاوضاع بالحياة الاجتماعية للاسرة والتي يجب ان تكون مليئة بالمحبة والرحمة وهذه المادة جاءت متناسقة مع الحياة فان سُد باب التلاعب بهذا الباب سوف تقفل الطريق امام المستهترين والمتلاعبين وعلى ان تستقطع النفقة بصورة تلقائية من راتبه والتي يجب أن تكون مقدمة على سائر الديون وصدر فيها حكم نهائي حيث تم التصويت على هذه المادة في ختام الجلسة.
وفي ختام الجلسة المشتركة لمجلسي الدولة والشورى والتي خصصت لاستعراض أوجه التباين بين المجلسين في بعض مواد مشروع قانون الجزاء، أشاد معالي الدكتور رئيس مجلس الدولة بالروح المسؤولة التي سادت الجلسة المشتركة والتي اكدت على مدى حرص الجميع على النقاش الهادف الذي يحقق المصلحة العامة شاكراً لهم حضورهم ومشاركاتهم القيمة .
جدير بالذكر ان الجلسة تأتي عملا بإحكام المادة (58 مكرر 37) من النظام الأساسي للدولة التي تنص على: "انه في حال اختلف المجلسان بشأن مشروعات القوانين اجتمعا في جلسة مشتركة برئاسة رئيس مجلس الدولة وبدعوة منه لمناقشة أوجه الاختلاف بين المجلسين ثم التصويت على المشروع في ذات الجلسة، وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، وفي جميع الأحوال على رئيس مجلس الدولة رفع المشروع الى جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ مشفوعا برأي المجلسين".