[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
” علينا إدراك حقائق مهمة:أن المشروع الصهيوني كل متكامل لا يحتمل التجزئة. قلتها منذ زمن طويل: إن الكيان لن يتنازل عن السيادة الفعلية على متر واحد من الأرض الفلسطينية من النهر إلى البحر. وبالنسبة إلى غزة, لديه استعداد للمساومة على قطاعها (لاعتبارات دينية توراتية) ولكن بشروط تحكمها تصوراته. الكيان بصدد سن قانون تشريعي ينص على "أن دولة إسرائيل هي من النهر إلى البحر" ــــــــــــــــــــــــــ
أمام هذا التراجع في المشروع الوطني الفلسطيني, ولأن من نواجه, هو عدو شايلوكي فاشي عنصري شرس, عدواني ومتعطش لسفك دمائنا دوما, عدو اقتلاعي قائم على نفي وجود الأصل, الذي هو شعبنا, أرضنا, وحتى أسماء قرانا ومدننا, بالتالي فإنه يكتسب سلوكا متوائما مع مواصفاته بالضرورة, سلوك يتطور في تسارع انتشار أيديولوجيته العنصريته, وآليات وأشكال قمعه وكرهه للآخر باضطراد, مع مضي السنوات قدما على إنشائه! بدليل ما يحصل في شارعه (وليس كلمة مجتمعه لأن استعمالها خطأ في حالة الكيان) من انتشار للتطرف والحقد القميء, ليطال نسبا أكبر من ساكنيه اليهود, سنة بعد سنة. استثنائية هذا العدو الاستعمارية تفرض بالضرورة أشكال مقاومة استثنائية في مواجهته بداية, على طريق مراكمة الإنجازات وصولا إلى الانتصار عليه. الخروج من المأزق, أراه ككاتب فلسطيني انخرط في صفوف هذا النضال منذ بداياته,وما يزال, يتمثل في جملة من الخطوات والحقائق التالية:
الخطوة الأولى تبدأ بقراءة هذا العدو, فإذا كان سقراط قد لخص العلاقة بين "الانا" و"الآخر" بكلمتبن اثنتين: "إعرف نفسك", فإن القائد الفينيقي القرطاجي الكبير حنيبعل, قد لخص معادلة الانتصار في الحرب, بقوانين ثلاثة: إعرف عدوك, فاجئه, لا تقع أسيرا بين يديه. لقد انتحر حنيبعل عندما حاصره الاعداء. إسرائيل ما زالت تطبق ذات القوانين الحربية الحنيبعلية: إنها تقرأ العرب جيدا, تفاجؤهم في حروبها. الكنيست بصدد سن مشروع قانون يتيح للجيش الإسرائيلي قتل جنوده وضباطه, إذا تم أسرهم من قبل الفلسطينيين والعرب.القراءة تعني كافة مجالاته,إنجازته, اقتصاده, تطوره العسكري, تفاصيل شارعه, والأهم ثغراته ( وما أكثرها).
الخطوة الثانية: الانطلاق في مقاومته, من ظروف الواقع الفلسطيني نفسه, السياسي, الديموغرافي والتضاريسي (فماذا نفعل إن لم نمتلك جبال سيرا ماستيرا وأدغال فيتنام؟ أنندب حظنا؟!), وبناء آليات ووسائل مقاومة تنطلق من خصوصيات هذه التضاريس.
الخطوة الثالثة: العمل على انخراط كافة الفلسطينيين في كل مواقعهم في النضال الوطني, بكافة الأشكال والوسائل, على قاعدة أن كل وطني فلسطيني سيظل مستهدفا من هذا العدو,إن لم يكن اليوم, فغدا. انخراط الفلسطينيين في النضال ليس ترفا,بل واجب وطني عام, وحتى شخصي, تحتمه القضية.ليس من حق مطلق فلسطيني الهرب من هذا النضال, تحت أي ظرف أو سبب, إلا إذا كان مستغنيا عن فلسطينيته وبلده, وهؤلاء وما أكثرهم, شعبنا ليس بحاجة إليهم.
الخطوة الرابعة: ان شعار "مقاومة العدو" شعار عريض بإمكانه أن يجمع الكثيرين من الفلسطينيين, في كل أماكن تواجدهم في الوطن والشتات, ليس نظريا بالطبع بل آلية ممارسة على الأرض, لا سيما في ظل تنظيم َمثَل على الأرض.
إدامة الاشتباك مع هذا العدو بفعل التنظيم المَثَل, بكافة الأشكال والوسائل: بالسكين, بأسلحة مبتكرة وفقا للإمكانيات المتاحة ( أصبح شعبنا خبيرا في ابتكار وسائل في مقاومة العدو) هذا يعني: أن كافة أشكال المقاومة بما فيها الشعبية, والأبرز منها المقاومة المسلحة, مطروحة. أدرك أن ظروفا كثيرة منها, بل من أهمها وجود العملاء( ويتوجب العمل على تصفيتهم كمهمة ضرورية) وافتقاد المال, وصعوبات أخرى تحول دون تنفيذ حالة الاشتباك الدائمة مع العدو, مهمة التنظيم الفلسطيني المَثَل, الذي سيقود شعبنا (من التنظيمات الحالية أو القادمة) إلى طريقة النصر, يتوجب أن تتمحور حول توفير ولو الحد الأدنى لأسس إبقاء هذه الحالة من الاشتباك الدائم مع العدو. من الجانب الآخر,فإن الجرائم الصهيونية المقترفة بحق شعبنا بشكل يومي, تفرز بين صفوف شعبنا ارتفاعا في منسوب التحدي لديهم وبخاصة لدى الشباب. وصلت حالة التحدي إلى شكل, يقوم فيه شباب وشابات كثيرون بعمليات فردية بعيدة عن التنظيمات.أليس ذلك من المآسي؟. كل ذلك مضافا إلى برنامج سياسي تمتلكه قيادة محترفة, لا تساوم, قيادة ميدانية ثورية جيفارية في مضمونها وأساليبها ونهجها. قيادة تحسم الخط الفاصل بين الحياة والاستشهاد لعضويتها بعيد عن التنظير والمنظّرين الذين في معظمهم يعيشون اغترابا عن الواقع, يتوهموت أنهم ما زالو يعيشون المرحلة الأولى من عشرينيات القرن الماضي ,بما يكتبونه أساليب ولغة فجّة , نيّة تنطق بها حروفهم وكلماتهم . قيادة لها هدفها الاستراتيجي, تفصّله على مقاس سياساتها اليومية, أسواء كانت في الداخل الفلسطيني أو الخارجو مع أخذها بعين الاعتبار, أن لا هانوي مجاورة لفلسطين, ننطلق منها, ولن تكون في المدى المنظور! فالوضع العربي بشكل عام في مسار انحداري متسارع نحو الحضيض, يظل الأمل منصبّا على الشرائح الشعبية العربية, البعيدة عن القوى التقليدية الحالية العاجزة والعجوزة , ولو جاءت ظروف مساعدة لوجود هانوي , فلن يُسمح لها بالاستمرار.
الخطوة الخامسة : أن حالة الاشتباك الدائم, ولو حتى بحدها الأدنى, ستساهم بتطويرها المستديم في تحويل الاحتلال الصهيوني إلى مشروع خاسر بالمعاني الديموغرافية البشرية,الاقتصادية, الإعلامية والمعنوية.ولعلني أستشهد بحادثة تاريخية,أعتقد أنني قرأتها في أحد جزئي كتاب "الاركان السوفياتية في زمن الحرب" للجنرال شتيمينكو, وقد عمل مساعدا لستالين. طلب الأخير من قادة قواته الجوية ,القيام بقصف برلين. كان ذلك في الوقت الذي كانت فيه القوات النازية تحاصر لينينجراد ,ونقف على أبواب موسكو! استغرب قائد القوات الجوية الأمر. بعد كل مرة يفشل فيها الطيران, كان يبلغ ستالين,فيأمره بالمواصلة. الطلعة 17 فقط ,نجحت فعانقه ستالين, شتيمينكو يعتقد: أن هدف ستالين كان هو رفع الروح المعنوية للجيش وللشعب السوفياتي في تلك المرحلة, كما شكّل تواصول قصف برلين, رسالة للنازيين.
علينا إدراك حقائق مهمة:أن المشروع الصهيوني كل متكامل لا يحتمل التجزئة. قلتها منذ زمن طويل: ان الكيان لن يتنازل عن السيادة الفعلية على متر واحد من الأرض الفلسطينية من النهر إلى البحر. وبالنسبة إلى غزة, لديه استعداد للمساومة على قطاعها (لاعتبارات دينية توراتية) ولكن بشروط تحكمها تصوراته. الكيان بصدد سن قانون تشريعي ينص على "أن دولة إسرائيل هي من النهر إلى البحر" , بالطبع هذ, اوإذا ما سمحت الظروف السياسية المواتية لقادته, سيقوم باحتلال أراض عربية جديدة سيضمها إليه كهضبة الجولان.تكامل المشروع الصهيوني يعني: أنه إن وصلت إسرائيل إلى وضع تسمح فيه بقيام دولة مستقلة على كامل الأراضي المحتلة ذات سيادة فعلية( وهو المطلب الفلسطيني), حينها سيكون كيانها قريبا من الانهيار, بمعنى أن إسرائيل لن تحتمل إلا هزيمة واحدة, وهي آتية بالحتم,طال الزمان أم قصر. العنوان يكون ناقصا بالطبع ما لم نتحدث عن التنظيمات الفلسطينية, نتركها لمقالة الخميس القادم.