”لقد أشارت روسيا على سبيل المثال أنها اعتقلت 25 مواطنا أوكرانيا على علاقة بمؤامرة ارهابية مزعومة ضد أهداف داخل روسيا، لجماعة أوكرانية متطرفة تسمى (القطاع الأيمن). وأنا أشك أن قليلين خارج فقاعة الدعاية الروسية يصدقون هذه المزاعم إلى أن يروا دليلا قاطعا عليها.”
ـــــــــــــــــــــــــ
يبدو التغير الذي أصاب التعاطي الأوروبي مع روسيا بسبب ضمها لمنطقة القرم أمرا مألوفا حيث يذكرنا بما حدث لوجهات نظر الولايات المتحدة عقب قرارها بغزو العراق.
في الحالة العراقية لم يكن الأمر مجرد اختلاف مع العدوان العسكري الخاص هو الذي يغير الأفكار حول روسيا، ولكنها الطريقة الوقحة التي بدا أن كبار المسئولين يكذبون بها لتبريرها. فهؤلاء يعلمون ما نعلمه اليوم عن العراق أيام صدام حسين وصورة وزير الخارجية الاميركي في ذلك الوقت كولين باول وهو يمسك بدليل اسلحة الدمار الشامل غير الموجودة في 2003 في مجلس الأمن ماثلة أمام أعيننا.
إن بوتين بكل وضوح لا يأبه كثيرا لما يفكر فيه باقي دول العالم، بيد أن هذا النوع من انعدام الثقة له أثر.
لقد أشارت روسيا على سبيل المثال أنها اعتقلت 25 مواطنا أوكرانيا على علاقة بمؤامرة ارهابية مزعومة ضد أهداف داخل روسيا، لجماعة أوكرانية متطرفة تسمى (القطاع الأيمن). وأنا أشك أن قليلين خارج فقاعة الدعاية الروسية يصدقون هذه المزاعم الى ان يروا دليلا قاطعا عليها.
بالمثل عندما تقول روسيا بعد ذلك ان شركة غازبروم الروسية صاحبة احتكار الغاز الطبيعي لا تستخدم صادراتها كسلاح سياسي (بعدما رفعت سعر الغاز على أوكرانيا إلى نحو 40% أعلى مما تتقضاه من دول الاتحاد الاوروبي الغنية) فإن هذه المزاعم تقابل بالسخرية.
أشير في هذا المقام الى مكالمة هاتفية تم اعتراضها بين دبلوماسيين روسيين وتم نشرها مؤخرا على موقع يوتيوب وتبين كذلك بلغة ملونة التحدي الذي تواجهه روسيا. ففي هذا التسريب، ناقش السفير الروسي لدى اريتريا ايجور تشوباروف والسفير الروسي لدى زيمبابوي ومالاوي سيرجي بخاريف جهودهما لدفع دول افريقية صديقة لروسيا لمعارضة قرار الامم المتحدة الشهر الماضي ضد ضم القرم.
في هذه المحادثة هنأ تشباروف بخاريف على نجاحه في حث زيمبابوي على تفهم الوضع الصحيح في أوكرانيا. بالمقابل فاجأت أريتريا الدبلوماسيين بالرفض مما دفع بخاريف للتساؤل هل جن هؤلاء. ومضى الرجلان يتحسران على عدم النجاح إلا في اقناع دولتين أفريقيتين فقط هما زيمبابوي والسودان فقط للوقوف بجوار روسيا. ومن بين 193 دولة عضو بالأمم المتحدة وقف بجانب روسيا 10 دول فقط من بينها سوريا وبيلاروسيا وكوبا وفنزويلا.
في الواقع قد لا يهتم بوتين للأمر ولكن الأضرار بصورة روسيا سيظل يضر بكافة القضايا الأخرى. فإذا كان يظن غير ذلك فيجب أن يسأل وزارة الخارجية الأميركية.

مارك شامبيون
عضو هيئة التحرير ببلومبيرج فيو خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز – خاص بالوطن