[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2015/09/sayed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]السيد عبد العليم[/author]
” .. تأتي الأهمية الاقتصادية من خلال تفعيل منفذ الربع الخالي الحدودي لقيام المشروعات الاستثمارية والخدمات المصاحبة لهذا المنفذ من التموين والوقود على الطريق من وإلى المنفذ الذي يفتح بدوره مجالات عمل لأبناء المناطق القريبة على وجه الخصوص والمحافظات الأخرى ويكون رافداً مهماً أيضا للتجارة الدولية بين السلطنة والمملكة العربية السعودية والدول القريبة منهما.”
ــــــــــــــــــــــــ
أكدت السلطنة والسعودية على الإسراع بفتح مشروع طريق الربع الخالي. جاء ذلك خلال لقاء معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات بمعالي سليمان بن عبدالله الحمدان وزير النقل بالمملكة العربية السعودية الشقيقة على هامش اجتماع وزراء النقل والمواصلات بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي انعقد في الرياض قبل أيام. واستعرض الجانبان المراحل التي وصل إليها مشروع الطريق الذي يربط السلطنة بالمملكة العربية السعودية، والآفاق الاقتصادية والتجارية التي سيفتحها المشروع من خلال تسهيل عملية التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين.
وأكدت السلطنة انتهاءها من هذا المشروع الحيوي المهم واستعدادها لتفعيل استخدامه متى ما ارتأت المملكة جاهزيتها للبدء بالتشغيل. في حين أكد الجانب السعودي على أهمية الإسراع في افتتاح المنفذ للاستخدام. ووضح أن الطريق منتهٍ تقريبا، حيث وصلت نسبة إنجازه حوالي 97% مشيرا إلى أن بعض الجهات التي لها علاقة بافتتاح الطريق لم تنته بعد. ووعد بمتابعة الموضوع مع تلك الجهات وافتتاحه في أقرب وقت ممكن.
وكانت شرطة عمان السلطانية في مطلع الشهر الجاري نفذت تمرينا للتشغيل التجريبي لمشروع منفذ الربع الخالي الحدودي البري، للتأكد من الجاهزية. وذلك بعد اكتمال المشروع الذي يربط بين السلطنة والمملكة العربية السعودية. وقد زار معالي الفريق حسن بن محسن الشريقي المفتش العام للشرطة والجمارك المنفذ، واطلع على سير فعاليات التمرين. في خطوة تبشر بقرب الافتتاح الرسمي لهذا المعبر الحدودي الذي يدشن لمرحلة جديدة في العلاقات بين الاشقاء بما يعود بالنفع على البلدين وبلدان اخرى في المنطقة.
ينطلق الطريق البري الطويل الذي يربط السلطنة بالمملكة العربية السعودية من الجانب العماني من دوار تنعم بولاية عبري بمحافظة الظاهرة وحتى منطقة رملة خيلة على الحدود السعودية ويبلغ طوله 155 كيلو مترا تقريبا. ومن الجانب السعودي يبلغ طول الطريق نحو 566 كليو مترا عبر منطقة الربع الخالي، يبدأ بالاتصال بطريق حرض ـ بطحاء ويستمر باتجاه حقل الشيبة السعودي بطول 319 كيلو مترا، ثم من حقل الشيبة حتى المنفذ الحدودي مع السلطنة بطول 247 كيلو مترا.
وقد تم إنفاق أكثر من 200 مليون ريال عماني من قبل حكومة السلطنة على البناء على أراضيها في حين أنفق الجانب السعودي ما يقرب من مليار ريال سعودي على الطريق. ويختصر الطريق الجديد المسافة إلى المملكة العربية السعودية بحوالي 500 كيلومتر. حيث تصل المسافة بين السلطنة والمملكة العربية السعودية عبر الإمارات العربية المتحدة ما يقرب من 2000 كم.
بداهة فان تعبيد طريق بشكل عام، يمثل احد مقومات النمو الاقتصادي في اي بلد. وذلك لان الأمر لا يقتصر على اقامة طريق اسفلتي تسير عليه المركبات فقط. ففضلا عن اهميته في عملية نقل الافراد والبضائع، بل انه ـ في الواقع ـ يحيي المنطقة التي يمر بها وخاصة على جانبيه من حيث اقامة منشآت تخدم الطريق ومرتاديه. بالطبع سوف يتم توصيل المرافق على طول الطريق من كهرباء لانارة الطريق ومياه وابراج للاتصالات اضافة الى محطات الوقود والمساجد والاستراحات الامر الذي يشجع النمو العمراني على جانبي الطريق. بما يؤدي الى اقامة مقاهي ومطاعم وفنادق ومراكز تسوق على جنبات الطريق. وبما يشجع على الاستثمار العقاري على جانب الطريق فيتم اقامة بنيات سكنية وتجارية. وكل ذلك يمثل استثمارا وفرص عمل وتحريك لعجلة الاقتصاد.
ويمثل هذا الطريق اهمية كبرى على صعيد السفر من السلطنة لأداء شعائر الحج السنوية والعمرة المستمرة طيلة العام. فبعدما كان الامر يستغرق عن طريق البر عبر الامارات العربية المتحدة نحو ثلاثة ايام، فانه بعد افتتاح المنفذ الحدودي بين السلطنة والسعودية فإن الوقت يمكن أن يتقلص الى نحو الثلث بحيث يمكن اجتياز المسافة في نحو يوم واحد فقط بدلا من ثلاثة ايام. الامر الذي سينعكس ايجابا على كلفة اداء الحج والعمرة برا.
ومن الناحية الاقتصادية، يشكل طريق الربع الخالي أهمية اقتصادية كونه يعد المنفذ الثاني الذي يربط دول مجلس التعاون الخليجي مع السلطنة والتي بحكم موقعها الجغرافي لا ترتبط مع دول المجلس إلا بمنفذ حدودي مع دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث ينتظر أن يفتح هذا الطريق الهام آفاقا اقتصادية واعدة بين كل من السلطنة والمملكة العربية السعودية الشقيقتين والجارتين والبلدين الاكبر بين بلدان مجلس التعاون الخليجي، خاصة وأن الطريق يعد المنفذ الوحيد الذي يربط بين البلدين الشقيقين.
هذا فضلا عن تيسير التبادل التجاري بين البلدين، حيث من المتوقع أن يساهم الطريق في تحقيق نمو كبيرا في تجارة الماشية، والسيارات، وكذلك المنتجات الزراعية. كما سيؤدي المنفذ البري الى تسهيل عملية الإجراءات الجمركية من خلال تخفيض نسبة الجمارك للبضائع المستوردة حسب الاتفاقيات الموقعة بين البلدين تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي بما يعزز دور المنفذ كمركز إقليمي صاعد، الأمر الذي سيخدم عبور البضائع من وإلى ميناء الدقم وسيخدم كذلك النشاط التجاري من وإلى ميناء صحار الصناعي.
كما يمر الطريق المؤدي لمنفذ الربع الخالي في المنطقة الرئيسية لإنتاج النفط والغاز بالسلطنة، كما أن الشارع القائم إضافة لمسار خط القطار الخليجي المقترح تمثل كلها عوامل رئيسية في إنجاح عملية الاستثمار والمشاريع الاقتصادية من حيث توفر الطاقة اللازمة لتشغيل هذه المشاريع إضافة لخطوط نقل المواد الخام وتصدير وتسويق المنتجات المصنعة والمنتجة.
وتأتي الأهمية الاقتصادية من خلال تفعيل منفذ الربع الخالي الحدودي لقيام المشروعات الاستثمارية والخدمات المصاحبة لهذا المنفذ من التموين والوقود على الطريق من وإلى المنفذ الذي يفتح بدوره مجالات عمل لأبناء المناطق القريبة على وجه الخصوص والمحافظات الأخرى ويكون رافداً مهماً أيضا للتجارة الدولية بين السلطنة والمملكة العربية السعودية والدول القريبة منهما.
وفي الواقع فان هذا الربط البري بين الشقيقتين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية يقطع شوطا طويلا في اطار الربط الاوسع عبر الطرق البرية والسكة الحديدية المقررة بين بلدان دول مجلس التعاون الخليجي، التجمع العربي الاكثر نجاحا وفعالية حتى الحين.
ونظراً لارتباط هذا الطريق بطرق محورية رئيسية فهو كذلك سيكون حلقة وصل رئيسية إلى كافة الدول التي لها حدود مباشرة مع المملكة، بما يعود بالفائدة في نشاط النقل بشكل عام ونقل وشحن البضائع والمهمات الأخرى التي تحتاجها تلك الدول بشكل خاص. كما ان هذا الطريق سيكون طريقا حيويا مفيدا ليس لابناء السلطنة والمملكة فقط، بل للمقيمين فيهما ايضا والبلدان المجاورة لهم. حيث سيتستفيد بشكل كبير من هذا الطريق المصريون والسودانيون المقيمين في السلطنة، وذلك لتيسير سفرهم برا وبسياراتهم إلى بلدانهم من السلطنة عبر السعودية إلى مصر او السودان. بما يمثل في النهاية عنصر ربط اساسي لبلدان المنطقة ويكتمل ذلك باقامة الطريق البري المرتقب بين المملكة العربية السعودية ومصر. وذلك بغية اقامة شبكة ربط تختصر المسافات بين ابناء البلدان العربية بما يمثل خطوة في الاتجاه العملي نحو التكامل والوحدة بين بلدان المنطقة بعد طول انتظار.