[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]

علمنا من مصادر خارجية، ان السلطنة ودبي وأبوظبي تسعيان لمنافسة منطقة الكاريبي في اجتذاب الرحلات السياحية البحرية لا سيما في فصل الشتاء في النصف الشمالي من العالم، وهي مؤهلة لذلك، كما كشف لنا مدير في شركة سياحية تدير منتجعا سياحيا شاطئيا واعدا في صلالة، أنجزت منه حتى الآن فندقين ضخمين، كشف لنا مؤخرا عن رحالات طيران مباشرة من اوروبا إلى صلالة خاصة بالمنتجع غير الرحالات الشتوية الحالية التي تتوزع على بقية فنادق خمس نجوم الأخرى، وتحدثنا معه عن تصورات لتفعيل المناشط الداخلية التي تتطلبها السياحة الشتوية خاصة في الصحراء التي يعشق مناخها وهواءها وترابها السائح الاوروبي.
ويأتي رهان بلادنا على الرحلات السياحية البحرية على وجه الخصوص في ضوء تزايد الرحلات السياحية البحرية على موانئها المختلفة سواء في مسقط أو ظفار أو صحار أو الدقم، وهذه موانئ تقع على بحار مفتوحة، وبعضها بعيد كل البعد عن مناطق النزاع والتوترات، وهذا ما دفع بالحكومة إلى تحويل ميناء السلطان قابوس إلى ميناء خاص بالرحلات السياحة البحرية، والتفكير في تخصيص ارصفة خاصة في بقية الموانئ لمثل هذه الرحلات السياحية، وتلكم خطوات ضرورية لصناعة سياحة اقتصادية بغية تنويع مصادر دخلنا القومي، لكن، تظل هناك ظواهر صغيرة تعكر صفو سياحتنا الإقليمية في محافظة ظفار، بل وتمس سمعة بلادنا الحضارية، ولا تعكس حقيقة تلك التوجهات، وهي ظواهر قديمة وليست جديدة، وتعلمها كل السلطات العليا المعنية بالسياحة أو النقل والاتصالات أو حكمنا المحلي، ورغم ذلك لا حل قريب في الأفق، بل إنها حائرة بشأن الجهة المسئولة عنها، وهذه مفارقة كبيرة جدا، إذا هذه السلطات تجهل الجهة المسئولة عنها، فهذه قضية كبيرة، وهنا ينبغي أن نطرح التساؤل حول الجهة الحكومية أو الرسمية المسئولة عن طريق طوله لن يتجاوز كيلو ونصف الكيلو متر من بوابة ميناء صلالة إلى دوار طريق صلالة المغسيل؟ فهذا الكيلو ونصف الكيلو متر قد تحدثنا عنه في مقال سابق، واليوم نجدد حديثا في ضوء الانطباعات السلبية عنه لمسناها من سياح اوروبيين زاروا مؤخرا محافظة ظفار عبر ميناء صلالة في السفينة العملاقة (كوستا فورتونا)، فالطريق متهالك، من جوانبه وحارتيه الصغيرتين المتهالكتين، كذلك لم تعدان تقدمان صورة ايجابية لتطور البنية الاساسية في السلطنة، كما اضافت نقطة التفتيش الامنية التي اصبحت دائمة معاناة أخرى فوق مجموع تلك المعاناة، حيث يمكن ملاحظة طوابير العربات الكبيرة والصغيرة تخضع للتفتيش على مدار الساعة، وهذا احتراز أمني لسنا ضده، بل معه تحسبا لسوأ الاحتمالات، لكننا نتحدث هنا عن مسألتين مهمتين جدا، هما، انتهاء صلاحية هذا الطريق،، ماهية وهيكلية،، والثانية ضرورة فتح طريق خاص لحركة السياحة البحرية في ضوء تزايد مجيء السفن البحرية لصلالة على مدار العام، وفي ضوء تطلعات بلادنا لمنافسة منطقة الكاريبي للسياحة البحرية الشتوية، فهل هذا الطريق يدل أو يعكس ذلك الاهتمام؟ علما بأن هذا الطريق هو الطريق الوحيد الذي تعتمد عليه الحركة التجارية والسياحية و(...) من ميناء صلالة وإليه أو منه لداخل البلاد وخارجها عبر المنافذ الأخرى البرية والبحرية، طريق بقائه حتى الآن يثير مجموعة تساؤلات حول سكوت وصمت تلك الجهات؟ فهو منذ عدة سنوات قد انتهت صلاحيته، ومثلها قد أصبح يسيء للسمعة الحضارية لبلادنا، فلا حياة لمن تنادي، فهل ينتظرون من الاهالي التبرع من اجل ازدواجيته مثلا وهو يخدم الاقتصاد العماني والعالمي معا؟ بل المستفيد منه الاكبر القطاع الخاص المحلي والعالمي، فهل بخل هذا القطاع كذلك بآلاف من الريالات العمانية لهذا الطريق؟ سلبية القطاع الخاص في هذا الطريق تعكس من جهة أخرى طبيعة وحجم المسئولية الاجتماعية لهذه الشركات الكبرى تجاه مجتمعنا المحلي، فالطريق يحمل رسالة واضحة على دوره الاجتماعي الضعيف جدا، فالمفترض ان ينقل هذا الميناء العالمي بشركاته المحلية والعالمية هذه المنطقة الإقليمية من وطننا نقلة تنموية كمية ونوعية، وهو ما لم يحدث حتى الآن، والطريق سالف الذكر رسالة معبرة ودالة على مسئوليته الاجتماعية الغائبة أو المغيبة، فالميناء والشركات المتعاملة معه تنتظر من الحكومة ان تعمل على ازدواجيته دون ان ترى لها دورا فيه، فهى أي الشركات تعمل على مدار الساعة ليلا ونهار على هذا الطريق بنقل مواد ومعدات معروفة وغير معروفة من داخل وخارج محافظة ظفار دون أن نسأل عن ماهيتها ولمن وإلى اين تروح، حتى جبالنا لم تسلم من اطماع الشركات، حيث يتم تحطيمها وكسرها كحجار صماء ونقلها عبر هذا الطريق إلى الميناء للخارج، كيف؟ ولماذا؟ واين مصلحتنا فيها؟ لا أحد يدري، وذلك سبب من اسباب تدهور هذا الطريق، فمن ينبغي أن يقوم بإعادة تأهيله؟
قصة هذا الطريق عجيبة وغريبة، طريق من أصغر الطرق، والكل يقف امامه عاجزا، والكل هنا الجهات الحكومية وشركات عالمية كبيرة، وهو عجز لن يفهم الا اذا ربطناه بطغيان وانانية الشركات العالمية والمحلية واعتمادها المطلق على الحكومة رغم انها المستفيدة الأكبر من هذا الطريق، فهو يخدم ميناء صلالة وكذلك مصانع كبرى انشئت لخدمة الاقتصادين العماني العالمي بعضها قريب من الميناء وأخرى ملاصقة له، وقد لا يعنينا اثارة هذا الطريق لو لا أنه أصبح يمس الوجه الحضاري لبلادنا بسبب تزايد حركة السفن السياحية التي تحمل كل سفينة ليس أقل من الف سائح اوروبي، من هنا نرى أن الحكومة لا ينبغي أن تظل صامتة على هذا الوضع بعد ما عجزت وحداتها والشركات الكبرى من اعادة تأهيل وازدواجية مساحة لن تتجاوز كيلو ونصف الكيلو، والتساؤل المطروح، كيف تعمل الحكومة على الدخول في منافسة خارجية لجذب السياحة الشتوية الأوروبية في ظل مثل هذه البنية الاساسية المتهالكة .. وهذا مؤشر وإن كان صغيرا الا أنه يفتح لنا افاقا كبيرة على أمور تقف عائقا أمام صناعة السياحة الاقليمية، وهذا المؤشر لو اضفنا إليه بعض ظواهر سلبية مرتبطة بخط سير السائح من الميناء إلى محيط خمسة كيلومترات كوضع دوار ريسوت ووضع مكان انتظار سائقي الاجرة بالقرب من فندق هليتون، والمخازن التي ستقام في الجهة المقابلة للفندق، وهي مخازن لا مكان لها في هذه المنطقة السياحية السكنية بامتياز .. لو اضفنا لها مثل هذه الظواهر .. فسوف نجد أن اشكاليتنا مع السياحة تكمن في الفكر وصراع المصالح وتعدد الجهات وتضارب صلاحيتها .. الخ.