[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
تسود مفردات ومفاهيم ومصطلحات في حياة الشعوب والمجتمعات تهيمن على معانيها ودلالاتها وما تنطوي عليه من رسائل ما يناقض التفاهم ، وإذا كان الشيء يُعرف بنقيضه كما يؤكد علماء الصوفية، فإن للتفاهم أكثر من نقيض، وفي مقدمة ذلك الحروب والتلويح بالاسلحة وبث الاشاعات التي تخيف الشعوب، يضاف إلى ذلك وضع الخطط والبرامج التي تؤسس للتفرقة بين أبناء المنطقة الواحدة وصولا إلى بذر الشقاق بين البلد الواحد والأمة الواحدة، وإذا كان التفاهم في معناه العميق ينطوي على رؤية تتفوق على كل مرتكزات نقيضاته، فأن هناك من يعمل على احلال نقيض التفاهم وتسويقه والترويج له باعتباره الوسيلة الافضل لتحقيق التفاهم، ويعتمد اصحاب هذا المسار على مرتكزين رئيسيين، هما:
الاول: زعزعة ثقة جمهور أو قطاع واسع من الناس بقدرة التفاهم على مخاطبة العقل والتفاعل مع جميع المعطيات على طريق بناء ثقة أو ترميم ثقة وتفاهمات تعرضت للنخر أو اصابها التسوس المتعمد وفق برامج تم ترتيبها مسبقا ، وفي مثل هذه المديات يسارع القائمون على مشاريع تفتيت التفاهم لبذر كلّ ما من شأنه تهيئة الاجواء وتغيير المزاج العام والخاص لقبول المحاولات الرامية لتحقيق ذلك الهدف قبل ترسيخ خطواته وبذر ما هو اسوء واخطر ، ويتطلب ذلك من بين ما يتطلب اثارة الشكوك بالثوابت المجتمعية السائدة ، وخلخلت البناء المجتمعي وقلب الصورة المعتمدة في المسارات والسلوك اليومي وخلق صور جديدة تتناقض تماما مع ما كان سائدا، ويتحقق بذلك الهدف الاهم المؤسس للخطوات اللاحقة التي قد تجد منافذ اسهل للتفتيت وتشتيت القدرات وقلب الطاقات الايجابية عند الناس وتوظيف النفس البشرية وفق طاقات سلبية جديدة تتم صياغتها ضمن حسابات دقيقة ، تهدف في نهاية المطاف لالغاء التفاهم وعند ذاك يصبح الفراغ شاسعا ومهيئا لقبول نقيض التفاهم.
الثاني: يتصدر نقيض التفاهم الواجهة على صعيد المفردات والمصطلحات وبعد ذلك تدخل الصورة لتحتل مكانة كبيرة في المشهد اليومي، نظرا لخطورة الصورة وتداعياته التي تتفوق كثيرا على المفردات والمصطلحات، وكما هو معروف في التحليل النفسي والاجتماعي فأن الصورة المبهجة تلامس المشاعر ونادرا ما يكون لها مستقرا في الأعماق خلاف صور اخرى، التي تصدم العيون وتستقر في الذاكرة وتتفاعل والمشاعر وتصبح لصيقة المرء يصعب الفكاك منها ومن تأثيراتها، في مقدمة تلك الصور ما يسيل من دماء وما ترسمه صرخات الاطفال وعويل النساء وبكاء الشيخ الطاعن في السن، والفرق شاسع بين دماء تسيل إثر حادث عرضي واخرى تسيل بفعل البشر وبدوافع مريضة، والفرق كبير بين صرخة الطفل والعويل وبكاء الطاعن في السنّ عندما تكون عرضية وغير متعمدة واخرى بفعل بشر من الاشرار والاقسى أن تكون وراء كل ذلك الاهداف المرتبطة بقضية التفاهم ونقيضه.