تسعى السلطنة من خلال خطة طموحة إلى تعزيز التنويع الاقتصادي، وذلك في إطار تنفيذ الخطة الخمسية التاسعة (2016 ـ 2020)، وذلك عبر استهداف قطاعات اقتصادية خمسة، يأتي على رأسها قطاع الصناعات التحويلية، بالإضافة إلى قطاعات النقل والخدمات اللوجستية والسياحة والثروة السمكية والتعدين، بالإضافة إلى الممكنات الداعمة وهي قطاع سوق العمل، وقطاع التمويل، ويعد قطاع الصناعات التحويلية أحد القطاعات التي تشكل قيمة مضافة تسهم في تسريع وتيرة التنويع الاقتصادي، وفي التقليل من اعتماد الاقتصاد الوطني على النفط، سواء في الإيرادات أو الصادرات، والتقليل من تداعيات الصدمات الخارجية التي تترتب عن التذبذب في أسعار النفط في السوق العالمي.
وبرغم ما تحقق من جهد مُرضٍ في هذا القطاع، يبقى أن قطاع الصناعات التحويلية يحتاج إلى استثمار رؤوس أموال كبيرة، وهذا ما تعمل عليه السلطنة منذ بزوغ فجر النهضة المباركة تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على تشجيع رأس المال الأجنبي للمساهمة في تعزيز التنمية والتقدم في البلاد حتى يسهم في استكمال الاستثمارات المحلية عن طريق الاستثمار في الموارد غير المستغلة، بالإضافة إلى تسهيل نقل التكنولوجيا، والتعريف بإمكانية الاستفادة من القدرات الإدارية، وتحقيق الفائدة من التواصل مع العالم عبر الشركات المتعددة الجنسيات بافتتاح أسواق جديدة للمنتجات العمانية بكل أنحاء العالم.
كما تحتاج الصناعات التحويلية إلى خبرات بشرية تقنية وإدارية متقدمة وإلى أسواق تستوعب المنتجات، فالصناعات التحويلية تنطوي أنشطتها على تحويل المواد الأولية إلى منتجات نهائية أو منتجات وسيطة بعد معالجة المواد الخام المستخرجة من الطبيعة والمواد الزراعية والنباتية والحيوانية وتحويلها إلى منتجات ذات طلب فعال، حيث تتضمن نشاطين متكاملين هما: الصناعات الاستخراجية التي تعتمد على استخراج المواد الأولية والمعادن والثروات الطبيعية من باطن الأرض، والصناعات التحويلية تقوم على تحويل المواد الأولية من شكل إلى منتج جديد من المواد الأولية؛ لذا تحتاج تلك الصناعات إلى عدة مقومات منها الطاقة والمياه والمواقع البعيدة عن السكان والإشراف الحكومي عليها والرأسمال والمواد الأولية وغيرها. وتحتاج بدرجة أساسية إلى إدارة متخصصة وأسواق خارجية واسعة لتصريف المنتجات.
ولكي تصل تلك الصناعات للمعدلات التي تستهدفها الخطة الخمسية التاسعة وهي تحقيق معدلات نمو مرتفعة، قامت الحكومة بدراسة أهم التحديات التي تواجه القطاع سعيًا إلى تعزيز تنمية القطاع الصناعي وجعل السلطنة موقعًا جاذبًا للصناعات التحويلية، وحددت 6 مجالات رئيسية يتم التركيز عليها خلال الخطة الخمسية التاسعة (2016 ـ 2020م) من أجل تحقيق أهداف قطاع الصناعة التحويلية والوصول بمساهمته إلى 15 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة بنهاية عام 2020م، حيث تتمثل هذه المجالات في تعزيز وتنظيم حوكمة القطاع الصناعي، وتوفير إمكانية الوصول إلى مرافق خدمات كافية، وتوسيع نطاق الوصول إلى الأسواق المحلية والإقليمية، وتسهيل وتشجيع مشاركة القطاع الخاص، واستقطاب وتطوير المواهب الوطنية في مجال التصنيع، وتطوير القطاعات الفرعية الواعدة والتي تم تحديدها بقطاعات: البتروكيماويات والمعادن الأساسية والأغذية والمشروبات، والمعادن اللافلزية والآلات والمعدات.
وعلى الحكومة التركيز حاليًّا على توسعة وتحقيق التكامل بين المناطق الصناعية القائمة وإقامة مناطق صناعية جديدة، إضافة إلى زيادة التكامل بين أنشطة الموانئ مع المناطق الصناعية المحيطة خاصة في صحار وصلالة والدقم لتشجيع إقامة الصناعات التحويلية بها، الأمر الذي من شأنه زيادة العوائد الاقتصادية وإيجاد فرص عمل جديدة. وقد قامت وزارة التجارة والصناعة بإعداد عدد من الدراسات في هذا الصدد.