[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
كان الجو هادئا صبيحة الثاني عشر من يوليو 2006، ولم يكن أحد ليعرف أن حربا كبرى ستقع ين حزب الله وإسرائيل، وأن الغرب وفي طليعته الولايات المتحدة وبعض العرب اعتبر الفرصة سانحة لتصفية هذا الحزب واقتلاعه من جذوره.
في حرب المعلومات التي دارت بين الطرفين خسرت إسرائيل اللعبة لأنها اعتمدت على القوة المفرطة وخصوصا طيرانها الذي قد يكون حسم حربا في العام 1967 ضد العرب، إلا أنه لن ينجح في حسم حرب ضد حزب يعيش تجذر الأرض، وكل ما هو خارجها ليس له نصيب في النجاح أمامه.
بعد عشر سنوات على تلك الحرب التي يروق لنا أن نسميها بالتجربة التي تضع الحزب أمام سؤال وجودي، وماذا بعدها؟ بل ماذا يجب أن يكون، خصوصا وأن العدو المستيقظ المحتدم بالثأر المستقوي بأنفاس بعض العرب أكثر مما يشكل له الغرب من أنفاس، لا يمكنه التراجع عن حرب سيراها في تحليلاته النهائية أنها وجودية أيضا بكل الكلمة من معنى، فيما يراها الحزب أيضا رهانا على تفتيت قوتين لدى العدو: جيشه وشعبه، فإن تفتت الأول ظهرت عيوب النشأة الأولى في الثاني، مما كان يخافه قادة إسرائيل التاريخيين وخاصة بون جوريون.
الحرب القادمة لن تكون فقط عسكرية، ولن يحسمها السلاح وحده، فبعد عشر سنوات على حرب الـ33 يوما، تقود إسرائيل فكرة الخوف والتخويف، فهي بقدر ما تحاول معالجة فهمها للحرب المقبلة من باب الخوف منها ومن مصطلحاتها التي قد تدخل فيها بشكل فجائي، وهو مما ترفضه، فهي أيضا تسعى لتخويف جمهورها من احتمالاتها فتقوم بتمارين وهمية كل تمرين فيها يأخذ إلى أفق، بحيث يمكن إقناع الجمهور الإسرائيلي بأنه مقبل على أصعب أيام حياته، بل هي الكارثة التي سينشدها إن وقعت الحرب، وعليه أن يتوقع ما لا يمكن حتى تصوره؛ لأن حزب الله ستكون له قدرات حاسمة في مواضع قد لا تخطر على بال. وبقدر التمسك بحرب سريعة كما هي دائمة روح القتال عند الإسرائيلي الذي لا يملك نفسا طويلا في الحروب ويخاف على جغرافيته من الاختراق كونها ضيقة من حدود النهر إلى البحر، فإن حرب الأيام الطويلة هي المقدسة لدى الحزب، ففي كل يوم معنى ميداني جديد، ويريد أن يثبت ليس فقط قدراته الاستشهادية، بل مهارات السلاح الذي يملك، ثم والأهم المهارات الفردية التي لا يمتلكها الجيش الإسرائيلي. وبعضها استلهام إلهي.
إسرائيل بحاجة إلى حرب بعد عشر سنوات طويلة وقاسية على صبرها، من المعتقد أن خبراءها سواء في الولايات المتحدة أو في الغرب عموما أو حتى في بعض العالم العربي، يقدمون لها دراساتهم في هذا الصدد .. لكنهم جميعا سوف يضيفون اليوم، أن حزب الله لم يدفع آلاف الشهداء في سوريا سوى ليراكم في المقابل تمارينه بالرصاص الحي واللحم الحي، وليكون له بالتالي قدرة في الرد على سؤاله الوجودي .. حيث من الواضح أن الحرب المقبلة لن تكتب نهاية الصراع في عرف الحزب، بقدر ما هي نهاية له في فكر الإسرائيلي وتصوراته وتطلعاته.
نحن إذن أمام قتال الإضاءة على ما بعد الحرب المقبلة، في حين يراها الإسرائيلي إقفالا للصراع، وهو مفهومه كلما دخل حربا، رأيناها بعد هزيمة 1967 في غاية وضوحها، وخصوصا في الأيام التي تلت نهايتها.