[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/khamis.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خميس التوبي[/author]
على الرغم من التورط التركي حتى النخاع في الأزمة السورية ومحاولة الحكومة التركية تقدم الأطراف في معسكر المؤامرة على سوريا بتجديد شهادة اعتمادها بالتعاون مع كيان الاحتلال الصهيوني سيد أطراف معسكر المؤامرة لفرض ما يشبه الكماشة على سوريا (تركيا شمالًا، كيان الاحتلال جنوبًا)، على الرغم من ذلك، فإن الأداء السوري بشقيه السياسي والميداني لا يزال يسير بصورة تتناسب مع طبيعة الأحداث، حيث يواصل الجيش العربي السوري تقدمه في المدن المحورية والمناطق الحيوية كحمص وحلب وريف دمشق والقلمون واللاذقية، إلى جانب المصالحات الوطنية وتسوية أوضاع الشباب السوريين المغرر بهم، ما يمثل أحد مداميك النجاح في بعثرة خيوط المؤامرة وتقطيعها واجتثاث بؤر الإرهاب ورؤوسها، وذلك بإعطاء الجبهة الداخلية التحصينات اللازمة علاجًا ووقايةً، خاصة وأن الشعب السوري بدأ يعي تمامًا خطورة المؤامرة الإرهابية المحاكة ضده، وخطورة عدواها إذا ما انتشرت على كامل التراب السوري، فهناك الكثير من السوريين وتحديدًا الشباب بدأوا يبصرون الحقيقة بعدما تمكن الجيش العربي السوري والقيادة السورية من إجلاء الغشاوة التي وضعتها قوى معسكر التآمر وآلة إعلامها بتزييف الحقائق، وفبركة الأحداث والمشاهد، وتشويه حقيقة الوضع السوري والجهود الطيبة التي تقوم بها الحكومة السورية تجاه شعبها، وتحريض المواطن السوري ليكفر بما به من نعم الاستقرار والأمن والعيش الكريم، وليتخلى عن مبادئه وكرامته وعزته وقوميته وعروبته.
فالمصالحات الوطنية وتسليم المغرر بهم أسلحتهم والاعتراف بأخطائهم، والتأكيد على قيمة الوطن، دليل ساطع على ما ظلت الحكومة السورية تؤكده من وجود مؤامرة كونية إرهابية تستهدف سوريا بأكملها، وبرهان بيِّن كذلك على أن لا أساس لما يروجه المرجفون في الأرض من العصابات الإرهابية التي جلبت من أصقاع العالم من "مساعدة" الشعب السوري حتى تحقيق مطالبه. فالفظائع والجرائم التي ترتكبها العصابات الإرهابية والتي رآها الشباب السوريون العائدون لحضن وطنهم أو شاركوا فيها ويروونها تباعًا على الفضائيات؛ مثلما هي أقوى دليل على كذب ما يروجه معشر المتآمرين من دعايات وأكاذيب عن دعمهم للشعب السوري، فإنها تبعث الأمل في صحوة شعبية سورية في الداخل وفي الشتات حيث مخيمات اللجوء التي تهان فيها كرامة السوري، ويساوم على عرضه وشرفه مقابل لقمة لا تسد الرمق أو مقابل شربة ماء لا تطفئ الظمأ؛ صحوة شعبية تذوب فيها الاختلافات والتقسيمات والأحزاب. إذ لا يتصور عقلًا ولا يفهم منطقًا أن يشاهد سوري مؤيِّدًا كان أو مشاركًا في تدمير وطنه ويمارس أمامه أبشع صنوف التعذيب والقتل بحق أشقائه ومواطنيه أو تنتهك أعراضهم ويدنس شرفهم من قبل عصابات أجنبية مرتزقة تكفيرية ظلامية امتهنت الإرهاب، ممولة من قبل قوى معروفة بتاريخها الاستعماري الامبريالية وقوى عربية رجعية تاريخها مفعم بالخيانة والتواطؤ، وينظر إلى هذه الجرائم على أنها "حرية وديمقراطية وحقوق إنسان" أو أنها "جهاد".
يبدو أن السوريين المغرر بهم والذين سمحوا لأنفسهم ببيع وطنهم وإعلان التبعية والولاء والانتماء للقوى الاستعمارية الامبريالية وللقوى العربية المتآمرة لم يستفيدوا بعد من معاناة أشقائهم الفلسطينيين وآلامهم الذين يحتضنهم وطنهم سوريا ويقدم لهم العون ويعاملهم معاملة المواطنين السوريين، ولم يتعظوا من حنين هؤلاء الفلسطينيين المهجرين إلى وطنهم فلسطين، ومن نضالاتهم وتضحياتهم لاسترداده، وأن الذي أوصلهم إلى هذه الحال المقيتة هو العدو ذاته الذي يتآمر اليوم على سوريا ويتخذ منهم (السوريين المغرر بهم) أداة لنحر وطنهم السوري، وهو العدو ذاته الذي تسبب في تهجيرهم كالفلسطينيين لتقام لهم مخيمات لجوء شبهها أحد المسؤولين الفرنسيين الذي بلاده منخرطة في المؤامرة بأنها أشبه بحظائر حيوان.
لذلك فإن من يدَّعي دعمه للشعب السوري بتجنيد الإرهابيين والتكفيريين والمرتزقة ويدربهم على الإرهاب والقتل والعنف ويسلحهم ويمولهم ويلوث أفكارهم دينيًّا، هو العدو الذي يجب أن يحذره السوريون جميعًا، وادعاؤه بأنه صديق أو محب أو داعم للشعب السوري كذب محض مردود عليه. فالصديق والمحب والداعم لا يحرض على الإرهاب والدمار والخراب ولا يثير الفتن الطائفية والمذهبية بين أبناء الشعب الواحد وبين الأشقاء والأصدقاء والإخوة في العقيدة والدم، ولا يوغر صدور المواطنين ضد وطنهم وجيشهم وقيادتهم. وعلى ذلك فإن الانخراط التركي وبعض القوى العربية الرجعية في المؤامرة على سوريا وتلطخها بدماء السوريين منافٍ لما يروج جملةً ومضمونًا من شعارات وأخلاقيات وأدبيات وإنسانيات وحريات، بل إن هذا الانخراط المباشر وغير المباشر منافٍ للقيم والمبادئ الإنسانية وخرق فاضح للقانون الدولي وانتهاك لسيادة سوريا العضو في الأمم المتحدة والعضو المؤسس لجامعة الدول العربية، وبالتالي فإن المنخرطين في المؤامرة لا يخدمون سوى سيدهم كيان الاحتلال الصهيوني الطرف الأصيل في المؤامرة الذي لا يزال يعمل على تصفية القضية الفلسطينية والتخلص من الشعب الفلسطيني والذي للأسف باتوا يرون فيه المثل والقيم والخير والظهير والسند لتدمير شعوب المنطقة ودولها، وأنه القادر على تحقيق أحلامهم أو بالأحرى حماقاتهم وإشباع مراهقتهم. فمتى نرى صحوة شعبية سورية ليقوى بها الداخل ويتحصن؟