بأمنيات تحقيق رقم قياسي جديد ورفع علم السلطنة في محيطات العالم
بعد فترة وجيزة من تحقيق فريق القارب العُماني مسندم عُمان للإبحار لرقمهم القياسي الجديد في الإبحار حول جزيرة إيرلندا الشهر الفائت، يعتزم الفريق الآن خوض سباق كلاسيكي لعبور المحيط الأطلسي من مدينة كيوبك الكندية إلى مدينة سانت مالو في فرنسا، وخصمهم في هذا التحدي هو قارب سبيندريفت 2 الذي يعتبر أكبر قارب ثلاثي البدن على وجه الأرض، ففي حين لا يتجاوز طول القارب مسندم عُمان للإبحار 70 قدمًا (21 مترًا) يصل طول قارب سبيندريفت 2 إلى 130 قدمًا (40 مترًا)، أي ما يقارب ضعف الحجم، وكما أن القارب مسندم يسير بطاقم يقل بسبعة بحّارة عن طاقم القارب سبيندريفت 2.
وانطلقت قوارب الفئة الضخمة في هذا السباق من نهر سانت لورانس في مدينة كيوبك يوم امس عند الساعة الثالثة عصرًا بتوقيت كندا، أي حوالي الساعة 11 ليلًا بتوقيت السلطنة، وسيكون عليهم عبور مسافة السباق البالغة 2897 ميلا بحريا (5365 كلم) في زمن أقصر من الرقم القياسي السابق الذي سجله أسطورة الإبحار المحيطي لويك بيرون عام 1996م في 7 أيام و20 ساعة و24 دقيقة.
ويبدو أن التنبؤات الجوية تشير إلى نسمات هوائية مناسبة لتحطيم الرقم القياسي السابق، وهو الأمر الذي يبعث الحماس في نفوس طاقم مسندم عُمان للإبحار بقيادة الفرنسي المخضرم سيدني جافنييه، وساعده الأيمن العُماني فهد الحسني والأيرلندي داميان فوكسال، والإسباني أليكس بيلا، علاوة على العضو الجديد مايول ريفيت. أضف إلى ذلك أن مجرد التفكير في منافسة قارب ضخم مثل سبيندريفت 2 في سباق محيطي كهذا يبعث قشعريرة الإثارة في نفوس هؤلاء المغامرين، ويدفعهم إلى التطلع إلى أبعد من التوقعات.
وهو الأمر الذي أشار إليه الربان الفرنسي سيدني جافنييه الذي خاض هذا السباق ثلاث مرات سابقًا، حينما قال في سياق الاستعدادات: «إن عرض القارب سبيندريفت 2 وحده يتجاوز طول قاربنا مسندم، فلك أن تتصور ضخامة هذا القارب ومتعة المنافسة معه، ولكننا نعلم يقينًا بأن الأضخم لا يعني الأقوى بالضرورة وهو أمر أثبتناه في الميدان عندما هزمنا قارب سبيندريفت 2 في الإبحار حول بريطانيا وإيرلندا قبل عامين. ولكننا ندرك في الوقت نفسه أن مسار السباق حينها كان يتضمن العديد من زوايا الالتفاف والدوران بعكس السباق في المحيط الأطلسي الذي سيكون خطًا سريعًا ومباشرًا في معظمه بمجرد خروجنا من مياه نهر سانت لورانس ودخولنا إلى المياه المحيطية المفتوحة، وهنا نتوقع أن يكون القارب سبيندريفت أسرع من قاربنا بواقع خمس عقدات».
وأضاف جافنييه: «أتوقع بأن حظ القارب سبيندريفت 2 سيكون أوفر في إمكانية تحطيم الرقم القياسي الذي سجله لويك بيرون قبل عشرين عامًا، ومع التنبؤات الجوية الحالية أتوقع أن أمامنا فرصة كذلك لختام السباق في زمن قياسي أقل من 7 أيام، و20 ساعة، و24 دقيقة».
ولكن قبل بدء المعركة الشرسة بين الضخم والأضخم والقوي والأقوى سيكون على القاربين سبر طريقهما خلال نهر سانت لورانس الذي تتخلله الضفاف الرملية، وجذوع الأشجار الطافية، وأنواع مختلفة من الحيتان، وهو الأمر الذي جعل النهر مثالًا يضرب لاختبار قدرات الملاحين.
وعن خطورة الإبحار في مياه نهر سانت لورانس قال داميان فوكسال، ملّاح القارب مسندم: «رأينا أحد القوارب تصطدم في اليابسة عند انطلاق القوارب الأصغر أحادية البدن قبل يومين، وقبل ذلك عندما أتينا بالقارب من فرنسا ودخولنا إلى مياه النهر صادفنا حوتين من حيتان المنك، وحوتًا أحدب، ومجموعة كبيرة من حيتان البيلوجا البضاء، لذلك سيكون علينا توخي أقصى درجات الحذر في مياه هذا النهر».
وأكمل فوكسال حديثه وقال: «سنحتاج إلى يومين تقريبا للخروج من مياه النهر والوصول إلى منطقة جراند بانكس، وسمحت لنا اللجنة المنظمة أن نبحر في مسار أقل جليدًا في هذه المنطقة، وهو خبر مفرح لنا وسيزيد من احتمالات تحقيقنا لرقم قياسي جديد. كما توجد سلسلة من التيارات الهوائية الجيدة القادمة من كندا، والتي ستخلق لنا القوة الدافعة التي نحتاجها لعبور الأطلسي بسرعة كبيرة».
وختم فوكسال حديثه وقال: «من خلال التنبؤات الحالية تبدو الفرصة مواتية لختام السباق في زمن أقل من سبعة أيام، وأتمنى أن نستطيع تسجيل رقم قياسي مع قارب سبيندريفت كذلك».
ولكن التنبؤات للظروف المواتية
لاتعني بأية حال ظروفًا مريحة حسبما أضاف الربان سيدني جافنييه، حيث تكثر الجبال الجليدية، والأمواج العالية، والحيتان، ولكن الرحلة ستكون مغامرة لا تنسى بكل تأكيد.
وأردف جافنييه معلقًا على ذلك وقال: «ستكون الظروف المحيطية قاسية جدًا، فالمياه ستحيط بنا من كل الاتجاهات، وتتشبع بها ملابسنا طوال الوقت، ومن شدة الظروف سيكون علينا أحيانا الحبو على ظهر القارب وشباكه عند الخروج من قمرة القيادة، ولأننا جميعًا محترفون سنعمل من أجل خوض سباق احترافي وخوض مغامرة ممتعة لنا جميعًا».
وأضاف جافنييه عن هذا السباق بالنسبة له: «يعد سباق كيوبك – سانت مالو سباقًا كلاسيكيًا، يمكن مقارنته بالطواف حول كيب هورن أو حول رأس الرجاء الصالح، وهو أحد السباقات الأسطورية التي لا تنسى في المسيرة المهنية لأي بحّار محيطي محترف».
ومع أن هذه المشاركة الأولى للبحّار العُماني في هذا السباق وهذا المسار البحري، إلا أنه مخضرم في السباقات المحيطية، حيث بدأ مسيرته الاحترافية في إدارة دفة القوارب المحيطية في أول سباق محيطي لقوارب المود 70 في عام 2012م، وتحديدًا في سباق كريس أوشن ريس من نيويورك إلى مدينة بريست في فرنسا.
وعندما حملته الذكريات إلى بداياته قال فهد: «كانت تلك أول تجربة لي في عبور المحيط الأطلسي، وأتذكر شعوري بالبرد والرطوبة طوال السباق، ولكنني أعرف تمامًا ما أنا بصدد مواجهته خلال الأيام القادمة، وأنا متحمس جدًا لخوض التجربة».
وأضاف الحسني: «سنبحر مع اتجاه الرياح طوال مسافة السباق في المحيط الأطلسي الشمالي حتى نصل إلى صخرة فاستنت قبالة الساحل الجنوبي لإيرلندا، ومنها ننعطف جنوبًا باتجاه خط النهاية في سانت مالو. أتوقع أن تكون الظروف مواتية لتسجيل رقم قياسي ثانٍ للسلطنة هذا العام».
تجدر الإشارة إلى أن سباق عبور الأطلسي كيوبك – سانت مالو يقام كل أربع سنوات، ويشارك فيه هذا العام 24 فريقًا بقوارب أحادية البدن ومتعددة الأبدان من أرجاء العالم. كما تجدر الإشارة إلى أن أغلب القوارب قد انطلقت في السباق يوم الأحد الماضي لأنها أصغر حجمًا وأبطأ سرعة، ولكن القارب مسندم عُمان للإبحار مع قارب سبيندريفت 2 سينطلقان مساء الأربعاء، ويهدف هذا التنظيم إلى إعطاء القوارب الأصغر فرصة للتقدم والوصول إلى خط النهاية في سانت مالو في أوقات متقاربة مع القوارب الضخمة المتأخرة.
ومع الترقب المصاحب لهذا التحدي والآمال الكبيرة في تسجيل رقم قياسي جديد للسلطنة، تجدر الإشارة إلى أن اسم القارب مسندم عُمان للإبحار أصبح رديفًا للإنجازات والأرقام القياسية في عالم الإبحار الشراعي الحديث، حيث استطاع في غضون ثلاث سنوات تسجيل ثلاثة أرقام قياسية عالمية كان آخرها الشهر الماضي في سباق فولفو للطواف حول إيرلندا حينما استطاع هزيمة القاربين فايدو 3 الأميركي وكونسايس 10 البريطاني، وتسجيل رقم قياسي في 38 ساعة و37 دقيقة و7 ثواني، وهو أسرع بأكثر من ساعة عن الرقم الذي سجلوه بأنفسهم في عام 2015م في المسار نفسه.
ينطلق سباق عبور الأطلسي كيوبك سانت مالو حوالي الساعة الثالثة عصرًا بتوقيت مدينة كيوبك، كندا (11 ليلًا بتوقيت مسقط).