[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
تأخر ظهور أفلام سينمائية عن حرب الولايات المتحدة على العراق لفترة وجيزة، لكن انتظار هوليوود لم يستمر لفترة طويلة، ولأن المؤسسات الأميركية كافة سارت خلف عاصفة السياسيين الذين رسموا الحرب ووضعوا خططها، سواء كانوا من حلقة البيت الأبيض والمكتب البيضاوي تحديدا، أو مجموعة المحافظين الجدد ودورهم الرئيسي المعروف والمفضوح في حرب غزو العراق عام 2003، ويصطف مع هؤلاء قادة وكالة المخابرات المركزية والأجهزة الأخرى، والجهات التي لم تظهر في الصف الأول لزعامات الحرب على العراق كانت تختفي وراء مؤسسات إعلامية وفنية ومراكز دراسات وبحوث ومنظمات، ولم يعدا سرًّا القول إن وسائل الإعلام الأميركية قد اصطفت خلف السياسيين والجنرالات ورجال المخابرات، ودفعت غالبية هذه المؤسسات باتجاه شن الحرب دون أن يجد الدارس والباحث والمتتبع لتلك الفترة ملامح فكر ورأي صائب تحاول تجنيب الشعب الأميركي على أقل تقدير ويلات الحرب، مع التذكير بأن قيادات الإعلام في الولايات المتحدة إما عايشت كارثة حرب فيتنام التي هزمت فيها أميركا بعد خسائر بشرية فادحة منتصف سبعينيات القرن الماضي أو كانت في مواقع قيادية في المؤسسات الإعلامية في الولايات المتحدة. ونقول ذلك لأن المسؤولين عن المؤسسات الإعلامية في الولايات المتحدة كانوا على اطلاع شبه كامل بحجم الخسائر في صفوف القوات الأميركية في حرب فيتنام، في حين كانت المعلومات الحقيقية مغيبة عن الشعب الأميركي بسبب الكارثة التي حلّت بالجيش الأميركي، ولم يتم الكشف عن الجزء الأكبر من تلك المعلومات إلا عام 1982، وبقي الأميركيون يعيشون تحت إعلام أميركي كاذب في الكثير من قصصه ومعلوماته التي نقلها عن يوميات الحرب في فيتنام.
لكن المهمة أوكلت بسرعة إلى مؤسسة أميركية أخرى تم تأسيسها وتصميمها لخدمة السياسة الخارجية والداخلية للولايات المتحدة، إنها مؤسسة "هوليوود"، فسارع كتاب السيناريو والمخرجون والفنيون والممثلون لإعادة صياغة المشهد الأميركي المهزوم والمأزوم في الداخل الأميركي والقادم من أعماق الحرب في فيتنام، فتم اختراع "روكي" الإنسان الأميركي الخارق الذي يستطيع أن يتغلب على آلاف الرجال الأشداء خلال دقائق معدودة، ولأن فيتنام والمناطق التي شهدت معارك بين الجيش الأميركي ومقاتلي الفيتكونج غابات وأحراش كثيفة، فإن هذا الرجل الخارق يتحرك في تلك الأجواء ليعطي انطباعا لدى المشاهد بأن الجندي الأميركي بمثل هذه القوة الخارقة، ومن ثم يكرس قناعات لدى المواطن الأميركي تتغلب بالتقادم الزمني على ما تكدس في الأذهان من قصص وصور رواها جنود من ميدان الحرب وفيها من المآسي والهزيمة الشيء الكثير.
وكما توهمت المؤسسات الأميركية النصر في فيتنام فقد عاشت ذات الوهم في قصة العراق، وإذا كانت هناك احتمالات بوجود صعوبات في فيتنام بسبب حجم الدعم الذي يقدمه الاتحاد السوفيتي والمنظومة الشيوعية لمقاتلي فيتنام الشمالية، فإن الجميع اعتقدوا أن لا رد فعل سلبي على الجنود الأميركيين في العراق، لأن العالم أجمع إما وقف مع أميركا أو يخشاها ويركع أمام العصا القادمة من البيت الأبيض، لكن المفاجأة التي أذهلت الأميركيين أولا وبعد ذلك العالم حجم وسرعة انطلاق المقاومة العراقية ضد الغزاة المحتلين، وهذا أربك خطط جميع المؤسسات الأميركية بما فيها هوليوود، لكنها سارعت لوضع خطط بديلة لتظهر الأميركي بصورة أخرى، وهذا ما سنتحدث عنه لاحقا.