[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لا تنتظروا ردود أفعال من فرنسا على مجزرة نيس وربما على ما يشبهها في المستقبل. فرنسا تم استئجارها أميركيا وتسبح بحمد إسرائيل، ثم هي عضو مهم في حلف الناتو (الأطلسي) الذي يشارك بقوة في أحداث سوريا وفي دعم الإرهاب الذي صار مصطلحا عالميا، لا يهدد الشرق الأوسط وحده، بل العالم كله .. ولكي نتصارح في هذا المجال، علينا أن نعترف أن لكل بلد صار هنالك "داعشه" الخاص .. صحيح أن البيانات تصدر باسم هذا التنظيم الإرهابي، إلا أنه من غير المؤكد أن تكون الجهة التي تنفذ هي ذاتها في كل مرة، وكذلك من يقف وراءها.
"داعش" عالمي بكل معنى الكلمة، وليس معروفا أي من هذا العالم نفذ مجزرة نيس، أو أورلاندو، أو مطار بلجيكا، ومطار أتاتورك وغيره، ومن ينفذ عربيا .. لا نقتنع بأن هذا التنظيم له تلك القدرات ذات المنبع الواحد أو الجهة الواحدة المحركة، هو قوة خاضعة للقارات الخمس، وكل من "دواعشه" ينفذ حسب رغبة صاحبه، أما قيادة هذا التنظيم، فلا فرق لديها من نفذ أو سمى، المهم أن يظل حاضرا في الإعلام كي يكتسب الشهرة المضافة، ومن ثم الأعضاء الجدد الذين يهمها دخولهم التنظيم.
من الخطأ الاعتقاد عكس ذلك، فحالة الانبهار بقدرات التنظيم ليست في محلها .. فهو بات يتغذى من شتى الأماكن، ويستعمل من قبلها، وإذا كان الغرب الأميركي تحديدا وكذلك التركي وبعض العربي قد أنشأه وغذاه ودفع به في خطة تلائم سياسته في المنطقة على وجه التحديد، فإن العالم الآخر الذي يشعر بأن المؤامرة بدأت على العرب لكنها ستصل إليهم، لن يصمتوا، هنالك تنسيق عالٍ من المشاورات بين هؤلاء للرد على ما يخطط ضد بلادهم وشعوبهم تحت الاسم الداعشي على أساس أنه من صنع هذا التنظيم، فيما رسم الخطة من مكان آخر.
الكرة الأرضية باتت تضيق بهذا التنظيم الذي زنرها تقريبا .. ولكي يتمكن من هذا الدور الواسع والشامل،لا بد من إمكانيات هائلة وتغطية منظمة وقواعد اتصال وغيره، لكي يصل إلى أي مكان لا بد من وجود تسهيلات له تحقق له كل احتياجاته، وهذه لن تحصل بقدرات المنطقة وحدها، وإنما بترابط يسمح لها أن تتمدد في كل مكان، وليس فقط ضمن فئة حاضنة، بل قوة حاضنة قادرة على إيصاله حيث يريد.
من هنا نشأت "الدواعش" التي صارت معولمة أيضا .. ومن هنا تكاثرت أطرافا بعدما وجد القلب له مكانا ثابتا في العراق وسوريا وليبيا، وتحديدا في العراق الذي أمده بأنفاس حياة وأعطاه جرعة النمو .. كان لا بد من أرض يقيم عليها ويتحرك ويمارس نشاطه، ومن خلال تلك الخلية، تعاظم أمره ونما وتوسع وصار رقما صعبا في العالم كله، كونه موجودا في كل مكان وتعرف جميع السلطات بحكم قدراتها الاستخبارتية ما المتوافر لديها، وحتى الأسماء أيضا.
نحن أمام كرة أرضية صار من السهولة انتقال الأفكار فيما بينها، والمؤسف القول، إن بالإمكان قتل هذا التنظيم ساعة يشاء اللاعبون، لكن الحاجة إليه لم تنتهِ بعد..