[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/khamis.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خميس التوبي[/author]
يحق لنا أن نفرح به ونفخر ونزهو ونحن نعيش ذكرى بزوغ فجر نهضتنا المباركة في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970، حيث كانت البدايات شديدة التواضع بل كانت من مستوى الصفر قبل 46 عامًا، والصورة ما قبل الثالث والعشرين عام 1970م وما بعده أحد الشواهد التي تعطينا الحق في الفخر والزهو. فقد كانت الصورة قبل بزوغ فجر النهضة المباركة شديدة القتامة لمجتمع يعيش منتصف القرن العشرين بمعطيات القرن التاسع عشر، ومتطلبات تغيير هذه الصورة بالغة السوء إلى الأفضل كانت غير موجودة، واستمرت الأحوال على هذا النحو إلى أن قيض الله لهذه البلاد فارسها ومنقذها وراعيها في الـ23 من يوليو 1970 المجيد ليمثل تبوأ حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ نهاية لهذه الحقبة المظلمة من تاريخ عُمان، وبداية صفحة جديدة من التغيير والتطوير والتنمية والتحديث، تستهدف كل جوانب النشاط الإنساني لتحقيق ما يليق بالمواطن العماني من العيش الكريم والمكانة اللائقة التي يستحقها.
يحق لنا أن نفرح ونزهو ونفخر، فقد أصبحنا في مكانة يحسدنا عليها كثيرون، وأصبح جواز السفر العماني محل احترام وتقدير في كل مكان يرتحل إليه، وأصبح الصيت الطيب للشخصية العمانية، وللسياسة العمانية المرتكزة على التسامح والمحبة والحوار والتواصل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وحل القضايا بالحوار صداه الدولي وتقديره، وموثوقية وقناعة منطبعة في الفكر والعقل لدى الآخر، وحملت الساريات العلم العماني في المطارات وعواصم دول العالم والمؤسسات والمنظمات الدولية، ترجمت هذه الحقيقة وهذا الواقع تلك الجوائز الدولية كان أبرزها جائزة السلام الدولية الممنوحة لجلالة عاهل البلاد المفدى اعترافا وعرفانا بجهوده الخيرة في استتباب الاستقرار وخدمة السلم والأمن الدوليين.
يحق لنا أن نفرح ونفخر ونزهو ونحن نشاهد بلادنا تحولت إلى دولة عصرية ودولة مؤسسات استقرت دعائمها بمجلس عُمان بجناحيه الدولة والشورى، وبمشاركة المواطن مشاركة حقيقية في صنع القرار من خلال انتخابات حرة نزيهة تتيح له اختيار من يمثلونه في مجلس الشورى، ودون أي تحفظات بعد أن اكتمل نضج التجربة التي بدأت بتدرج محسوب يتناسب مع معطيات كل مرحلة من مراحل العمل الوطني، وبمشاركة فاعلة للمرأة في الترشح وفي الإدلاء بصوتها.
يحق لنا أن نفرح ونفخر ونزهو بنهضة استهدفت ـ منذ يومها الأول ـ الإنسان العماني بإعادة صياغة تكوينه العقلي والنفسي بالعلم والتعليم والثقافة، وتحقيق رفاهيته وأمنه واستقراره، وربط حاضره بمآثر تراثه التليد كحلقة جديدة تضاف إلى سلسلة موغلة في القدم من الإشراقات والإبداعات العمانية، وتجلية الجوانب الإيجابية في الشخصية العمانية التي ران عليها صدأ الجمود والتخلف لفترة من الزمن، ثم استثارة فاعلية هذا الإنسان بعد تعليمه وتدريبه وتأهيله، ليتواصل مع برامج التنمية الشاملة لكل جوانب الحياة سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا، ويصبح أداة فاعلة لإحداث المزيد من التنمية عبر برامجها وخططها الخمسية المتوالية.
ولأن الفرح حق لنا، فإن لحظة صادقة مع النفس، ووقفة متعقلة وموضوعية تستوجب منا النظر بروح الوطنية والمسؤولية إلى المكانة التي وصلت إليها بلادنا والنقلة النوعية التي نقلتها إياها عربيًّا وإقليميًّا ودوليًّا نهضتنا المباركة، والنظر إلى ما تحقق على أرضها من مكتسبات ومنجزات هي لنا ولأبنائنا وللأجيال القادمة، وما تتمتع به من نعم الأمن والأمان والاستقرار، ما يستلزم شكر هذه النعم بالمحافظة عليها والاهتمام بها، والعمل بكل جد ومسؤولية لتطوير هذه المكتسبات والمنجزات، وإضافة الجديد إليها، والمشاركة الفاعلة في عملية البناء، وفي إرساء دعائم الاستقرار والأمن. ولعل ما يحدث في محيطنا العربي، وما وصلت إليه شعوب عربية شقيقة من فقدان لنعمة الأوطان والاستقرار والأمان فيه من العِبر والمواعظ الكثير، خاصة وأن السبب في زوال هذه النعمة يكمن في أبنائها ووضع يدهم في يد عدوهم. فشكر النعم ليس بالأقوال وإنما يجب أن تقرن الأقوال بالأفعال، والتوجه بداية إلى المولى العلي القدير بالشكر على ما أنعم وأسبغ وتفضل، وكذلك نسبة الفضل إلى أهله، فواجب علينا أن نجدد العهد والولاء لمقام من بعث الفرحة في قلوبنا، فلم تعد تعرف للأحزان والأشجان طريقًا.. من جعل عُمان والعمانيين محل احترام العالم وتقديره، وواحة أمن وأمان وسلام واطمئنان، وقبلة للباحثين عن التسامح والاستقرار والسلام.. من حدد العلم طريقًا للوصول إلى معدلات قياسية من النجاح في برامج وخطط التنمية الشاملة المتواصلة.. من علمنا الاعتماد على الذات والزهو بالوطن والثقة في المستقبل.. إلى المقام السامي لجلالة السلطان المعظم في يوم نهضتنا نقدم له حبنا وإخلاصنا ووفاءنا .. نحفظه في قلوبنا وأفئدتنا وندعو الله تعالى أن يديمه ذخرًا لنا، وأن يسبغ عليه أثواب الصحة والعافية والسعادة والعمر المديد.