[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
اشتهرت هوليوود، قلعة السينما العملاقة في العالم، بإنتاج أفلام الرعب الشهيرة، ويبدو أن الأميركان متخصصون بممارسة الرعب بحق الآخرين، وأفضل مثال على ذلك، أحد الأماكن التي حصل بين جدرانها من قصص الهلع والرعب والإجرام بحق الناس ما لا مثيل له، صحيح أن الأميركان أينما وجودا فإن الشرّ يزحف خلفهم وأمامهم وعلى الميسرة والميمنة، لكن معتقل جوانتانامو، وحسب ما وصل من نتف من قصص التعذيب والقتل والرعب، يعطي تصورا دقيقا لحجم الإجرام الذي يسري في عروق الأميركيين من القائمين على سلطات السجون والمعتقلات التي تحوي ما يسمونهم بـ»الاعداء»، ويتلقى هؤلاء السجّانون التعليمات بكل تفاصيلها من كبار المسؤولين في البيت الأبيض ووكالة المخابرات المركزية، وقد تكون شهادة المعتقل وليد الحاج الذي خرج من جوانتانامو بعد سنوات مريرة من التعذيب الجسدي والدمار النفسي، وقصص الآخرين من زملاء الحاج تتشابه مع ما تتعرض له، وقد تزيد على ذلك من حيث البشاعة والتفنن في الإيذاء الجسدي والنفسي.

وقصد معتقل جوانتنامو ترتبط بالمنهج الأميركي في الألفية الثالثة التي قالوا إنها «أميركية» بامتياز، وبدلا من أن تفتتح هذه الدولة العظمى هذه الألفية سلسلة من المدارس والمشافي في الدول الفقيرة، فقد بدأت خطواتها بهذا المعتقل الرهيب الذي تم تخصيصه للمعتقلين المسلمين تحديدا وبالدقة العرب المسلمون، معتقدين خطئا، أنهم بوحشيتهم العابرة لكل الحدود سيردعون الرافضين لمشاريعهم وهيمنتهم، ولكن حصل خلاف ذلك بالضبط، فقد كان التعذيب والإهانة التي حصلت للمئات في جوانتانامو وبعد ذلك للآلاف من المسلمين في أفغانستان والعراق حافزا لمئات الآلاف من الرجال والنساء للتصدي للمشاريع الأميركية، وتحقق أكبر فشل للمشروع الاحتلالي في العراق وأفغانستان بعد أن شمّر الرجال عن سواعدهم وتصدوا للغازي الأميركي وألحقوا به الخسائر الفادحة في الأرواح والمعدات، وهذا ما اعترف به الأميركيون أنفسهم.
بدأت السلطات الأميركية باستعماله في سنة 2002، وذلك لسجن من تشتبه في كونهم إرهابيين، ويعتبر السجن سلطة مطلقة لوجوده خارج الحدود الأميركية، وذلك في أقصى جنوب شرق كوبا، وتبعد 90 ميلا عن فلوريدا، ولا ينطبق عليه أي من قوانين حقوق الإنسان إلى الحد الذي جعل منظمة العفو الدولية تقول إن معتقل جوانتانامو الأميركي يمثل همجية هذا العصر، وكما قلنا فإن هذا السجن الرهيب افتتحت به أميركا ألفيتها، التي أرادوها أميركية، فدخل أول المعتقلين في العام 2002، ليصبح بعد ذلك مكانا للتعذيب الوحشي والبشع بحق السجناء.
اللافت أنه وبعد كل التجارب السيئة والفاشلة والخيبات الأميركية يدور اليوم نقاش سطحي وبائس في أروقة الإدارة الأميركية عن معتقلي جوانتانامو، وبينما طالب أوباما بإغلاق السجن، إلا أن وعوده لم تكن صحيحة، وأن بعض الزعماء الأميركيين ما زالوا لا يفقهون ماذا جرى وما هي ارتدادات السياسة الأميركية في العالمين العربي والإسلامي، وتتجه أنظارهم صوب معتقلي جوانتانامو، وتقول صحيفة الواشنطن بوست، إن 12 نزيلا سابقا باتوا يشتركون في الحرب ضد القوات الأميركية في أفغانستان، وربما لا يعرف الزعماء الأميركيون أن عشرات الآلاف من معتقلي السجون الأميركية قد أصبحوا مقاتلين شرسين يترصدون أي ذيل أو نتوء للمشاريع الأميركية ويعملون على إسقاطه.
فهل يستوعب الأميركيون الدرس؟ للأسف النقاشات الدائرة في دوائر صنع القرار الأميركي لا تبشر بخير على هذا الصعيد.