اثينا ـ ا.ف.ب: اجرت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل امس مباحثات في اثينا لتكريس اسبوع مهم بالنسبة الى الحكومة اليونانية التي نجحت بالعودة الى الاسواق المالية بعد غياب اربع سنوات بسبب الازمة المالية والتقشف المالي.
وحثت ميركل اليونان على مواصلة سياسة الإصلاح الصارمة التي بدأتها لحل أزمتها المالية.
وقالت ميركل: "لدي قناعة راسخة بأنه عقب مرحلة صعبة للغاية، والتي لا تزال بالطبع مستمرة بالنسبة لكثير من المواطنين، يوجد في هذا البلد الكثير من الإمكانيات التي لم يتم استيعابها بشكل كامل حتى الآن".
وأضافت ميركل أن القطاعات الاقتصادية التقليدية في اليونان، مثل السياحة والزراعة، لا يزال بها الكثير من الإمكانيات.
واستطلعت ميركل في مستهل زيارتها لليونان مع رئيس الوزراء اليوناني أنطونيس ساماراس خلال اجتماع مع أصحاب شركات متوسطة وصغيرة مساعي الاقتصاد اليوناني في التعافي من أزمة الديون.
وفي مستهل الاجتماع ذكرت ميركل أنه عقب توحيد شطري ألمانيا قبل أكثر من عشرين عاما واجه الكثير من المواطنين، صعوبات وقالت: "الفرص والإمكانيات لها الغلبة. وأنا واثقة تماما من أن هذا ما سيكون عليه الحال في اليونان رغم الطريق الوعر".
وتعتزم ميركل وساماراس في وقت لاحق إطلاع الرأي العام على نتائج محادثاتهما.
يذكر أن كثيرا من اليونانيين حملوا مستشارة ألمانيا بصفة شخصية مسؤولية تردي أوضاعهم المالية والاجتماعية بسبب موقفها المتمسك بسياسة التقشف الصارمة في اليونان، وذلك خلال زيارتها في خضم أزمة الديون في أكتوبر عام 2012.
وليس من المتوقع حدوث تجاوزات خلال الزيارة مثل تلك التي وقعت انذاك، كما حظرت الشرطة التظاهر في حي الحكومة بأثينا.
واصدرت اليونان سندات دين للمرة الاولى منذ 2010 جرى الاكتتاب بها ثماني مرات على الاقل، مما اتاح بيع ما يوازي 3 مليارات يورو من السندات لخمس سنوات مرفقة بفائدة 4,75%.
وقال مصدر من سوق المال ان المستثمرين كانوا بنسبة 47% من بريطانيا و7% من اليونان و31% من سائر دول اوروبا و15% من سائر دول العالم.
ويعتبر اصدار السندات نجاحا غير متوقع في بلاد لا تزال وكالات التصنيف الائتماني تعتبرها في فئة السندات الخطيرة.
وكتبت صحيفة "دي تسايت" هذا الاسبوع "ان المستشارة الالمانية يجب ان تقول لاثينا كما ترون ايها اليونانيون لقد كانت مرحلة صعبة لكن الوضع ينطلق من جديد"، معتبرة ان خطاب ميركل سيكون "اشارة قوية" قبل شهر على موعد الانتخابات الاوروبية في مايو.
وكان وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبله صرح في مؤتمر صحافي الاحد ان "النتائج الاقتصادية الاخيرة في اليونان تثبت ان الطريق الذي سارت عليه هو الطريق الصحيح" للخروج من الازمة المالية. وكان يتوجه خصوصا الى الراي العام الالماني الذي اعترض احيانا على المليارات التي انفقت على اليونان.
ومن المفترض ان تعرض ميركل التي تصل بعد الظهر الى العاصمة اليونانية اراءها امام مجموعة من رجال الاعمال الشبان قبل ان تشارك في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء اليوناني انتونيس ساماراس.
وشهدت الزيارة الاخيرة لميركل في اكتوبر 2012 تظاهرات لعشرات الاف المعارضين لاجراءات التقشف التي دعت اليها المستشارة الالمانية التي لا تتمتع بشعبية في اليونان.
وبعد ان شهدت العلاقات توترا شديدا بين البلدين في اوج الازمة، عادت وتحسنت، وشجعت ميركل التي اشادت بتضحيات الشعب اليوناني، ساماراس على مواصلة الاصلاحات، وذلك خلال زيارته الى برلين في نوفمبر.
وتظاهر مؤيدو سياسة بديلة لليونان واوروبا في مكان بعيد عن البرلمان أمس لان وسط المدينة شهد انتشارا امنيا كبيرا وحظر على المتظاهرين التواجد فيها وهو اجراء روتيني عند كل زيارة لمسؤول اوروبي كبير.
ويدعو اليسار المتطرف بقيادة حزب سيريزا والذي حل بالتساوي مع حزب ساماراس في استطلاعات الراي الى التنديد ب"زيارة دعم للحكومة اليونانية وسياستها المدمرة قبل الانتخابات".
وقال اليكسيس تسيبراس زعيم سيريزا ومتصدر قائمة مرشحي اليسار في الانتخابات الاوروبية أمس "كل استطلاعات الراي تظهر ان ميركل وسياستها تثير معارضة غالبية اليونانيين".
والمانيا التي تؤيد نهجا صارما للغاية في الموازنة لا تزال مرتبطة بالكارثة الاقتصادية والاجتماعية التي عانى منها اليونانيون: بطالة بنسبة 27,5% وهي الاعلى في اوروبا وخسارة ربع اجمالي الناتج الداخلي على مدى سنوات من الركود وتراجع عائدات الاسر بمقدار الثلث بين 2007 و2012 وهي النسبة الاكبر داخل دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بينما يهدد الفقر قرابة ربع الاسر.
وتحصل اليونان على مساعدات من شركائها الاوروبيين ومن صندوق النقد الدولي وحصلت على قروض بقيمة 240 مليار يورو مقسمة على خطتي انقاذ.
وتامل اليونان بالاستغناء نهائيا عن الخطتين في 2016. وفي ذلك العام من المفترض ان تعود الى النمو. لكن وعلى الرغم من فائض اولي في الموازنة في 2013 الا ان الدين لا يزال يبلغ 177% من اجمالي الناتج الداخلي.
وهذا الوضع الهش يثير مخاوف من اعادة هيكلة الدين او اعداد خطة انقاذ ثالثة وهما مسألتان سيكون لالمانيا فيهما رأي غالب.