[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
”.. في موقف مستغرب على مثل هذه الجماعات لم يعبر التنظيم الأم (القاعدة) عن أي امتعاض من انفصال ذراعه الوحيد في سوريا عنه بل على العكس بارك زعيم التنظيم أيمن الظواهري هذه الخطوة معتبرا أن ذلك «حرصاً على مصلحة الجهاد في الشام» وأن ارتباط النصرة بالقاعدة يجب ألا يكون عائقا عن "تحقيق الآمال العظيمة" وذلك في تسجيل صوتي منسوب إليه تم تداوله على شبكة الانترنت. ”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعكس التحول الذي قامت به جماعة جبهة النصرة الإرهابية يوم الخميس الماضي الميزة التي قد تكون الوحيدة ويتميز بها عن المكلفين باستئصاله والتي تتمثل في القدرة على التلون بأريحية وهي ميزة لا تؤهله لتحقيق انتصار بقدر ما تمنحه وقتا يطيل به أمد الحرب.
ففي أول ظهور له حاسر الوجه بعد أن ظهر من وراء نقاب في مقابلة تلفزيونية قبل نحو عامين وفي مقطع فيديو تم بثه الخميس الماضي أعلن زعيم جماعة جبهة النصرة الإرهابية انفصاله عن تنظيم القاعدة أو أي "كيان خارجي آخر" مغيرا اسم جماعته إلى "جبهة فتح الشام".
وفي موقف مستغرب على مثل هذه الجماعات لم يعبر التنظيم الأم (القاعدة) عن أي امتعاض من انفصال ذراعه الوحيد في سوريا عنه بل على العكس بارك زعيم التنظيم أيمن الظواهري هذه الخطوة معتبرا أن ذلك «حرصاً على مصلحة الجهاد في الشام» وأن ارتباط النصرة بالقاعدة يجب ألا يكون عائقا عن "تحقيق الآمال العظيمة" وذلك في تسجيل صوتي منسوب إليه تم تداوله على شبكة الانترنت.
وعلى الرغم من أن النصرة طالما أكدت على أن ارتباطها بالقاعدة يمثل (الهوية) التي ترسم خطها الجهادي حتى ان المواقع الالكترونية المتحدثة باسم النصرة كانت تقول "إن اعلان الولاء للقاعدة كان بمثابة إخطار للرأي العام الإسلامي بهوية الخط الجهادي الذي تتبناه النصرة، وهو خط تنظيم القاعدة ومدرسة خراسان الجهادية، الذي سيكون مند ذلك الحين منافسا شرسا لتيار الغلو والتشدد الذي وسم المدرسة العراقية (المتمثلة في تنظيم داعش" .. إلا أن مجرد الرغبة في الانضمام إلى ما تصفهم الولايات المتحدة بـ(المعارضة المعتدلة) أو على أقل تقدير حماية مواقعها من الضربات الجوية الروسية دفع بجبهة النصرة الى (التخلي المسرحي) عن هويتها وخطها الفكري وولائها وجماعتها الأم التي تربى زعيمها في كنفها واعتنق أفكارها.
وبالطريقة التي ظهر بها الجولاني بالفيديو يتضح أن هناك أيضا هدفا آخر من فك الارتباط وهو السعي لحجز مقعد في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة.
فلم يكتف الجولاني بوجهه فقط بل كشف أيضا عن اثنين من مساعديه في محاولة لتصدير صورة للخارج لجماعة ذات هيكل تنظيمي وقيادة موحدة لها قدرة السيطرة على الأرض الأمر الذي يؤهلها للجلوس على المفاوضات ونيل المغانم.
وأساليب الجماعات الإرهابية في تغيير الأسماء وفكر الارتباطات ليست بجديدة فهي في صلب عقائد هذه الجماعات القائمة على التلون وفقا للظروف.
ففي السابق وبحسب ما كشفت عنه رسائل سرية أفرجت عنها الاستخبارات الأميركية، فقد كان زعيم القاعد السابق أسامة بن لادن خطط لتغيير اسم «قاعدة الجهاد»، لكونه ارتبطا بأعمال إرهابية بل إن النصرة حاولت في السابق التخفي وراء فصائل أخرى كجيش الفتح أو جيش الإسلام.
هذا التلون وتغيير الهويات هو ما يمنح ميزة للتنظيمات الإرهابية على القوات المكلفة بمكافحتها ‘ فأي جيش أو قوات نظامية مكلفة بمكافحة الإرهاب لا يمكنها بأي حال من الأحوال تغيير هويتها أو شارتها أو الولاء لغير علم الدولة التي تمثلها الأمر الذي يسمح للإرهابي بإطالة أمد المعركة لكن ذلك بالتأكيد لا يغير في النتيجة النهائية فانتصار الإرهاب من دروب المستحيل .. هكذا يقول التاريخ.