[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
قبول وزير الخارجية السوري وليد المعلم بأن يكون نهاية الشهر الحالي موعدا جديدا في جنيف، يعني أن وضعية حلب يجب أن تنتهي قبل هذا التاريخ .. لبست تلك المدينة حصارها بكثير من الوعد الصادق، اذ لا تراجع عن اعتبارها بحكم المستسلمة وإن حاول الارهابيون إحاطة أنفسهم برفض وتوعد للجيش. لعل الأمور وصلت الى خواتيمها، دون ان يعني أنها مستسلمة تماما خلال ايام.
الواقفون وراء المسلحين في المدينة والداعمون لهم يطالبون مسلحيهم بالصمود قدر الامكان، ففي تقديرهم أن اللعبة قد تتغير بعد حين، وقد تتغير كليا عندما سيتغير الرئيس الأميركي. إنها هلوسات من ظنوا منذ بداية حربهم على سوريا سقوطها خلال اسابيع او اشهر .. لكننا على ما يبدو امام عناد مبرر، فمن يخسر عادة لايستسلم بسهولة بانتظار الضربة القاضية التي تحطم جمجمته، ونحن بالتالي أمام عالم يعيش على الكيدية وخصوصا من الناحية العربية المساهمة في الحرب الى حد عدم التراجع مهما كلفها الأمر، ومن الأسف أنها أشد اصرارا على اسقاط سوريا أكثر من الاميركي وحتى الاسرائيلي.
كيري المنزعج من السيطرة السورية على الممرات الانسانية، يضرب كفا بكف، فهو يحاول رد الطعنة الروسية كما سماها بسياسته الكاذبة الى القول بأن الروس هم من يكذب، لكن الحقيقة الساطعة المعروفة التي لاغبار عليها، ان العالم متفق على أنه لا ثقة بأميركا ولا بسياستها ولا بوعودها، هي دائما تشتري الوقت، وتلعب على الحبلين، تعد ولا توفي، تورط عميلها ثم تسحب يدها منه .. اميركا ام المهارات الخادعة التي تعرفها جيدا الشعوب التي تعاملت معها طويلا، وقد كان سيد الدبلوماسية الاميركية المعروف هنرى كيسنجر يمارس الشيء ونقيضه، بل يدعم فريقا ونقيضه.
حلب تفيق على قرع جرس التحرير، صمودها الاسطوري أوصلها الى حلم كم تمنته منذ اندلاع الأزمة ومنذ ان شن الارهاب حربه البربرية عليها. تتنشق المدينة الجملية اوكسجينها النظيف من جديد، الآلاف من شهداء الجيش العربي السوري والحلفاء سقطوا لتنتصر المدينة ولتعود الى حضن الوطن. لاشك ان الوصول الى اليوم الذي يتم فيه تنظيفها تماما من كل ارهابي وحتى من روائحه مازال بعيدا نسبيا. سيظل الارهابيون على عناد التسليم بالأمر الواقع، وبعضهم سيرفض التسليم، رغم ان الرئيس الأسد أصدر قراره الهام بالعفو عن كل من يسلم نفسه، ولعل العديد من الاماكن التي جرى فيها تسوية بين الجيش وبين المسلحين هي الآن اكثر امانا وتعيش في حلة جديدة قوامها الهدوء والسكينة.
لابد ان يكون هنالك ما بعد حلب، بل ما بعد بعد حلب، خيارات استراتيجية في عقل الرئيس السوري وخطط على طاولات القيادة ومواعيد مطروحة .. وأقول أكثر أنها ليست خيارات بل جزما كاملا في ما سيلي معارك حلب وتطهير المدينة .. اما ان تكون هنالك سورية الموحدة او لاتكون، وارفض تلك الاصوات التي تعلو بين الفينة والأخرى مهما كان مصدرها حول الفيدرالية او اي شكل قريب منها. ولدت سوريا في التاريخ كما يجب ان تستقر عليه، ورغم الانسلاخات التي طلعت من رحمها، ظلت رافضة لها ، لكنها تعيش على أمل أن تعود كما كانت ..