تنتشر الأجهزة الإلكترونية التي لها القدرة على الاتصال بالانترنت في حياتنا ومنازلنا بشكل كبير ابتداء من الهواتف الذكية إلى الأجهزة اللوحية إلى أجهزة الحاسوب مروراً بأجهزة التلفاز وكاميرات المراقبة والأجهزة الملبوسة كالساعات والنظارات وأجهزة المساعدة الرقمية وأخيراً الأجهزة الكهربائية التي لها علاقة بانترنت الأشياء والتي يتم التحكم بها عن بعد والتي أيضاً لديها القدرة على مخاطبة بعضها بناء على المستشعرات الإلكترونية المتطورة المرتبطة بها، وعليه فإن العامل المشترك بين كل هذه الأجهزة هو ارتباطها بدون استثناء مع أجهزتها المركزية من خلال شبكة الانترنت، والأخيرة وأقصد بها الانترنت أصبحت بجيلها الثالث تفاعلية بشكل كبير من خلال توفيرها لكل الاحتياجات الأساسية لعمليات الحوسبة بكل معانيها ومتطلباتها كالبنى التحتية التي تتضمن أجهزة الخوادم ومنصات التشغيل والمساحات التخزينية الهائلة والتطبيقات البرمجية، وبالتالي فإن معظم الأجهزة على اختلاف أنواعها والمتصلة بها هي بالأساس مجرد نافذة يستطيع المستخدم الوصول من خلالها إلى جهازه الافتراضي الرئيسي على الانترنت والذي يحتوي على كل بياناته والخدمات التي يحتاجها، فالحساب الذي يتم فتحه على جهاز الهاتف الذكي مثلاً هو بالأساس بوابة للبيانات الرئيسية التي يتم العبور منها إلى محتويات الجهاز الافتراضي على الانترنت والذي بالطبع يتم تسجيل جميع محتوياته باسم صاحب أو مالك الجهاز الذكي وحساب النظام، لذلك يجد الشخص انه عندما يقوم باستبدال جهاز بآخر فانه بمجرد إدخال حسابه الذي قد كان يستخدمه على جهازه القديم فإنه سوف يحصل على كل البيانات التي كانت عليه بالإضافة إلى التطبيقات التي قام بتحميلها وخصوصاً المدفوعة منها فإنه لن يضطر لشرائها مرة أخرى، إذا فعملية حفظ البيانات ومشاركتها مع الشركة الموفرة لنظام التشغيل مثل جوجل وأبل ومايكروسوفت وبلاك بيري بالأساس موجودة من بداية تفعيل استخدام الجهاز بالشكل الصحيح وهو تفعيل حساب النظام والاتصال بالانترنت ومن ثم البدء باستخدام التطبيقات المصاحبة للنظام أو تحميل تطبيقات جديدة من المتجر.

والآن دعونا نركز في موضوعنا هذا على ثقافتنا الفنية في التعامل مع التطبيقات الذكية، فمنذ عام 2008 وهو العام الذي تم إطلاق متجر جوجل لنظام الاندرويد ومتجر أبل ستور وحسب مؤشر جارتنر فإن عدد التطبيقات التي تم تحميلها من المتجرين لغاية عام 2013 قد تجاوز 102 بليون تحميلة وبنسبة فائدة مالية تجاوزت 26 مليار دولار أميركي، وعلى مستوى دول الاتحاد الأوروبي فقط فقد حققت التطبيقات أرباح وصلت إلى 10 مليارات يورو وخلقت 526.000 فرصة عمل، إذاً فالعملية هنا بالأساس هي عملية تحول في طريقة تعامل العالم والناس مع التقنية ودخول الأخيرة في حياة الأفراد والمجتمعات واستخدامهم لها بشكل أساسي وهناك أعمال قد كانت موجودة واختفت وحلت محلها أعمال جديدة لذلك فهو عصر جديد تختفي فيه الكثير من التعاملات التقليدية وتحل محلها تعاملات حديثة مبنية على الشفافية ترتقي بها تقنية المعلومات مرتبة ومكانة كبيرة وبالتالي فإن استخدامنا نحن لهذه الأجهزة الذكية على اختلاف أنواعها يعني اننا نتزامن ونعايش العصر الجديد ولكن تبقى هناك مشكلة ومقاومة تغير غير مبنية على أسس علمية منطقية وبعيدة كل البعد عن مفهوم المجتمعات التي تبنى على أساس المعرفة، فالتطبيقات الذكية تحتاج لمشاركة البيانات وللأسف فإن البعض يعتبر مشاركة البيانات مع خوادم الشركات والمطورين القائمين على التطبيقات أمر غير صحيح وبمثابة الاختراقات الأمنية لخصوصيات الآخرين، فلماذا هذا التفكير السلبي تجاه خدمة لن تتحقق إلا بمشاركة البيانات؟ هل هو نتيجة حالة سياسية سيئة نعيشها تسببت في إسقاط الشك في كل ما هو جديد واعتباره بمثابة الغزو الفكري لمجتمعاتنا؟ أترك الإجابة لكم .. فالبيانات التي نعطيها نحن لتطبيق ما، يجب أن تكون مبنية على قرار قد تم اتخاذه بناء على معرفة مع من نتعامل، وكما أسلفت سابقاً بالأرقام الشارحة لعدد التطبيقات على المتاجر الإلكترونية وعدد التحميلات من قبل معظم دول العالم والفرص الوظيفية الي حققتها، فهل يصح أن نكون في معزل عن ذلك؟ فالأجهزة والتطبيقات الذكية تعتمد وبشكل أساسي في طبيعة عملها على أخذ الصلاحيات بمشاركة البيانات الناتجة عن استخدام التطبيق وفق صلاحيات أخرى على بيانات وملحقات عتاد على أجهزة المستخدمين وبالتالي يحصل الشخص على الناتج المنتظر على شكل خدمة يحتاجها .. كما سوف تساهم عملية مشاركة البيانات الشركة المنتجة في استمرارية تطوير الخدمات الذكية بالاضافة لمشاركة البيانات مع جهات ومؤسسات خدمية أخرى تسعى لاتخاذ قرارات سليمة بإنشاء مشاريع خدمية أو تجارية مبنية على بيانات وارقام حقيقية واقعية، فالاستخدام الصحيح للتقنيات الحديثة المبني على الوعي والمعرفة يساهم في خلق قواعد بيانات تساهم في تنمية المجتمعات .. فهل أنت مع مشاركة البيانات أم ضدها؟!.

عبدالله بن ناصر البحراني
عضو هيئة التدريس بجامعة السلطان قابوس
@AAlbaharani