[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
وسط عتمة الظلام التي تلف حياة العراقيين ثمة من يحاول زرع نافذة أمل عسى أن ينزاح الغبار المتكدس أو على الأقل تخفيف وطأته التي تثقل أجيال المستقبل وتضعف نافذة التفاؤل إن لم توصدها بقوة، معلنة ضياع النفق قبل البحث عن نتفة ضوء في نهايته.
زُرّاع الأمل يتحدثون عن امتلاك العراق لأكبر ثاني احتياط نفطي في العالم بعد المملكة العربية السعودية ويبلغ احتياط العراق من النفط بحدود 141 مليار برميل، يضيفون أن هذه ثروة طائلة وسيسعد بها أجيال المستقبل، وهذا الكلام لطيف من الناحية النظرية، وقد يسهم بتخفيف الكثير من أكداس اليأس التي تلف عقول العراقيين التي تنعكس سلبا على تطلعاتهم للغد ،إن لم توقف أي ملمح للأمل ، فيزيل اليائس تلك الاكوام ويلقي نظرة على ثروات العراق المستقبلية عسى أن تأتي تلك اللحظات وتتفجر التنمية بمختلف الميادين.
لا يختلف اثنان على أن العراق يمتلك ثروة هائلة، لكن يجب ألا نستغرق بالتفاؤل وألا ننسى أنها تحت الأرض، وأن نضع المعوقات امام أي استثمار حقيقي نصب أعيننا لكيلا نسترخي كثيرا ونبدأ ننتظر سقوط البلح على افواهنا ولا نحرك اجسادنا ونسعى للبناء في ظروفه الصحيحة والاجواء السليمة ، لأن اسوأ امراض الشعوب ما يشجع على الكسل والاسترخاء حتى يتحول إلى برامج حياتية واجتماعية ثم تبدأ رحلة النهش الصامت بجسد البلد فيتحول إلى هياكل ساكنة صامتة ، تزخر بالسلبية في كل مفصل من مفاصل الحياة فيها.
إن أهم المشاكل التي تواجه ثروة النفط بصورة عامة والثروة النفطية في العراق يمكن اجمالها بالآتي:
أولا – إن العراق لم يستفد من ثروته النفطية بصورة فاعلة وواسعة إلا لفترة لا تصل إلى عقد من الزمن ، وتحديدا من منتصف السبعينيات في القرن العشرين بعد ارتفاع اسعار النفط في الأسواق العالمية إثر قرار وقف صادرات النفط العربي خلال حرب عام 1973 ردا على الدعم العسكري واللوجستي الأميركي والغربي لإسرائيل ، وحصلت الطفرة الكبيرة المعروفة في التنمية في العراق حتى توقفت هذه التنمية بصورة شبه تامة في العام 1982 بسبب تكاليف الحرب مع إيران ، ثم بدأت تتراجع أسعار النفط ، ثم جاء احتلال العراق الكويت عام 1990 وبدأت حقبة العقوبات التي دمرت الاقتصاد العراقي .
ثانيا- حقبة ما بعد عام 2003 ، وبدأت الرحلة بفتح جميع أبواب السرّاق واللصوص لسرقة نفط العراق بعد أن منعت سلطة الاحتلال الأميركي والبريطاني وضع عدادات على تصدير النفط العراقي.
ثالثا- تحولت مؤسسات النفط والغاز إلى مصادر لجيوب المسؤولين ودعم الاحزاب الحاكمة في العراق إضافة إلى مصدر مالي لدول اخرى تعاني من العقوبات، وهذا الأمر يعرفه العراقيون جيدا قبل المختصين في النفط والمال والاقتصاد.
رابعا- ترجح الدراسات المتخصصة في ميدان الطاقة أن يتراجع اعتماد العالم على النفط بعد بروز النفط الصخري والطاقة النظيفة .
من هنا فإن اعتماد العراقيين مستقبلا على ثروة النفط دون التفكير ببدائل عملية قد يوقع الأجيال في هوّة عميقة وخطيرة.