التطورات الميدانية في مدينة حلب الشهباء تؤكد مدى التورط الصهيو ـ أميركي ـ الغربي ـ الإقليمي في انتهاك سيادة الدولة السورية، والعزم على تفتيت هذه الدولة العربية المناضلة والمشهود لها بمواقفها القومية والعروبية، ولم لا ؟ لأنها تمثل القلعة العربية الصامدة في وجه أعتى مشروع صهيوني ـ أميركي ـ غربي مدعوم إقليميًّا لتفتيت دول المنطقة وإعادة رسم خريطتها بما يجعل كيان الاحتلال الصهيوني يتربع على عرش المنطقة والهيمنة عليها، وبما يؤمن بقاءه.
هذه الحقيقة الثابتة لاتزال أحداث حلب وباقي المدن والأرياف السورية المستهدفة بالإرهاب القاعدي توالي سرد صورها ومشاهدها وتوثيقها، فحملة التصعيد الإرهابي على حلب الصامدة تعكس حجم المؤامرة والمخطط لاستهداف سوريا، وتعرِّي دموع التماسيح التي أسيحت كذبًا وزورًا خوفًا على مستقبل الشعب السوري، وعلى دولته، ذلك أن جلب التكفيريين والإرهابيين والمرتزقة من أصقاع العالم من الخليج والشيشان والأوزبك والأتراك وأفغانستان وباكستان والقوقاز والصين والمغرب العربي وغيرها، إلى جانب سفن الشحن العديدة والمحملة بمئات الأطنان من الأسلحة النوعية والمتطورة، كل ذلك وحده كافٍ ليزيل الغشاوة عن كل مغرر به، وعن كل مخدوع أو غسل دماغه، وأن ما يحدث في سوريا بعيد كل البعد عن الترهات التي يسكبها معشر المتآمرين على سوريا وشعبها وجيشها وقيادتها، إذ لا يمكن لكل عاقل سوي أن تمر عليه هذه الأحداث المؤلمة بكوارثها ومآسيها التي تتسبب فيها التنظيمات الإرهابية المسلحة ومن يدعمها فيعتقد أن هذا الدمار وهذا العنف والقتل المتعمد والمقصود لذاته لدرجة استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين السوريين ومن يتولى حمايتهم من قوات الجيش العربي السوري، من أجل مصلحة الشعب السوري ومساعدته على تحقيق تطلعاته. فتطلعات الشعب السوري أن لا يعيش محاصرًا مستهدفًا بالأسلحة الكيماوية وبقذائف الإرهاب اليومية، وأن لا يجد نفسه مهجرًا مشردًا في مخيمات الشتات واللجوء يفترش أرضًا جرداء، ويلتحف الشمس القائظة ومطر الصقيع، مقيد الحرية، أعراضه لم تسلم تحت خديعة "زواج السترة" وأبناؤه يرضعون الكراهيات والأحقاد تجاه وطنهم من أجل تحويلهم إلى أدوات إرهاب وقتل وعنف.
إن ما يجري في حلب يختزل كل الحقائق ويضعها على حوائط الزمن وصفحات التاريخ معرِّية رعاة الإرهاب وتنظيماته، فأرض المدينة الشهباء الصامدة تشهد هذه الأيام ليس صيفًا حارًّا وقاسيًا فحسب، وإنما تشهد حربًا عالمية ثالثة بين معسكرين: معسكر تبنى الإرهاب لتدمير الدول وضرب استقرارها، ومعسكر تبنى محاربة الإرهاب لبقاء الدول واستمرار الحيوات وفي مقدمتها الحياة الإنسانية.
إن الاستمرار في جلب وحشد عشرات آلاف الإرهابيين والتكفيريين وفتح الحدود وتزويدهم بمئات الأطنان من الأسلحة المتطورة والنوعية لفك الطوق الذي يفرضه الجيش العربي السوري عن التنظيمات الإرهابية، يحكي فصلًا جديدًا مشابهًا لذلك الفصل الذي حدث في مدينة حمص القديمة، حيث نجح المتآمرون في توظيف الأمم المتحدة للإفراج عن الضباط ورجال الاستخبارات المندسين والذين يخططون ويحركون أدوات القتل والعنف التدمير الإرهابية، فالمشغِّلون والداعمون للإرهاب يدفعون بهؤلاء نحو مصيرهم المحتوم بكذبة تحرير مدينة حلب، ولكنهم في الحقيقة يحاولون إخراج عشرات الضباط ورجال الاستخبارات المندسين والمحاصرين في ريف حلب الشرقي. ومن الواضح أن هؤلاء المسلحين المدفوع بهم هم ضحية غسل أدمغة وربما أشياء أخرى لكي يرموا بأنفسهم في التهلكة من أجل إنقاذ من يقدمهم للموت مجانًا. وعلى الرغم من سقوطهم بالمئات ضحايا إرهابهم وعمالتهم لمشغِّليهم، تستمر قنوات التضليل بسرد الأكاذيب والأخبار المفبركة والصورة المكذوبة والمفضوحة حول ما أسمتها "معركة حلب الكبرى" من أجل رفع معنوياتهم المنهارة والمنكسرة.