[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
”.. من منطلق حرص الإرهابيين على التواجد الإعلامي والإلكتروني وهو ما حققوا فيه نجاحا مشهودا استبق المعارك في حلب يوم السبت الماضي سيل من الأخبار التي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية ومن خلفها المحطات الفضائية والتي تفيد بنجاح الإرهابيين في فك الحصار المفروض على بؤرهم في حلب وفتح طرق الإمداد التي سيطر عليها الجيش السوري في الوقت السابق.”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يعلم من يقودون أو يخططون للتنظيمات الإرهابية ربما أكثر ممن يكافحونها استحالة أن يكون في الأرض ساحة لانتصاراتهم وإنما ساحتهم الرئيسية هي إعلام سمح لهم بثغرات يتسللون منها إلى عقول المغيبين وهو ما جسدته المعارك حول محور الكليات العسكرية في حلب بين الجماعات الإرهابية وقوات الجيش السوري.
فمن منطلق حرص الإرهابيين على التواجد الإعلامي والإلكتروني وهو ما حققوا فيه نجاحا مشهودا استبق المعارك في حلب يوم السبت الماضي سيل من الأخبار التي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية ومن خلفها المحطات الفضائية والتي تفيد بنجاح الإرهابيين في فك الحصار المفروض على بؤرهم في حلب وفتح طرق الإمداد التي سيطر عليها الجيش السوري في الوقت السابق.
وقد تم تناقل هذه الأخبار من قبل وكالات الأنباء العالمية من مصدر وحيد وهو حسابات هذه الجماعات (ومنها جماعات أقرت الأمم المتحدة بتصنيفها كإرهابية) على مواقع التواصل الاجتماعي .. ناقلة عنها فيديوهات لا يمكن التوثق من صحتها الأمر الذي يجعلها بكل قواعد المهنية غير صالحة للتداول إعلاميا.
فقبل أي نتائج للمعارك وربما قبل بدئها من الأساس أعلن إرهابيو ما يسمى "احرار الشام" على موقع تويتر "السيطرة على حي الراموسة بالكامل وفتح الطريق إلى مدينة حلب".
كما أعلن إرهابيو "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقا) ان من وصفتهم بـ"المجاهدين" من خارج المدينة التقوا بـ"إخوانهم داخل المدينة" كما قالوا إن "العمل جار للسيطرة على ما تبقى من النقاط لكسر الحصار".
واستنادا أيضا إلى هذه البيانات ورغم إقامة جميع أعضائه خارج سوريا قال ما يسمى ائتلاف المعارضة أيضا على حسابه على تويتر أن المسلحين تمكنوا من "فك الحصار".
وما حدث في التغطية الإعلامية لمعركة محور الكليات العسكرية في سوريا سبق وأن تكرر في معظم المعارك ذات الصدى التي خاضتها الجماعات الإرهابية سواء في سوريا أو خارجها حيث تبدأ الأخبار باعلان تحقيق هذه الجماعات لانتصارات وتقدم ويكون القاسم المشترك لكافة هذه التغطيات على شاكلة (ذكر حساب الجماعة على موقع تويتر أو فيس بوك) أو جاء في بيان بثته (وكالة أعماق) التابعة لتنظيم داعش الأمر الذي يجعل من وسائل الإعلام مطالبة بتنقيح مصادرها ومراجعة أساليبها في التغطية.
وأولى القواعد الإعلامية التي ينبغي اتباعها في التعامل مع مصادر الأخبار هي وزن هذه المصادر بمعنى أن يكون الحيز الذي يشغله المصدر في التغطية متوافقا مع حجم هذا المصدر.
فبأي حال من الأحوال لا يمكن أن يتقدم سطر أو صورة تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي على مصدر رسمي كما لا يمكن أن يتقدم مصدر ينطق باسم جماعة على مصدر يمثل موقفا رسميا لدولة وبالتأكيد لا يمكن أن يكون مصدر مجهول من على شاكلة (مصدر موثوق أو مطلع) له مصداقية عن مصدر له تعريفه.
فإذا كان السبق في معرفة الخبر والإخبار به هو أحد المعايير التي ينظر لها عند تقييم التنافسية بين وسائل الإعلام إلا أن الموضوعية تبقى هي المعيار الأهم في التقييم على المدى الطويل كما أن المصداقية تبقى هي الغاية الأساسية لوسائل الإعلام التي ينبغي أن تكون الحقيقة والمعلومة هي هدفها الأساسي .. وحتى لا يكون الاعلام مطية للارهابي يتسلل عبرها للعقول.