[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
سينزعج السياسيون والمتاجرون بالسياسة من هذه الدعوة رغم ادراكهم أن احدا من الجمهور سوف لن يستجيب لها، وأنا أدرك ذلك، لكن عسى ولعل.
تتحدث نكتة سياسية تم اطلاقها خلال ستينيات القرن العشرين من قبل فريق الدعاية التابع لوكالة المخابرات المركزية الأميركية ضد حكومة الاتحاد السوفييتي، وكانت النكات المتبادلة أحد أهم الأسلحة المتبعة في تلك الحرب الباردة التي اشتعل أوارها بدون بارود ومفرقعات ودخان واستمرت لعقود بين واشنطن وموسكو. تتحدث النكتة عن طالب سوفييتي دخل الجامعة ومنذ بداية دوامه في اليوم الأول ذهب إلى المكتبة الصغيرة الواقعة عند مدخل جامعة موسكو وتعرض الصحف والمجلات اليومية والقرطاسية، وسحب الطالب صحيفة "البرافدا" ذائعت الصيت وهي الصحيفة الرسمية، ألقى نظرة سريعة جدا وخلال أقل من خمس ثوان أعاد الصحيفة إلى مكانها بعد أن مشّط العناوين الرئيسية في الصفحة الاولى.
بعد أن تكرر سلوك هذا الطالب الغريب حيث يلقي نظرة سريعة ويرمي الصحيفة دون أن يدقق حتى ولو بخبر واحد أثار ذلك فضول صاحب المكتبة، وراح يراقب الطالب في كل يوم يأتي عسى أن يغير شيئا من حركته الغامضة تلك ، لكن سلوك الطالب تواصل وحيرة الرجل تزداد.
وصل الطالب السوفييتي الدارس في جامعة موسكو السنة النهائية والايام الاخيرة من دراسته ولم يغير من حركاته المشابهة منذ أربع سنوات متواصلة، في احد الصباحات قرر صاحب المكتبة الخروج عن صمته خشية أن يختفي الطالب بعد انتهاء دراسته ويبقى الرجل يفكر في ذلك السلوك الغامض والغريب واللافت فعلا، وما أن انتهى الطالب من طقسه اليومي حتى فاجأه الرجل بسؤال يقول: أيها السيد لقد راقبتك منذ سنوات وأنت تفتح الصفحة الاولى من صحيفة البرافدا وخلال لمح البصر تغلقها وتعيدها إلى مكانها ما أثار الفضول لدي لسؤالك بعد أن عجزت تماما عن تفسير ذلك ودوافعك؟
ردّ الطالب بهدوء وهو يرمق صاحب المكتبة بنظرة لا تخلو من شك: افتش عن خبر وفاة شخص.
قهقه صاحب المكتبة من أعماقه وكرر تلك القهقهة، إذ اعتقد أن هذا الطالب قادم من اطراف روسيا ومن أعماق الريف ولا يفهم شيئا في تبويب الصحف، بعد أن هدأت موجة الضحك التي انتابته بقوة وتنفس بعمق، قال مخاطبا الطالب:
يا ولدي صفحة الوفيات في داخل الصحيفة وليس في الصفحة الاولى .
لكن الطالب صعقه بجواب لم يدر بخلده على الاطلاق.
قال الطالب: يا سيدي أن الشخص الذي انتظر خبر وفاته في حال حصل ذلك سينشر على الصفحة الاولى ويأخذ كامل الصفحة مع صوره.
صًدم الرجل عندما ادرك مقصد الطالب وأنه كان أعمق بكثير من تصوره، إذ من الواضح أن المقصود بالخبر الأهم للطالب هو وفاة المسؤول الأول في الكرملين.
دعوتنا لمقاطعة الأخبار تنطلق من أن الخبر المهم الذي تنتظرون في الدول الملتهبة والمجتمعات الجالسة على سيول الدماء وهياكل الدمار سيأتيكم مثل صوت البركان، فلا تتلهفون لنتف الأخبار التي لا تشفي الغليل.