[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
” .. تحت عنوان "خراب مصر ـ القمع وعدم كفاءة عبد الفتاح السيسي سيشعلان انتفاضة أخرى". جاء التقرير الذي يصنفه البعض بـ(الاقتصادي) لم يتضمن التقرير تشخيصا دقيقا للوضع الاقتصادي في مصر والذي هو بالغ الصعوبة بلا جدال ليس لما مرت به مصر من أحداث كفيلة بهدم أي دولة خلال السنوات الخمس الماضية فقط بل لتراكمات امتدت لعقود نتيجة عوامل أغلبها داخلي من تفشي الفساد بمختلف القطاعات وانعدام الرؤية أو النهج.”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في السادس من أغسطس الحالي تناولت صحيفة الايكونوميست البريطانية الاقتصاد المصري في تقرير رسم صورة قاتمة وتشاؤمية بصورة غلب عليها الهجوم أكثر من النقد والتحليل فيما جاء الرد شبه الرسمي المصري باهتا وغير متناسب مع ما خلفه التقرير من فرص لملء الهواء وتسييل الأحبار بمزيد من الافتئات على الأوضاع في مصر.
فتحت عنوان "خراب مصر ـ القمع وعدم كفاءة عبد الفتاح السيسي سيشعلان انتفاضة أخرى". جاء التقرير الذي يصنفه البعض بـ(الاقتصادي) لم يتضمن التقرير تشخيصا دقيقا للوضع الاقتصادي في مصر والذي هو بالغ الصعوبة بلا جدال ليس لما مرت به مصر من أحداث كفيلة بهدم أي دولة خلال السنوات الخمس الماضية فقط بل لتراكمات امتدت لعقود نتيجة عوامل أغلبها داخلي من تفشي الفساد بمختلف القطاعات وانعدام الرؤية أو النهج.
وما سرده التقرير من نسب للبطالة أو ترهل الجهاز الإداري الناتج عن التخمة في عدد الموظفين وما تلتهمه هذه التخمة من الميزانية السنوية التي تقع أيضا تحت ضغوط فاتورة الدعم هي أمور يعلمها القاصي والداني.
لكن تقرير الايكونوميست الذي حث على ضرورة حل مسألتي الدعم والجهاز الإداري لاصلاح الاقتصاد غفل الإشارة إلى أن الحكومة المصرية شرعت بالفعل في ذلك عبر التخفيض التدريجي للدعم وإصدار قانون الخدمة المدنية كما أن الحكومة دأبت على التأكيد على أن قطاع الخدمة المدنية لم يعد يتحمل المزيد من الموظفين.
كما أن هذه الإجراءات الصعبة المتعلقة بالدعم والجهاز الإداري كان لها الدور الكبير في الخصم من رصيد الشعبية الذي بدأ به الرئيس عبدالفتاح السيسي رئاسته .. ورغم يقينه بهذا الخصم إلا أنه مصر على المضي في الإجراءات التي وصفها بـ(الصعبة) ولم تقدم اية حكومة سابقة على اتخاذها خوفا من الغضب الجماهيري.
وفي ما اعتبره مقال الايكونوميست تشخيصا للوضع في مصر لم يلجأ كاتب المقال إلى تدعيم فرضية (خراب مصر) التي يتبناها بتقارير اقتصادية صادرة عن مؤسسات دولية أو تحليل وقراءة لبيانات من داخل مصر .. بل كان الاعتماد الكلي على كلام مرسل أغلبه سبق تداوله بمواقع التواصل الاجتماعي وذلك على شاكلة عدم جدوى المشاريع وعلى رأسها قناة السويس الجديدة أو أن الاقتصاد المصري لا يعتمد إلا على المساعدات الخليجية دون حتى إعطاء مقارنة بين ما أنفق على مشاريع عديدة سواء زراعية أو في مجال الطاقة أو الإسكان الاجتماعي أو سداد الدين الخارجي وبين هذه المساعدات.
بل إن المقال أيضا الذي جاء استهلاله يوحي بأنه متعلق بالوضع الاقتصادي خلص إلى أن الحل السحري لإصلاح الوضع الاقتصادي في مصر يتجلى في عدم ترشح الرئيس عبدالفتاح السيسي للرئاسة (وهو مطلب معروف من وراءه) والتخلي عن التسليح (في دولة تخوض حربا على الإرهاب في سيناء وجوارها تهديد من جماعات إرهابية في ليبيا تخشاها أوروبا نفسها بل وإسرائيل التي على الرغم من اتفاق السلام تنهال عليها صفقات السلاح بالمليارات) .
أما عن الرد شبه الرسمي المصري على هذه المقالة فقد جاء على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية ولكن ليس في بيان رسمي بل في مقال له نشره على مدونة الوزارة اتهم فيه الإيكونوميست بعدم الموضوعية والمهنية، وافتقارها للتحليل والدقة.
فقد قال ابوزيد "إنه لمن المؤسف، بل ومن المشين، أن تلجأ مجلة محترفة إلى أساليب غير موضوعية ومهينة وذات دوافع سياسية، لتوصيف السياسات الاقتصادية لمصر، ونسبها إلى شخص واحد هو رئيس الدولة، ناهيك عن التحليل الركيك والقراءة السطحية للاقتصاد المصري وطبيعة التحديات التي تواجهه.
لكن هذا الرد المصري ربما سيكون أبلغ لو تضمن أرقاما توضح الوضع الحالي وما سيتم لاصلاح هذا الوضع بجداول زمنية محددة .. فهذه البيانات لا ترمي إلى الرد على مقال في صحيفة فقط بل هدفها الأساسي التعريف بالفرص المتاحة وقطع الطريق على أي تشكيك.. فعندما لا تكون الدولة هي مصدر المعلومة يتولد عن ذلك نقص بالبيانات يولد فراغا يملأه كل من له غرض.