[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
نسينا القضية الفلسطينية، هو منطق الجديد المحتدم والمؤثر ما يغير الأولويات .. من اخترع " داعش " أراد إعادة ترتيب الأولويات في المنطقة بأن تلغى فلسطين من التداول، لكنه أخطأ الحسابات، لعله اكتشف خطأه، ورأى أن فلسطين ذاكرة مزروعة في التراب وفي الهواء وفي حاضر حاضر إلى مستقبل مقيم.
" داعش " تشتبك مع أخطاء ولادتها، هذا الذي أطلقها وسواها عاش على الافتراض، لايمكن لأية قوة خارج خلايا المنطقة أن تعيش أو تتعايش، فلا هي قادرة على التعايش ولا نحن قادرون عليه معها، يجب أن يبقى أحد طرف في المعادلة، والآخر الى الانقراض وليس غير هذا التنظيم ومن على شاكلته مؤهل للرمي.
مع كل الآلام التي أوجدها هذا التنظيم، إلا أنه منحنا وقتا نستدل فيه على مرميات التاريخ التي تأتي وتطل أحيانا لتعطل مسيرة عالم، ولتضرب فيه كي تغيره، فاذا بها تصطدم بمناعة موروثة. لن يكون أمام " داعش " وكل التنظيمات الشبيهة مهما كانت اسماؤها ومسمياتها تمر بدورة تعطيل مرحلة على أمل أن تخرجها من اطارها ، فيكون التخريب لباقي المراحل .
ما أسهل النظريات التي تنجح في البداية ثم يتعزز نجاحها لاحقا، لكنها حتما الى موت مؤكد .. قبل أن يشتهر " داعش " كان موجودا، كان يتسلق المشهد العام، يريد أن يصير أحد أبطال المرحلة، كان ينتظر اللحظة التي هبت عليه في العراق، وخصوصا في الموصل والأنبار، فاذا به متسلل إلى أكثر من مكان، مجرد نجاحه هناك صار نجم واقع المنطقة وتجلياتها.
الآن تتم مقاتلته هو وغيره مما يشبهه، من المؤسف أن بعض أعلامنا ساهم في تعظيم أمره، مما دفع عديد من الشباب المهووس الى الالتحاق به، فالبندقية مغرية، ومن يحملها يشعر بقوة غريبة إلى أن يتم مقارعته وعندما يبدأ الخسارة يشعر بعبئها عليه.
كثيرون مروا في المنطقة، ثم رحلوا ولم يبق سوى أهلها الذين اختاروا أهليتهم الوطنية، فيما انتهى كل عبث بمقدرات البلاد وأهلها الى الزوال، ولو انها مرحلة مرت بكوارث وفواجع. ومنطقة مثل الوطن العربي ليس جديدا عليها أن تقارع وتحارب، أن تجتث وتستأصل، أن ترفض كل تجربة لا تؤذي الحاضر فقط بل المستقبل بالتحديد. " داعش " هي العنوان الذي يؤهله صانعه لمسح الحاضر، من أجل صناعة قيم مختلفة في كل مناحي الحياة من السياسة الى الفكر والثقافة والفن والاجتماع والاقتصاد، ثم والأهم الى الغاء فلسطين، وعندما تلغى، لن يبقى هنالك " زعم " بأننا عرب ولدينا مهمات وطنية وقومية ولنا فيها تاريخ وشواهد.
لابأس لو أتى يوم قريب أو بعيد علينا ليضطر كل واحد منا حمل السلاح دفاعا وربما هجوما. وذلك ردا على سؤال البقاء.
قد نصبح جيش الاحتياط للجيوش التي تحارب .. يجب أن يكون لكل مواطن دور وليس مجرد متفرجين على أحداث مصيرية وجودية تخص كل واحد منا . كم قلنا ذلك وطلبناه بعد كل حرب اسرائيلية علينا، أن نصبح جميعا جنودا، جيشا شعبيا، لابد اذا حارب الجميع من احلال عالم مختلف عما عليه الآن .