يناقش جهود المبرد الأزدي العلمية وآثاره اللغوية والأدبية
أحمد السيابي: جهود سفارة السلطنة بالأردن ترتيبا وتنسيقا ودعما يوطد العلاقة بين البلدين
الأردن ـ من علي بن صالح السليمي:
بدأت صباح أمس فعاليات المؤتمر العلمي الدولي العاشر حول جهود المبرد الأزدي العلمية وآثاره اللغوية والأدبية والذي نظمته وحدة الدراسات العمانية بجامعة آل البيت الاردنية ويختتم فعالياته اليوم من خلال 11 جلسة عمل صباحية ومسائية بمشاركة أكثر من 80 باحثا ومفكرا من السلطنة وعدد من الدول الإسلامية.
وقد رعى فعاليات الافتتاح سماحة الشيخ عبد الكريم الخصاونة مفتي عام المملكة الأردنية الهاشمية نيابة عن الأمير غازي بن محمد الممثل الشخصي والمستشار الخاص لملك الاردن بحضور سعادة السفير خميس بن محمد الفارسي سفير السلطنة لدى المملكة الاردنية الهاشمية والدكتور عبد الله بن جمعة الشقصي الملحق الثقافي في سفارة السلطنة بالأردن والاستاذ الدكتور فارس المشاقبة رئيس جامعة آل البيت وجمع كبير من المشاركين والباحثين ووسائل الإعلام، وقد ترأس الوفد العماني المشارك سعادة الشيخ أحمد بن سعود السيابي الامين العام لمكتب الإفتاء.
وفي بداية المؤتمر تليت آيات من الذكر الحكيم، ثم ألقى الدكتور أحمد الحراحشة مدير وحدة الدراسات العمانية بجامعة آل البيت الأردنية كلمة قال فيها: لقد احتلت مؤتمرات وحدة الدراسات العمانية مكانا في خارطة المؤتمرات الدولية، فنحن اليوم ننظم المؤتمر الدولي العاشر للوحدة، والذي جاء تحت عنوان: "المبرد الازدي: جهوده العلمية وآثاره اللغوية والأدبية"، مبينا أن هذا المؤتمر يشارك فيه ما ينيف على ثمانين عالما من ست عشرة دولة من الشرق الآسيوي بداية من باكستان مرورا بالوطن العربي.كما ألقى الدكتور عبد الله بن جمعة الشقصي الملحق الثقافي في سفارة السلطنة بالأردن كلمة أشار فيها إلى أن وحدة الدراسات العمانية بجامعة آل البيت ومركز الدراسات العمانية بجامعة السلطان قابوس دأبتا على اختيار موضوعات علمية مميزة لتكون عناوين للمؤتمرات والندوات التي تعقد كل عام، مبينا أن هذا المؤتمر يسلط الضوء على عالم تشعبت معارفه، وتنوعت ثقافته لتشمل العديد من العلوم والفنون.وألقى سعادة الشيخ احمد بن سعود السيابي الأمين العام لمكتب الإفتاء رئيس وفد السلطنة كلمة أشاد فيها بجهود جامعة آل البيت ممثلة في وحدة الدراسات العمانية على إقامتها هذا المؤتمر المبارك الذي يجمع كوكبة من علماء الأدب واللغة، وما قبله من ملتقيات، كما أشاد كذلك بجهود سفارة السلطنة بالمملكة الأردنية الهاشمية على جهودها المستمرة، ترتيبا، وتنسيقا، ودعما, والذي يصور العلاقة المتميزة التي تربط البلدين الشقيقين السلطنة والمملكة الأردنية الهاشمية بقيادة عاهلي البلدين جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم وجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم ـ حفظهما الله ورعاهما. كما ألقى الاستاذ الدكتور فارس المشاقبة رئيس جامعة آل البيت كلمة خلال المؤتمر اوضح فيها بأن تعزيز الثقة باللغة العربية والاعتزاز بها، يعد من أهم أسس الحفاظ على شخصية الأمة، ووجودها الحضاري، وان أي تفريط فيها يعد تفريطا بالسادة، والهوية والكيان الثقافي.مؤكدا أهمية عقد هذه المؤتمرات وضرورة استمرارها، والتي تشكل ظاهرة حضارية وثقافية، تشير إلى حيوية هذه الأمة وعظمة إرثها الحضاري، وتسهم في توثيق العلاقات بين المؤسسات الأكاديمية والبحثية، وتساعد على تطوير التعامل مع المفاهيم التراثية، وتعزز سبل المحافظة على الكنز المشترك لأجيال الأمة، متمنيا أن تقدم أبحاث المشاركين كل الفائدة المرجوة، وبما يعود بالنفع على الأمة بأسرها.
وأخيرا ألقى الدكتور الخصاونة كلمة أشار فيها إلى أن جامعة آل البيت التي تحمل اسم آل بيت النبي (صلى الله عليه وسلم)، قد دأبت على عقد المؤتمرات والندوات العلمية ورعاية العلم والعلماء، لتحقيق رسالتها العالمية المعتدلة وهي رسالة الإسلام السمحة، مشيدا بتعاون وحدة الدراسات العمانية في جامعة آل البيت ومركز الدراسات العمانية في جامعة السلطان قابوس لتسليط الضوء على شخصية علمية أدبية كبيرة وهو المبرد الأزدي، مبينا أن هذا التعاون يؤكد على ربط العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين الشقيقين السلطنة والمملكة الأردنية الهاشمية.

أوراق العمل

وقد قدم الدكتور ناصر بن علي بن سالم الندابي ورقة بعنوان "التاريخ الإباضي من خلال كتاب الكامل في اللغة والأدب" ـ دراسة نقدية تحليلية قال فيها: لقد ساهم المبرد بمؤلفات كثيرة أثرت المكتبة العربية، تشهد كلها بسعة علمه وتنوع ثقافته واختلاف مشاربه، ومن بين تلك المؤلفات كتابه الكامل في اللغة والأدب، الذي يجعله ابن خلدون أحد الكتب الأربعة التي يقوم عليها فن الأدب مع أدب الكاتب لابن قتيبة ، والبيان والتبيين للجاحظ ، وكتاب النوادر لأبي علي القالي. ولم يحصر المبرد كتابه "الكامل في اللغة والأدب" على ذلكم التخصصين اللذين صاحبا عنوان الكتاب "اللغة والأدب" بل جاء كتابه موسوعة متكاملة ضمت العديد من العلوم والفنون والتي من بينها التاريخ الإسلامي، فقد تعرض المبرد في كامله إلى العديد من الأحداث التاريخية في العصور الإسلامية، ولهذا يعد كتابه هذا مصدرا تاريخا ينبغي العودة إليه حين الكتابة عن تلك الأحداث، ومرد ذلك إلى كون العلامة المبرد قريب عهد بهذه الأحداث.موضحا بأنه ومن هذا المنطلق فإننا نود التركيز على نقطة واحدة في هذا البحر المتلاطم، وتلك الروايات التاريخية المتناثرة هنا وهناك في هذا الكتاب القيم، لنستجلي جانبا واحدا تعرض له المبرد وذكر فيه روايات تاريخية أوضحت نظرته ونظرت معاصريه لها، ومن بين تلك الروايات التاريخية تعرضه لبعض الأحداث التاريخية التي تخص التاريخ الإباضي في بداياته الأولى، وتعرضه لبعض الشخصيات القيادية في تاريخ المذهب الإباضي. وقال: إننا نلقي الضوء على تلك الأحداث التاريخية محللين لها وناقدين في الوقت نفسه، لنبين مدى صحة تلك المعلومات الواردة في كتاب الكامل ومدى دقتها ومدى توافقها مع المصادر التاريخية الأخرى المعاصرة لها، وما هي المعلومات التي يعد كامل المبرد مصدرا فريد ووحيدا لها، كما نهدف من خلال هذه الورقة إبراز تلك الروايات التاريخية على الساحة الإسلامية لنلفت انتباه الباحثين والمؤرخين للتاريخ الإسلامي بوجه عام والباحثين والمؤرخين الإباضية بوجه الخصوص إلى ضرورة البحث عن الروايات التاريخية في كتب الأدب واللغة وعدم الاكتفاء بنقلها من مصادر الكتب التاريخية فحسب.مؤكدا بقوله: اننا نسعى من خلال هذه الورقة أيضا إلى الوقوف عند بعض هذه الروايات التاريخية لنبين وجهة نظر المبرد نحوها والأسلوب والطريقة التي انتهجها في كتابه الكامل في إيراد تلك الروايات، وسنركز أيضا على الحس التاريخي الذي اتسم بها المبرد حين إيراده لهذه الروايات التاريخية، وستكون طريقة معالجتنا للأحداث التاريخية بترتيب الأحداث التي أوردها المبرد حسب تسلسلها التاريخي، ومحاولة ربط كل الأحداث ببعضها البعض، كذلك ربط المعلومات التاريخية المتناثرة هنا وهناك في كتاب الكامل، ومما نود الإشارة إليه هنا أننا تحدثنا عن تاريخ الخوارج بصورة عامة ولكن كان تركيزنا على التاريخ الإباضي، ولكونه تاريخ مشترك ومتدخل فقد حاولنا جاهدين التركيز على ما يراه الإباضية أنه منهم، وما يتبنونهم من أشخاص.
وحول "المبرد وتأسيس الثقافة العربية" قدم الدكتور أحمد يوسف علي من جامعة قطر قال فيها: كان المبرد حاضرا ومدركا القضايا الكبرى المطروحة على مائدة الصراع الفكري والثقافي بشكل خاص، فقد استقبل حياة العلم وقد ترك له ابن سلام تاريخا أدبيا له قواعد ومعايير نقدية للشعراء من الجاهليين والإسلاميين مدونا في كتاب ابن سلام "طبقات فحول الشعراء" ولم يخل هذا الكتاب من الانشغال بقضايا اللغة وغريبها ونحوها. وقال: لقد وصل لنا من مؤلفات المبرد كتابه "الكامل" وهو محقق ومعروف في أربعة أجزاء ، وكتابه الروضة ، وكتابه المقتضب، وكتب أخرى كالفاضل ورسالة البلاغة وهي رسالة صغيرة حققها الدكتور رمضان عبد التواب، وكتابه "الكامل" هو أهم ما وصل لنا من كتبه التي ذاعت وانتشرت ونالت التقدير من أهل زمانه ومن مفكر وعالم عظيم مثل ابن خلدون، فالكامل يضم مختارات رئيسة من اللغة والنحو والأدب والتاريخ تمثل المادة التعليمية اللازمة لصقل الملكة والتدريب على فنون القول وتكوين الذوق الفني. مؤكدا بأن الإحساس بالمفارقة عند المبرد كان إحساسا بنموذج واحد من الكتابة الشعرية هو الكتابة الشعرية الموروثة التي كان النسج الشعري على منوالها أشبه بها مع أنه نتاج زمن ليس هو الزمن الماضي. فالمفارقة داخل النموذج الواحد مفارقة في الدرجة وليست في الكيف، ولم يدرك أن المفارقة تكمن في الإحساس بالتغير والتطور: في الذوق العام أو في طبيعة الفن الشعري أو في المقاييس الأخلاقية التي يستند إليها الشعر أو في العادات والتقاليد التي يصورها أو في المستوى الثقافي ونوع الثقافة في فترة إثر أخرى أو في مجموعة من القيم على وجه التعميم، هذا الإحساس بالتغير والتطور هو الذي يلفت الذهن – أو ملكة النقد – إلى حدوث مفارقة ما. ولابد لهذه المفارقة أول الأمر أن تكون ساطعة متباعدة الطرفين حتى تمكن النظر الذي لم يألفها قبلا من رؤيتها بوضوح، على حد قول إحسان عباس، وقد أدى هذا بالمبرد إلى أن يقع في التردد والتناقض.