[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedaldaamy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"] د. محمد الدعمي[/author]

كاتب وباحث أكاديمي عراقي

تسلمت قبل بضعة ايام وبالجم من الامتنان والتقدير دعوة لحضور "المؤتمر الدولي السادس للغة العربية" الذي سيعقد في دبي (1-4 مايو، 2017). وإذ كنت متيقناً بأني لن أتمكن من الحضور والإسهام بالأبحاث والمناقشات، إلا أني أود أن اضيف هذه المقالة إلى رصيدي من المقالات حول العربية وأحوالها اليوم وفي المستقبل، وطرائق العناية بها، مع إشارة خاصة إلى آثار "الدارجات" من اللهجات المحلية على الفصحى.
لذا، أود أن اباشر هذا الموضوع المهم بالإشارة الى ما يمكن أن أطلق عليه أزمة المصطلح في الفصحى، خاصة وأن أعداداً لابأس بها من المختصين كانوا قد توهموا في عد مجامع اللغة العربية (مجمع اللغة العربية في القاهرة وما كافأه في دمشق والمجمع العلمي العراقي ببغداد) مراكز علمية وظيفتها تعريب الأجنبي من الألفاظ وتعميمه على مستوى الدول العربية على سبيل توحيد الإصطلاح. بيد أني قد لاحظت أن جميع ما أقرته هذه المجامع، القاهري خاصة، لم يحظ بما كان يؤمل من توحيد "المعربات" من الألفاظ . أقول بأني قد لاحظت أن الإخوة في دول المغرب العربي لديهم طرائقهم الخاصة في سك "المعربات" من الألفاظ، الأمر الذي أخل بالدعوة "القومية" الشاملة لاعتماد سلطة تعريب واحدة من المشرق إلى المغرب العربي.
وإذا كان لهذا الموضوع صلة قوية بالمصطلح فإن في ذلك الكثير مما يستحق الرصد والمناقشة، ذلك أن المجمعات المتخصصة أعلاه طالما تجاوزت توحيد المصطلح العربي الأصل ذاته، نظراً للاعتقاد الخاطئ بأن دورها وواجبها ينصب فقط على تعريب المصطلح الأجنبي الوافد إلى العربية.
وإذا ما حاول المرء التقاط بعض النماذج للاختلاف في تحديد المصطلح ودلالاته داخل عالم اللغة العربية نفسه، فإنه لا بد أن يصطدم بملاحظة حجم الاختلاف والتنوع والاجتهاد الفردي، بل وحتى "المجمعي" (نسبة للمجمع). وكنموذج للإرباك، يمكن للمرء أن يناقش ما الذي كان ابن خلدون يقصده بلفظ "الأعراب"، وما الفرق بينه وبين "العرب"، ناهيك عن مصطلحات مربكة أخرى، لم يزل الكثيرون لا يقوون على إدراك معانيها بدقة كافية، بالرغم من اتصالها بالعرب وتاريخهم، ومن ذلك دلالات لفظية "عاربة" و"مستعربة".
وتنطبق هذه الحال على لفظ "قديم" و "قدماء"، بدليل الفرق الشاسع بين فهمنا الشائع لهذا اللفظ، من ناحية، ولتوظيفه الخاص بقلم المرحوم طه حسين، إذ قصد به السابقون من العرب، أو ربما قصد به "الأسلاف" أو الأجداد.
أما مسألة توظيف الألفاظ الأجنبية، كما هي، في النصوص العربية، فهو بحد ذاته إدانة للمجمعات المذكورة في أعلاه نظراً لأني عندما أستعمل لفظ "مليونير" أو لفظ "كومبيوتر" أو لفظ "كولونيالي" بدلاً من الألفاظ العربية المكافئة، فإني إنما أعبر عن عجز هذه الجماعات عن الإتيان بالمرادف المقنع، بديلاً من الألفاظ الأجنبية أعلاه. وتنطبق حال مشابهة على ألفاظ كان تعريبها أو موازيها العربي غير مقبول لفظيًّا، بل وحتى ذوقيًّا في أحيان كثيرة.