[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/jawadalbashity.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]جواد البشيتي[/author]
جواد البشيتي
كاتب فلسطيني ـ الأردن

"روسيا بوتين" دَخَلَت منذ أيلول (سبتمبر) الماضي الحرب في سوريا ضدَّ "داعش"، ساعيةً، في الوقت نفسه، إلى استهداف "جبهة النصرة" في "الحرب على الإرهابيين"؛ والآن، انطلقت القاذفات الروسية بعيدة المدى من قاعدة همدان الجوية الإيرانية لتضرب "داعش" في الأراضي السورية؛ ولقد أوضحت طهران، في معرض تأكيدها انتهاء الاستعمال الروسي لقاعدتها الجوية تلك، أنَّ ما حدث يمكن أنْ يتكرَّر إذا ما تطلَّب الأمر.
"روسيا بوتين"، المتَّهَمَة غربيًّا بـ"إعادة رسم الخرائط في أوروبا بقوَّة السِّلاح"، والمتورِّطة في "حربٍ باردةٍ (شرعت تعنف)" معه في أوكرانيا، والنَّاقِمة عليه لتماديه في فَرْض العقوبات عليها، تَنْتَظِر "الفرصة الملائمة"؛ فَلِمَ لا "تُنافِس" الولايات المتحدة في الحرب على "داعش"؟! لِمَ لا تُمارِس "الحق نفسه"، وتُحارِب "داعش" في الطريقة نفسها؟!
نظريًّا (في المقام الأوَّل) وعمليًّا (في المقام الثاني) تستطيع روسيا، ويحقُّ لها، أنْ تبتني "تحالفًا دوليًّا" خاصًّا بها، وتقوده هي، في الحرب على "داعش"، في سوريا، وفي معقلها في "الرقة"؛ فهي والولايات المتحدة تتقاسمان "الشرعية الدولية نفسها"، وهي قرار مجلس الأمن الدولي الذي يَدْعو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى مَنْع السلاح والمال عن "داعش" الإرهابي، الذي يتهدَّد الأمن والاستقرار الإقليميين، وقد يتهدَّد الأمن
والاستقرار الدوليين؛ ولم يَصْدُر عن المجلس نفسه أي قرار "يُشَرْعِن (دوليًّا)" حرب "التحالف الدولي"، الذي تقوده الولايات المتحدة، على "داعش".
وإذا كان "جيش أوباما الجوِّي" قد وَجَد له جيشًا محليًّا (عراقيًّا) على الأرض (في مقدَّمه "البشمرجة") لـ"ملء الفراغ"، أيْ للسيطرة على المواقع والمناطق، التي يُرْغَم "داعش" على تَرْكها بسبب الضربات الجوية، فإنَّ "جيش بوتين الجوِّي" لديه الآن "الجيش النظامي السوري (وحلفاؤه الإقليميون)".
في "الحرب (أو الحملة العسكرية) العالمية" على "داعش"، والتي تقودها إدارة الرئيس أوباما، وتخوضها بـ"الضربات الجوِّية"، أُخِذَ بـ"مبدأ جديد" هو الآتي: كلُّ عضو في "التحالف الدولي"، الذي تقوده الولايات المتحدة، يجب أنْ يكون معاديًا لـ"داعش"؛ لكن ليس كل طرفٍ معادٍ لهذا التنظيم يجب أنْ يكون عضوًا في هذا التحالف. وعملًا بهذا المبدأ، وعلى ما قالت إدارة الرئيس أوباما في مواقفها المُعْلَنَة، لا مكان في هذا التحالف لإيران والحكومة السورية، ولا لروسيا.
"روسيا بوتين" مع القضاء على "داعش" قضاءً مبرمًا، ومع تحالف دولي يَضُم "كل طرف معادٍ لهذا التنظيم، ويرغب في الانضمام إلى هذا التحالف"؛ ويمكن، من ثمَّ، ويجب، أنْ يحظى هذا التحالف، وجودًا وعملًا، بـ"الشرعية الدولية"، التي هي، بحسب وجهة نظر موسكو، قرارٌ يَصْدُر عن مجلس الأمن الدولي، يُقام بموجبه هذا التحالف، ويُفَوَّض في شَنِّ الحرب على "داعش"؛ ولِكَوْن التحالف الدولي الذي تتوفَّر الولايات المتحدة على بنائه يَفْتَقِد "هذه" الشرعية الدولية، اعترضت عليه موسكو، قائلةً إنَّ أي عمل حربي له في سوريا يُعَدُّ "عدوانًا" على هذه الدولة، و"انتهاكًا لسيادتها"، ولـ"القانون الدولي"؛ أمَّا إيران فقالت إنَّ الولايات المتحدة تَسْتَذْرِع بالحرب على "داعش" في الأراضي السورية لإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد.
في موازاة الضربات الجوية للولايات المتحدة في المناطق السورية التي يسيطر عليها "داعش"، وفي مقدمها الرقة، يمكن أنْ تتوسع موسكو في ضرباتها الجوية، وبما يسمح لقوَّة عسكرية أرضية خاصة، تتألَّف من الجيش السوري، ومقاتلين من "حزب الله (اللبناني)"، بـ"ملء الفراغ"، والسيطرة السريعة على مواقع "داعش" المضروبة من الجو. ومع إعلان تلك المناطق (في شرق وشمال سوريا) مناطق محرَّرة من "داعش"، مشمولة (من الآن وصاعدًا) بـ"السيادة السورية"، لا يبقى لدى الولايات المتحدة (وحلفائها) من "ذريعة"، أو من "سبب وجيه"، لشَنِّ غارات جوية على "داعش" السوري، الذي، على افتراض أنَّه قد هُزِم عسكريًّا في سوريا، قد يَنْقُل قسمًا كبيرًا من قواه العسكرية والقتالية إلى المناطق العراقية الخاضعة لسيطرته، إذا ما أراد اجتناب مزيدٍ من الخسائر في الأراضي السورية.
إذا لعبت موسكو (وطهران) هذه الورقة، فليس ثمَّة ما يَضْمَن، عندئذٍ، نجاح الولايات المتحدة (وحلفائها) في الحرب على "داعش" العراقي.