[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]
أحمد صبري كاتب عراقي
[email protected]

كما كان متوقعا أرجأ مجلس النواب العراقي البت في مصير وزير الدفاع، بعد أن كان مقررا التصويت على سحب الثقة من الوزير على خلفية تهم الفساد المالي، والتقصير في العمل، بعد انسحاب عدد من الكتل البرلمانية بقصد تعطيل عملية التصويت.
لا جديد إذًا في الأزمة السياسية المستمرة في العراق، بعد اختلال النصاب اللازم للتصويت، سوى تعزيز الانقسام الحاصل بين المكونات السياسية، خصوصا وأن قرارات أخرى كان من المفترض التصويت عليها مثل قانون العفو العام، والمساءلة والعدالة.
الخلاف بين كتلة التحالف الوطني الحاكم، واتحاد القوى حول بعض الفقرات في القانون، أبرزها إعادة محاكمة المتهمين بالإرهاب، إضافة إلى شمولهم بالعفو العام، هو سبب تعطيل التصويت على القانون طبقا لمراقبين.
مثل هذه التوقعات قد تبدو بعيدة عن الواقع الذي تتحدث عنه بعض الأوساط السياسية من أن صفقة كانت قد أبرمت بين كتلتي التحالف الوطني واتحاد القوى، يقضي بتمرير قانون حظر البعث، تمهيدا لإقرار قانون العفو العام، وهو ما لم يحصل حتى الآن.
الدور الأميركي لا يبدو بعيدا عن مسار الأحداث في العراق، وإن حاولت الإدارة الأميركية إضفاء الاستقلالية على عمل الحكومة العراقية، لكن يبقى السؤال الأهم بنظر المراقبين والمتابعين للشأن العراقي، لماذا تمرر القوانين الأمنية برغم أهميتها، وفق توافقات سياسية وطائفية، في وقت يعلم فيه الجميع، أنها تتعلق بكامل مكونات الشعب العراقي، وبشكل متساوٍ.
وتزامنت هذه التطورات مع بلوغ الاستعدادات لاستعادة الموصل من تنظيم "داعش" ذروتها بسيطرت القوات العراقية على ناحية القيارة جنوب الموصل لقضم الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم "داعش"، في طريقها لتحقيق هدفها، رغم ارتفاع معدل الخسائر البشرية في هذه المعارك.
وبلدة القيارة، جنوب الموصل، اقتحمتها القوات العراقية بعد اشتباكات انتهت باختراق خطوط الصد الأمامية للتنظيم، الذي تراجع مجبرا إلى داخل المدينة، بينما تدور المعارك حاليا في الأحياء الشمالية من المدينة، وسط غموض يلف مصير المدنيين فيها.
عملية القيارة انطلقت بمشاركة قوات مكافحة الإرهاب إضافة إلى قطعات عسكرية أخرى، تغطيها القوة الجوية العراقية وطيران التحالف الدولي، حيث لا يمكن للقوات القفز إلى الموصل من دون السيطرة على هذه المدينة، لكن قفزة سياسية أخرى يبدو السياسيون بحاجة إليها، في ظل السجال بين بغداد وأربيل، حول أي من القوات التي يسمح لها بالمشاركة في معركة الموصل.
الولايات المتحدة التي دأب المحللون على وصف موقفها بالغامض، شجع سفيرها في العراق ستيوارت جونز حكومتي المركز والإقليم على التنسيق العالي بينهما، أما بخصوص مشاركة الحشد الشعبي في المعارك، فقال السفير جونز: إن ذلك شأن داخلي، وسندعم جميع القوات، وإن كان الحشد من ضمنها، على أن ينسق مع القيادات الأمنية، الأمم المتحدة قالت عبر مفوضيتها العليا لشؤون اللاجئين، إن مئات الآلاف من سكان الموصل، قد يجبرون على النزوح، بسبب المعارك التي قد يكون أثرها هائلا، بينما أعلنت الحكومة العراقية أنها وضعت خططا لمعالجة الملف الإنساني في المدينة، علما أن هذه الخطط، هي أكثر ما يقلق المدنيين، عطفا على سابقاتها في أماكن أخرى.
ومهما كانت االنتائج للحراك السياسي والعسكري فإن مسار الأحداث يسير إلى مزيد من التعقيد والانقسام السياسي بين فرقاء العملية السياسية الذين يبحثون عن مخرج لأزمتهم، وما تصريحات رئيس الوزراء حيدر العبادي حول استعادة الموصل نهاية العام الجاري وتفاؤله باستمرار الدعم الدولي إلا محاولة للقفز على تصاعد الأزمة المالية التي قد تدفع الحكومة من تخفيض رواتب موظفي الدولة وحتى المتقاعدين لسد النقص الحاصل في الموازنة العامة. وهنا تكمن خطورة الوضع والمأزق السياسي وتداعياته على حقوق الشعب المكتسبة.