[author image="http://alwatan.com/files/2014/04/talebalzabary.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طالب الضباري[/author]
الكل يجمع على أن السلطنة ولله الحمد لديها العديد من المقومات السياحية غير المستغلة حتى الآن ولا ندري ما السبب لكن مهما يكن فان ذلك يعد كما يراه البعض من جوانب التقصير في ترجمة التوجه نحو تنويع مصادر الدخل وفي مقدمتها مصدر السياحة الذي تعتبره العديد من دول العالم أول مصادر الدخل لديها وتحاول جاهدة لتطويع كافة الإمكانيات وتذليل كافة الصعوبات لكي يستمر في النمو والازدهار، كما ان البعض أعلن تخفيض اعتماده على النفط كمصدر دخل الى أدنى مؤشر له، انطلاقا من إدراكه الاستباقي لبناء اقتصاد دائم ومستمر يعتمد على مجالات استثمار لا تنضب ومتجددة، والسلطنة بطبيعة الحال من الدول في شبه الجزيرة العربية التي حباها الله بثروات طبيعية غير النفط والغاز وتنوع سياحي طوال العام ومن بينها الشواطئ التي تمتد لأكثر من ١٧٠٠ كيلومتر كل قسم منها يمتاز بخصوصية معينة ابرزها الشواطئ الباردة صيفا والتي تطل على بحر العرب وتتركز في محافظتي جنوب الشرقية والوسطى نتيجة تأثرها بما تشهده محافظة ظفار من اجواء استثنائية يطلق عليه محليا موسم الخريف والقادم من المحيط الهندي، الا أن هذه المساحة المنسية للأسف الشديد لم تلق حتى الان الاهتمام السياحي المطلوب وتحويلها الى منتجعات سياحية لتشجيع السياحة الداخلية اولا والخليجية ثانيا بدلا من كونها الان اماكن لأكواخ آلاف من القوى العاملة الوافدة التي تشتغل في حرفة صيد الأسماك ومعظمها اما هاربة او مسرحة او متسللة.
وميزة هذه الشواطئ ان جوها بارد وأحيانا معتدل طوال العام وبالتالي هي صالحة للسياحة خاصة العائلية التي لا تجد متنفسا يمكن ان تقضي فيه بعض الوقت بعيدا عن ضوضاء وصخب المدن، فخروجها ـ أي العائلات ـ الاضطراري الى بعض الدول المجاورة لاشك نتيجة لافتقادها للخدمات التي تؤمن لها الاستفادة الإيجابية من جمال الطبيعة في هذه الأماكن مثل المنتجعات والمراكز التجارية والمراكز الترفيهية، حيث انه في ظل غياب ذلك هناك ملايين من الريالات تخرج لاجل السياحة او التسوق خارج الوطن الاقتصاد الوطني أولى بها، فمثل هذه التي تساهم في حل جزء كبير من مشكلة الباحثين عن عمل لا يمكن ان تخسر مع أفراد شعب يحاولون ان يستغلوا أي إجازة للترفيه عنهم وعن أسرهم، فبالإضافة الى ٣ شهور الإجازة الصيفية يسبقها شهر اجازة منتصف العام الدراسي هناك عطل المناسبات الدينية والوطنية فضلا عن يومي نهاية الأسبوع وعددها في العام يصل الى حوالي ١٠٤ أيام، مما يعني ذلك أن هناك اكثر من ٤ شهور يمكن ان يطلق عليها إجازات عائلية ومثلها للطلبة، وبالتالي فان هناك أكثر من ٨ شهور بالإمكان ان تمثل عائدا لهذه الخدمات متى ما أدركنا أهمية ذلك، فإذا كنّا جادين بالفعل لتنويع مصادر الدخل فان هذه النافذة تمثل أحد أهم تلك المصادر ذات القيمة المُضافة ليس على الإيراد المحصل لخزينة الدولة وإنما على المجتمع المحلي من خلال انشاء المئات من المشاريع الفردية التي يمكن ان تخدم هذه المنتجعات مثل مكاتب للسياحة والرحلات البحرية ومراكز للرياضات والالعاب البحرية والمطاعم العائمة ومراكز للغوص وصيد الأسماك ومحلات بيع التحف والمشغولات اليدوية وغيرها من المشاريع الحرة والفردية الأخرى التي نلامسها عندما تتاح لنا الفرصة لزيارة دول رائدة في هذا المجال.
وإذا كان المستثمر المحلي يتحرك على استحياء للاستثمار في هذا المجال وعنده فوبيا المجازفة المضمونة، فان هناك العديد من المستثمرين الخارجيين الذين يقدرون قيمة مثل هذه الاستثمارات وعائدها المادي، فهناك أمثلة جسدت عمليا في بعض المحافظات أبرزها في محافظة ظفار خلال السنوات القليلة الماضية من خلال بعض المنتجعات والمراكز التجارية التي لم يقتصر أداؤها على فترة الخريف وان كان بشكل اكبر وإنما الحركة فيها دائما طوال العام، هذا بالنسبة لمحافظة تبعد اكثر من الف كيلومتر عن العاصمة مسقط، فماذا يتوقع ان يكون عليه الوضع لو تحقق ذلك في أماكن تتراوح المسافة بينها وبين العاصمة من ٣٠٠ إلى ٥٠٠ كيلومتر؟ فلماذا لا نبدأ على سبيل التجربة بهذه المشاريع في موقعين على هذه الشواطئ وليكن أحدها في رأس الحد والأخر في الاشخرة، شريطة ان تكون هذه المنتجعات في متناول الايدي العمانية من حيث الاستفادة منها وليس كتلك التي ينظر اليها من بعيد وتتعدى امكانياته المادية، فكلما كانت كذلك كثر مرتادوها وازداد عائدها المادي والاقتصادي وأوجدت زيادة في الحركة التجارية والخدماتية ليس فقط في مواقعها وإنما حتى على الخطوط البرية الموصلة اليها، فهل اخرجنا تلك الشواطئ من دائرة النسيان او لكي ننصف الجهات المعنية، من التخطيط المؤجل للتنفيذ الى الإسراع فيه؟.

أمين سر جمعية الصحفيين العمانية
[email protected]