[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
كما هو معروف عن منهج اليهود في ربط وجودهم بأي مكان من خلال سيطرتهم على المفاصل المهمة في اقتصاد ذلك البلد، فإن هذا المنهج لم يتغير خلال وجودهم في الدولة العثمانية، بل إنه أخذ ابعاداً أخرى، فإذا كان الهدف من السيطرة على اقتصادات الدول التي يتواجدون بها هو جني ثمرات اقتصادية وزيادة رؤوس الأموال ومن ثم التحكم بالاتجاهات السياسية والاقتصادية لتلك البلدان، فإن الوضع في الدولة العثمانية قد سار ضمن هذا الاتجاه، مع إضافة أهداف خرى لا يمكن تحقيقها إلا من خلال السيطرة على التجارة والاقتصاد، والتي أكد الباحثون والدارسون للتاريخ العثماني على مسألة اهتمامهم المبكر بموضوع التجارة داخل حدود الدولة العثمانية وحتى في التعاملات الخارجية، كما أننا نجد أن أول من سهل عملية انتقال اليهود من أوروبا بصورة عامة واسبانيا بشكل خاص عام 1492 وما بعده، كان التجار اليهود من خلال علاقاتهم الوطيدة مع التجار الأتراك وخاصة التاجر التركي المعروف (خير الدين بارباروس) الذي نقل اليهود بأسطوله الذي كان يسيطر على البحر الأبيض المتوسط إلى تركيا. وكان اليهود المهاجرون من اسبانيا اصحاب مهن مختلفة ويتعاطون التجارة والصناعة، كما أن معرفتهم باللغات الغربية وخبرتهم في شؤون المال والصيرفة أتاحت لهم فرصة تسلم عدة وظائف في الدولة العثمانية.
نستطيع أن نرصد الحيز الذي ظل اليهود يحرصون على شغله سواء داخل القصر السلطاني أم في المناطق المحيطة به، والتي تؤثر في اتجاه السياسة التي يتبعها المسؤولون في الامبراطورية.
اما الأهداف الأخرى التي اضافها اليهود إلى سلسلة الأهداف التي يبغون تحقيقها من خلال تواجدهم في الدولة العثمانية فتتلخص في:
أولاً: احكام السيطرة على الاقتصاد التركي حيث (اعطى الموقع الجغرافي لتركيا أهمية كبيرة للاتصال والعلاقات من البر الآسيوي وبحاره وبين البر الاوروبي وبحاره، لقد أكسب هذا الموقع تركيا دوراً مهماً في التأثير في الأحداث الدولية وفي المشاركة في صنع تاريخ المنطقة) وهذه الميزة ليست حديثة وإنما مرتبطة بالموقع الجغرافي، وعلى مدى قرون، ظل اقطاب التجارة في كل مكان يولون أهمية استثنائية للجغرافية في التخطيط للمشاريع الاقتصادية وفي ممارسة الأعمال التجارية.
ثانياً: إن القوة التي يمكن أن تدعم الخطوط الأخرى التي عمل اليهود على تثبيتها في تركيا والتي تتمثل في زرع يهود الدونمة، ونشر الماسونية بصورة واسعة من خلال محافلها الكثيرة، هي وجود اقتصاد قوي ومؤثر خاص باليهود، ولا شك أن السيطرة على المفاصل المهمة للاقتصاد والتجارة، ستؤدي إلى السيطرة على وسائل الإعلام اما عن طريق انشاء الصحف ودور النشر والمؤسسات الإعلامية الاخرى، والتي تحتاج إلى رأسمال قوي لتأسيسها وديمومتها، او من خلال ربط الشركات والمصانع الأخرى بعجلة الإعلام، من خلال الدعاية التي تحتاج إليها تلك الشركات والمصانع الكبيرة، ومن هنا نجد أن من بين (3800) ثلاثة الاف وثمنمائة شركة تجارية كبرى في تركيا هناك (3400) ثلاثة الاف واربعمائة شركة يملكها اليهود الأتراك، ويقول ابراهيم الداقوقي إن اليهود يتمتعون بنفوذ واسع في اوساط التجارة والاقتصاد ويسيطرون سيطرة تامة على عمليات الاستيراد والتصدير.
ثالثاً: استخدام ورقة الاقتصاد للضغط على الحكومة في أي وقت يحتاجون إلى ذلك، ونلاحظ أن اهم الأوراق التي حاول (ثيودور هرتزل) استخدامها في مفاوضاته مع السلطان عبد الحميد الثاني، كانت ورقة الاقتصاد وامكانية انقاذ الاقتصاد العثماني من التدهور، من خلال تقديم القروض الهائلة والتي تعني ربط عجلة السياسة العثمانية بالبنوك اليهودية، التي ستقدم القروض والتي تنتشر في اوروبا وبريطانيا واميركا وتواصل ذلك المنهج في الاستثمار الدقيق لورقة الاقتصاد.
رابعاً: ارتبط السلوك اليهودي بالرشوة، فهم يُعدونها احد اهم الاساليب التي تمكنهم من الوصول إلى اهدافهم سواء بشراء الذمم وتمرير مخططاتهم وحتى استصدار القوانين والتعليمات التي تخدم توجهاتهم، أو في افساد النفوس وتحويلها من عناصر مبدئية تعمل من اجل خدمة وطنها وشعبها إلى عناصر نفعية، تشعر في داخلها بالدونية التي ما تلبث أن تسيطر عليها وتحولها إلى أدوات سلبية لا هم لها سوى الحصول على الأموال مهما كانت الوسائل المتبعة لذلك.