[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
لم يكن مفاجئاً للدوائر العلمية سواء كان في الغرب أو في روسيا أو الصين ما أعلن عنه علماء فلك الأربعاء الماضي عن اكتشاف كوكب يشبه الأرض ربما يكون صالحاً للحياة أطلقوا عليه اسم (بروكسيما بي)، وذلك لقربه من نجم (بروكسيما سنتوري) القريب من المجموعة الشمسية. ولكن مما لا يدع مجالا للشك ان هذا الاكتشاف ربما يعتبر في كافة أنحاء المنطقة العربية نموذجا من نماذج الخيال العلمي وافلامه !.

ووفق ورقة بحثية نشرتها دورية نيتشر البريطانية الاسبوع الماضي، بأن الكوكب الجديد يبعد نحو 4.2 سنة ضوئية عن الأرض اي ما يعادل اربعين تريليون كيلومتر وهو الأقرب من بين ثلاثة آلاف وخمسمائة كوكب تم اكتشافها خارج المجموعة الشمسية، وان دراسات مستقبلية قد تكشف عنما اذا كان لهذا الكوكب غلاف جوي يحتوي على مواد كيميائية تدل على وجود حياة مثل مادة او غاز الميثان. وتأكيدا على ان الأمر لم يكن مفاجئا للدوائر المهتمة بمواكبة التطور العلمي حتى في المستقبل، فقد سارع العلماء في هذا المجال إلى ابداء توقعاتهم بأن يساعد هذا الاكتشاف على الدفع بمشروع يتكلف مائة مليون دولار تم الاعلان عنه قبل عدة شهور بدعم ملياردير روسي يدعى يوري ميلنر يهدف لتطوير وانتاج طائرات تعمل بالليزر لتكون قادرة على تسيير رحلات الى مجموعة بروكسيما سنتوري القريب منها الكوكب الجديد – (بروكسيما بي)، وذلك خلال عشرين عاما مقبلة.
بهذه الأريحية في المبادرات العلمية والاستعداد الفوري للانطلاق نحو التكيف مع مستجدات المستقبل، يحق للجميع التساؤل: هل سيكون للباحثين العرب موطئ قدم في الكوكب الجديد؟ وهل حقا المؤسسات العلمية العربية تفكر في هكذا تطلعات علمية أبعد من محيطها البيئي الحالي؟ وذلك في وقت تفكر فيه الصين لتصميم مسبار لاستكشاف فرص الحياة في (كواكب آخرى) غير كوكب الأرض، فضلا عن ان أميركا وروسيا اي الاتحاد السوفيتي (سابقاً) استبقوا الركب باستصحاب الأخير في أولى رحلاتها البحثية الفضائية انثى كلب تدعى (لايكا) للبحث عن امكانية العيش خارج كوكب الأرض.
ليس مستغرباً أن يعتري اليأس كل ذهنية عربية تحلم بهكذا تطلعات، خصوصا عندما يتبين بأن العرب حتى الأرض لم يفلحوا في تعميرها كما ينبغي، حيث ما زالت هناك الكثير من الكوامن من الموارد والامكانيات لم نتمكن من الاستفادة منها في كوكبنا، منتظرين في ذلك الاستعانة بما يصنعه لنا الآخرون من تكنولوجيا تصنيع واستخراج وتنقيب وحوسبة وطيران وغوص وغيرها من وسائل الاستفادة من فضاءات كوكب الارض جواً وبحراً وارضاً وتحت الأرض.
وقد يرى المتشائمون منا ان العرب قد لا يتطلعون الى موطئ قدم لهم على المدى القريب في كوكب البروكسيما الجديد او في غيره من الكواكب القريبة المتوقع وجود حياة فيها ، لأنهم حتى الأرض ما زالوا مختلفين في حدودهم الجغرافية في وجودهم فيها، في حين تجاوز غيرهم خلافاتهم الحدودية لدرجة اصبح بالامكان وجود منزل واحد في دولتين يتقاسم فيهما خدمات الكهرباء والمياه كما هو الحال في الحدود بين بلجيكا وهولندا.
أما المتفائلون، فيرون انه بالامكان ان يكون للعرب موطئ قدم في ذلك الكوكب الجديد اذا ما ثبت ان به فرص للحياة حسب التوقعات، وذلك باعتبار ان العقل البشري ومقدرات الابداع والتفكير وقابلية الانجاز لا جنس ولا عرق ولا طائفة لها، بل ان الهوية الاساسية للعقل الانساني ينبغي ان تكون هي العزيمة وتحدي الصعاب والايمان بالقدرات الذهنية للافراد والمجتمعات، مع ضرورة الاقدام بجدية على توفير الميزانيات الكافية والمفتوحة للابحاث العلمية لتتجاوز ميزانياتها ما ترصده المنطقة العربية لشراء السلاح .

طارق أشقر من أسرة تحرير الوطن
[email protected]