[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
”الانسحاب" شعار دائما ما يرفعه الرياضيون العرب, في حال إن أوقعتهم القرعة في الأولمبياد والبطولات الدولية في مواجهة لاعبين إسرائيليين، وهو ما فعلته في بعض الأحيان, فرق ولاعبون من كافة الدول العربية، حيث يجدون في الأمر تطبيعا مع العدو الصهيوني, وهو بالفعل كذلك, إلا أن النهاية تكون دائما العقوبة، والاتهام بالعنصرية، من قبل اللجان المنظمة للدورات الأولمبية والبطولات العالمية.”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بين الفينة والأخرى تسمع عن مقاطعة رياضيين عربا اللعب مع رياضيين إسرائيليين. حصل ذلك في الألعاب الأولمبية الأخيرة في البرازيل. فعند صعود افراد البعثة اللبنانية إلى أحد الحافلات للتوجه من الفندق حيث يقيمون, للمشاركة في حفل الافتتاح، فوجئوا بأفراد البعثة الإسرائيلية, يصعدون إلى ذات الحافلة. طلب رئيس البعثة سليم الحاج نقولا من السائق إقفال الباب. وبعدما تدخل المرشد السياحي المرافق للبعثة معترضاً، شرح له نقولا أن هناك 350 حافلة مخصصة للوفود فلماذا اختار الإسرائيليون هذه الحافلة بالذات؟، مشدّدا على رفض صعود أفراد البعثة الإسرائيلية، مؤكداً له أنها ليست المرة الأولى التي يتصرف فيها الإسرائليون بهذه الطريقة لإحراج الوفود اللبنانية، وهو أمر يتكرر في كل مرة يكون فيها اشتراك دولي وتكون إسرائيل ممثلة بوفد منها. واصرّ على موقفه, وقام يسدّ الباب بجسده, فلم يصعد الإسرائيليون. من زاوية أخرى, انسحبت اللاعبة السعودية جودي فهمي من منافسات لعبة الجودو لأنها ستقابل الإسرائيلية جيلي كاهن, التي تأهلت للدور الثاني في وزن 52كغم.
رئيس البعثة الأولمبية الإسرائيلية جيلي لوستيغ علق على الحادثتين قائلا: إن ما حدث أمر خطير جدا. لم يتساءل رياضيو البعثة (باعتبارهم يشاركون في الأولمبياد, المرتبط بكل معاني السلام) عن مذابح وجرائم وتنكيل وموبقات دولتهم بالشعب الفلسطيني, والكثير من الشعوب العربية! ودون أن يلوموا كيانهم العنجهي والما بعد فاشي على جرائمه المتواصلة, كما تعنته في الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية ولا الأخرى العربية, بل قام بضم هضبة الجولان العربية السورية, والقدس, ويرفض الانسحاب حتى من مزارع شبعا اللبنانية. في حين رأت وسائل إعلام إسرائيلية أيضا أن ما حدث "خطير جداً"، مشيرة إلى أن الوفدين اللبناني والإسرائيلي كان يفترض أن يستقلا الحافلة ذاتها، والانتقال معاً الى استاد "ماراكانا"، لكن اللبنانيين منعوا الوفد الإسرائيلي من الصعود إلى الحافلة. "
الانسحاب" شعار دائما ما يرفعه الرياضيون العرب, في حال إن أوقعتهم القرعة في الأولمبياد والبطولات الدولية في مواجهة لاعبين إسرائيليين، وهو ما فعلته في بعض الأحيان, فرق ولاعبون من كافة الدول العربية، حيث يجدون في الأمر تطبيعا مع العدو الصهيوني, وهو بالفعل كذلك, إلا أن النهاية تكون دائما العقوبة، والاتهام بالعنصرية، من قبل اللجان المنظمة للدورات الأولمبية والبطولات العالمية. إن من أشهر تلك الوقائع، كانت مقاطعة الطفل التونسي محمد حميده لخصمه الإسرائيلي, في بطولة العالم للشطرنج في بوخارست, التي نُظّمت بين المدارس. كذلك, مع بطلة سلاح المبارزة التونسية عزة بسباس، خلال مباراة الدور النهائي لبطولة العالم للمبارزة في إيطاليا، عندما رفضت مبارزة منافستها الإسرائيلية "ناعومي ميلس"، لتنسحب من نهائي البطولة وتستغني عن الميدالية الذهبية.
أيضا, وقبل انطلاق منافسات دورة الألعاب الأولمبية بلندن عام 2012، أعلن رياضيان جزائريان رفضهما مواجهة رياضيين إسرائيليين. كذلك فعل, بطل تنس الطاولة للمعاقين، الكويتي عوض الحربي، الذي انسحب من منافسات نصف نهائي بطولة رومانيا المفتوحة، حيث رفض مواجهة منافسه الإسرائيلي جيفا ليران، مؤكدا أن انسحابه من المنافسة هو فخر له ودعم للقضية الفلسطينية. أيضا ,انسحب سباح تونسي، من منافسات 400 متر متنوعة رجال بدورة الألعاب الأولمبية، بعد أن علم باشتراك سباح إسرائيلي في المنافسة. وفي منافسات "الجودو"، امتنعت الجزائرية مريم موسى عن مواجهة الإسرائيلية "شاهار ليفي" في بطولة العالم للجودو التي أقيمت بالعاصمة الإيطالية روما في عام 2011. ولم يقتصر الأمر على شمال إفريقيا، فقد انسحب لاعب المنتخب السعودي للتايكوندو فهد السميح من دور 32 في التصفيات المؤهلة لأولمبياد الشباب بالصين، المقامة في تايوان بسبب المواجهة التي كانت ستجمعه بلاعب إسرائيلي، كما انسحب لاعب المنتخب اليمني للجودو الدولي علي خصروف من مواجهة لاعب إسرائيلي ضمن بطولة كأس العالم للجودو في مدينة دوسلدورف الألمانية، وهي إحدى البطولات، التي كانت ستؤهله لأولمبياد لندن 2012. وفي مصر، كان لمنتخب الهوكي موقف واضح بمقاطعة اللعب ضد إسرائيل، في إطار فعاليات بطولة العالم للهوكى التي أقيمت فى أورجواي 2012، وفي كرة القدم، رفض فاروق جعفر المدير الفني للاتحاد المصري لكرة القدم، مشاركة منتخب مصر للناشئين تحت 16 سنة في دورة ودية عالمية في إيطاليا، بسبب مشاركة إسرائيل، أما أحمد عوض لاعب المنتخب الوطني للجودو فقد انسحب لأنه كان سيواجه الإسرائيلي "طيل بلاكير"، خلال منافسات بطولة العالم التي أقيمت بالنمسا عام 2012.
هؤلاء اللاعبون ضحوا ببطولات وأوسمة كان من الممكن أن يكسبوها, وبشهرة مستقبلية لإيمانهم بعدالة القضية الفلسطينية, وبأن الواجب يقتضيهم مؤازرة إخوتهم الفلسطينيين. وهم أيضا يدركون حقيقة هذا العدو الفاشي, وأن خطره سوف يطالهم يوما ما. بالطبع وفقا لقوانين الألعاب الأولمبية فإن اللاعب مجبر على اللعب أو تلقي العقوبة، والأخيرة ستؤثر كثيرًا على مستقبل اللاعبين. لكن لن تهم هؤلاء الأبطال الأبطال أية نجاحات, إذا كان ثمنها التطبيع مع هذا العدو النازي الصهيوني. نعم, لقد تعمدتُ ذكر تفاصيل مباريات هؤلاء الأبطال والمواقع وأسماء مقابليهم من الإسرائيليين كمحاولة شكر, لن يفي ولو بجزء بسيط من حقوقهم على جميع أبناء أمتهم العربية, مؤكدا لهم, أن مطلق عربي يعرف هذه المواقف ويقدرها حق قدرها, وأن التاريخ سيسجل لهم هذه المواقف البطولية بأحرف من ذهب. وكاتب هذه السطور سيظل يفتخر بهم.
كذلك, وبخاصة أنها تأتي في زمن يتسابق فيه بعض النظام الرسمي العربي للتطبيع مع الكيان, ويذهب إليه في وفود رسمية, ويستقبل وفوده, مشيطنا المقاومة الفلسطينية, متهما تنظيماتها بـ "الإرهاب"!, داعيا إلى نزع سلاحها (فهي لم تقتل ذبابة!) , مدعيا أن الزيارات تأتي من أجل إقناع إسرائيل بالاعتراف بالحقوق الفلسطينية, ناسيا أو متناسيا تهويد القدس, وزيادة الاستيطان ومحاولة هدم الأقصى (أحد الحرمين الشريفين), والتأكيد صباح مساء من قادة الكيان بأن لا دولة فلسطينية ستقام بين النهر والبحر. يقول المثل العربي الرائع: غالبية الخطايا تكون مغلّفة بالنوايا الحسنة! كما يقول إمام حركة التحررالوطني في أميركا اللاتينية خوسيه مارتيه: "من الغباء افتعال معركة, ولكن من العار والجبن الهرب من معركة فُرضت عليك", البعض العربي يمارس عكس هذه المقولة تماما: يهرب من المعارك المفروضة على أمتنا من قبل العدو, وبغباء شديد, يفتعل المعارك مع الجهات مؤيدة لقضايانا! .
المقاطعة تؤثر سلبا على الكيان, اقتصاديا, سمعةِ, فقدانا للآلاف من فرص العمل. نعم, المقاطعة في طريقها للتحول إلى ظاهرة، وقد بدأت تقلق إسرائيل. في الختام, كل التحية للرياضيين العرب, الذين قاطعوا الكيان, يقاطعونه وسيقاطعونه, ولنعزز من حملات المقاطعة.