أكثر من خمسمئة وسبعين ألف طالب وطالبة وهم ينتظمون على مقاعد دراستهم أعادوا يوم أمس رسم المشهد الوطني لمسيرة التعليم التي أطلقتها النهضة المباركة في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970 بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ مشكِّلين ـ بانتظامهم ومن هذا المشهد الوطني ـ تلك اللوحة الجميلة التي لا بد وأن كل أسرة عمانية وكل أب وأم عايشوا اللحظات الأولى لانطلاق مسيرة التعليم وتنامى إلى مسامعهم تلك الكلمات الأبوية الحانية "سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل الشجر"، قد استرجعوا شريط الذكريات، مستذكرين بكل عرفان وامتنان تلك الجهود المخلصة التي بذلها راعي مسيرة التعليم في بلادنا جلالة السلطان المعظم ـ أيده الله ـ من أجل أن يصل نور العلم إلى كل بيت عماني ومقيم في السلطنة، ومستذكرين أيضًا ما تلاه ـ دون شك ـ التنفيذ المتقن الذي تم على أيدي العاملين على إنشاء مكونات صروح العلم المختلفة والمنتشرة والآخذة في التوسع سنويًّا خاصة وهم يرون أبناءهم يجلسون على الكراسي الوثيرة والمريحة وذات الخصوصية بعدما كانت كراسي جماعية يتزاحم عليها الطلاب، وتحت أسقف مفروشة ومكيفة بعدما كانت عبارة عن خيام من سعف النخيل، ويقلبون بين أيديهم كتب المنهج العماني بعدما كانوا يقلبون مناهج عربية وخليجية لا تزال رائحتها الجميلة عابقة في الذاكرة.
وتأسيسًا على ما سبق، حري بنا الاحتفاء بأبنائنا الطلاب وبالهيئتين الإدارية والتدريسية من خلال هذا المشهد الوطني وما نراه صباح كل يوم طوال العام الدراسي من اهتمام جلي، سواء من قبل الجهات الحكومية والخاصة المعنية بمسيرة التعليم أو من قبل أبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات، هو مشهد اكتملت له أسباب العظمة يستدعي إزجاء الشكر إلى باني نهضة عُمان الحديثة ومطلق مسيرة التعليم فيها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ أعزه الله وسدد على طريق الخير خطاه ـ الذي لم يبخل يومًا على هذه المسيرة كي يحقق لنا مزيدًا من الإنجازات التي نتيه بها على باقي الأمم وتشكل لكل مواطن عماني وسام عز وفخار.
ومما يستدعيه هذا المشهد أيضًا أن تُحمَلَ أمانةُ هذا الوطن العزيز وتقدمه ورقيه على أكتاف القيمين على مسيرة التعليم دون استثناء؛ مسؤولين كانوا أو مؤسسات أو طلابًا أو معلمين أو إداريين أو أولياء أمور، والعزم على إيصال رسالة التعليم وأهدافها إلى غاياتها النبيلة ونهاياتها الجميلة المرتكزة على تقدم عُمان وخيرها وتطورها ورقيها وقوتها في فنون العلوم المختلفة.
ولكي نترجم طموحات قائد مسيرة النهضة المباركة، ونواكب كل دقائق هذه المسيرة في حاضرها ومستقبلها، علينا الاستمرار في تطبيق كل جديد ينشأ في مجال التعليم، ورفع مستوى الكفايات، وتأهيل الكفاءات تأهيلًا عاليًا، ومطاردة كل قصور يقعد بنا ولو للحظة عن الاستمرار في العمل. وتتوقف هذه الترجمة اليوم على ما يؤديه كل معلم ومعلمة من أمانة وإخلاص ـ وكلنا ثقة فيهم ـ وعلى كل طالب وطالبة وما يبدونه من اهتمام وجد ومثابرة وإرادة للنجاح ـ وكلنا أمل فيهم. فوزارة التربية والتعليم ومن خلال الكلمة التي وجهتها معالي الدكتورة الوزيرة مديحة بنت أحمد الشيبانية بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد (2016/2017م) لا تألو جهدًا في سبيل الرقي بالعملية التعليمية من خلال تحديث المناهج الدراسية وتطويرها، وإدخال برامج جديدة تصب في مصلحة الطالب أولًا وأخيرًا، حيث تتجه الوزارة لإدخال مشروع السلاسل العالمية في مواد العلوم والرياضيات الذي يأتي استمرارًا لنهج الوزارة في تطوير العملية التعليمية، مع الأمل بأن يشهد هذا العام تطبيق لائحة شؤون الطلاب في المدارس الحكومية بصيغتها الجديدة والتطبيق التجريبي لمشروع تصنيف المدارس الخاصة وفق معايير محددة لضمان جودة التعليم بها، بالإضافة إلى نظام المؤشرات التربوية الذي تم تدشينه في العام الدراسي المنصرم والذي يعد انطلاقة لمرحلة جديدة تسهم في تمكين إدارات المدارس من تقييم أداء مدارسها وفق أسس واضحة، وتعين في الارتقاء بالمستوى التحصيلي للطلاب، إلى جانب برنامج تدريبي ينفذ خلال العام الدراسي الحالي لتعزيز قدرات المنظومة التربوية على التوظيف الأمثل للمؤشرات التربوية، لا سيما الإدارات المدرسية التي يعوَّل عليها كثيرًا في الارتقاء بمنظومة العمل المدرسي. وفي الختام إذ نتوجه بالتهنئة إلى جميع المتوجهين إلى حقل التعليم متمنين لهم عامًا دراسيًّا مثمرًا ومفعمًا بالنجاح الكبير وبالابتكار والإنتاج، لندعو الله جل في علاه أن يمنَّ بالصحة والعافية على قائد مسيرتنا وتاج عزنا وفخرنا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، وأن يكلأه بعين رعايته وعنايته، ويمد في عمره وهو في أتم الصحة وكمال العافية، إنه سميع مجيب.