عادل المسدي: الدولة الإسلامية تسعى إلى تدعيم علاقاتها مع الدول الأخرى بالحكمة والإقناع ومبدأ العدالة والتعايش السلمي

* الحصانة في القانون الدولي العام هي ما تمنحه دولة المقر من أوجه حماية للموفد أو المبعوث الدبلوماسي المتواجد على إقليمها
قراءة ـ علي بن صالح السليمي:
جاءت ندوة تطور العلوم الفقهية في عُمان من خلال عنوانها (النظرية الفقهية والنظام الفقهي) والتي عقدت خلال الفترة من 15 إلى 18 جمادى الأولى 1433هـ، الموافق 7 إلى 10 ابريل 2012م في نسختها الحادية عشرة من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بتوجيهات سامية من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه.
ومن ضمن ما قدم خلال الندوة من بحوث وأوراق عمل كانت لنا هذه القراءة في بحث بعنوان:( الحصانات في الفقه الإسلامي والتشريعات الوضعية) للدكتور عادل عبدالله المسدي أستاذ القانون الدولي العام من كلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس .
حيث قال الباحث حول تحديد نطاق ورقة العمل: بداية نود الإشارة إلى أن عنوان ورقة العمل كما أُبلغت بها من جانب اللجنة المنظمة للندوة هو"الحصانات في الفقه الإسلامي والتشريعات الوضعية"، ولما كانت الحصانات التي يمكن التطرق لها،تتمثل ـ حسب فهمي لهذا الموضوع ـ في الحصانات البرلمانية والحصانات الدبلوماسية، فإنني آثرت التعرض للحصانات الدبلوماسية دون غيرها، لارتباطها بعنوان المحور الذي تدخل في إطاره ورقة العمل هذه وهو "الخطاب التشريعي لغير المسلمين في الفقه الإسلامي"، ولارتباطها – كذلك – بمجال التخصص الذي أنتمي إليه أكاديميا، ليكون التركيز منصبا على "الحصانات الدبلوماسية في الفقه الإسلامي والقانون الدولي" .. آملين أن نكون قد وفقنا في فهم المقصود بهذا الموضوع، وأن نوفق ـ كذلك ـ في التعرض لبعض مما يثيره جوانب فقهية وقانونية هامة، في ضوء الوقت المتاح لإعداد هذه الورقة.
* التعريف بالموضوع وأهميته:
يقول الباحث: كان من شأن ظهور الكيانات السياسية، كإحدى المراحل الأولى لتطور الدولة في شكلها المعاصر، أن تولدت الحاجة إلى الدخول في علاقات متبادلة، بين هذه الكيانات وبعضها البعض، سواء اتخذت هذه العلاقات صورة مؤقتة أو دائمة، وإن كانت الصورة المؤقتة أو العرضية هي الغالبة، نظرا لطبيعة وحجم العلاقات التي كانت سائدة بين هذه الكيانات ـ آنذاك ـ ثم أدى ظهور الدولة في مفهومها الحديث، وتشعب العلاقات بينها وبين غيرها من الدول، وعدم قدرتها على العيش بمعزل عن غيرها من الكيانات المماثلة، أن ظهرت الحاجة لوجود آليات دائمة، تعمل على تنظيم وتنسيق العلاقات المتبادلة والتعاون بين الدول وبعضها البعض، ومن هنا بدأت النواة الأولى لنظام التمثيل الدبلوماسي، في صورة البعثات الدبلوماسية المؤقتة، التي تطورت ـ مع تطور العلاقات بين الدول وتشعبها ـ لتأخذ صورة البعثات الدبلوماسية الدائمة، كما نراها الآن.
موضحا بأنه قد صاحب تطور نظام التمثيل الدبلوماسي تطورا آخر في طبيعة القواعد القانونية الحاكمة لهذا النظام، فبعد أن كانت عبارة قواعد عرفية محدودة، تطور الأمر إلى وجود بعض الاتفاقيات الثنائية والإقليمية، المنظمة للعلاقات الدبلوماسية بين الدول المعنية، ثم وصل هذا التطور إلى مرحلة جديدة في عام 1961، بالتوصل إلى اتفاقية دولية هامة في هذا الشأن، هي اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، التي ما زالت تحكم نظام العلاقات الدبلوماسية، وتبادل البعثات الدبلوماسية الثنائية، ثم ما لبثت الدول أن توصلت في عام 1963، إلى اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية، حتى أصبحت هذه القواعد تشكل أحد الفروع المستقلة والهامة للقانون الدولي العام، وهو قانون العلاقات الدبلوماسية والقنصلية.
موضحا بأن الدولة الإسلامية كانت قد سعت منذ نشأتها الأولى، إلى تدعيم وتوطيد علاقاتها المتبادلة مع غيرها من الدول والجماعات غير الإسلامية، تلك العلاقات التي قامت على أساس مبدأ العدالة والتعايش السلمي، وهذا ما يبدو من خلال الطريقة التي سلكتها الدولة الإسلامية مع غيرها من الدول، والتي تميزت بالحكمة والإقناع، مع عدم اللجوء إلى القوة إلا في حالات الضرورة، ومن هنا كانت هذه العلاقة تتميز بالسلم تارة والجهاد تارة أخرى، وكانت الدبلوماسية أداة هامة لتسيير العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية في وقت السلم، تلك الدبلوماسية التي كانت تحكمها العديد من المبادئ الهامة، مثل مبدأ حسن النية، ومبدأ المعاملة بالمثل، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول المعتمد لديها المبعوث الدبلوماسي، واحترام قوانينها وأنظمتها، حيث إن الدبلوماسية كانت في عصر رسولنا الكريم (صلوات الله وسلامه عليه)، تمثل المرحلة المثلى للتاريخ الدبلوماسي الإسلامي، والتي تبلورت خلالها معظم المبادئ الحاكمة للدبلوماسية الإسلامية بعد ذلك، والتي كان لها اسهاما جوهريا في بلورة وتطوير قواعد القانون الدبلوماسي المتواجد حاليا، كما أن تبادل الرسل أيام الرسول (صلوات الله وسلامه عليه) لم يأت عبثا، وإنما جاء هذا النظام مستمدا مشروعيته من القرآن الكريم، حيث جاءت سورة الحجرات، لتؤكد على ضرورة التعاون والتعارف والتواصل بين الشعوب وبعضها والبعض، وذلك بقوله تعالى في كتابه العزيز: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، فهذه الآية الكريمة تؤكد على ما يجب أن يسود بين الشعوب والقبائل من تعارف وتآخي وتعاون، ومن المستقر عليه أن إرسال الرسل وتبادل المبعوثين، يعد واحدة من أهم الوسائل والأدوات التي يمكن اللجوء إليها، لتحقيق ما جاءت به الآية الكريمة من مقاصد وغايات عظيمة.
وقال: وبالنظر إلى ما كان يُتبع في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، لوجدنا أنه يماثل ما هو متبع في وقتنا الحالى تحت مسمى الدبلوماسية الخاصة أو المؤقتة .. تلك الدبلوماسية التي استجمعت المقومات السليمة للدبلوماسية، كما تبدو من رسائل رسولنا الكريم إلى الملوك والأمراء، وكذلك ما تضمنته مفاوضات صلح الحديبية، والتي يبدو من خلالهما أن العهد النبوي ترك لنا تراثا دبلوماسيا متميزا، تبلورت من خلاله ملامح مدرسة دبلوماسية متكاملة في هذه الحقبة الزمنية المجيدة.
موضحا انه ولا شك أن اطلاع أعضاء البعثة الدبلوماسية بأداء مهام الوظيفة الدبلوماسية،يتطلب تمتع هؤلاء الأشخاص بمجموعة من الحصانات والامتيازات اللازمة لأداء المهام المنوطة بهم على أكمل وجه تلك الحصانات التي تتعدد لتشمل تقرير حماية خاصة لشخص المبعوث الدبلوماسي وحرمة مسكنه الخاص وأمتعته الشخصية، وحصانة قضائية، وبعض الإعفاءات المالية، وكذلك تقرير حصانة خاصة لمقر البعثة الدبلوماسية، وما بها من مستندات ووثائق، وكذلك تقرير بعض التسهيلات اللازمة لتيسير أعمال البعثة الدبلوماسية تلك الحصانات التي كان رسولنا الكريم (صلوات الله وسلامه عليه)، قد أكد على الكثير منها، وسار على هديه الخلفاء الراشدون من بعده.
* خطة البحث:
ولما كان نطاق ورقة العمل كما حددنا إطارها سابقا، سينحصر في دراسة الحصانات الدبلوماسية في الفقه الإسلامي والقانون الدولي (بوصفه أحد القوانين الوضعية)، فقد ارتأينا تقسيم ورقة العمل هذه، إلى ثلاثة مباحث نتعرض في أولها، لمعنى كلمة الحصانة لغة واصطلاحا، ونتعرض في ثانيها للأساس الفقهي والقانوني للحصانات الدبلوماسية، في حين سيخصص ثالثها وآخرها لدراسة بعض صور هذه الحصانات في القانون الدولي، مردفين كل منها بموقف الفقه الإسلامي من تمتع رسل وموفدي الدول الأخرى لدى الدولة الإسلامية بهذه الحصانات وتلك الامتيازات. وفي النهاية تكون الخاتمة التي سنضمنها بعض النتائج التي توصلنا إلى من خلال الدراسة السريعة لهذا الموضوع الهام.
* المبحث الاول:
وقد تناول الباحث في مبحثه الأول التعريف بالحصانة (لغة واصطلاحا) فقال: معنى الحصانة في اللغةً: الحصانة مصدر الفعل حصُن، وأصل هذه الكلمة يدل على الحفظ والحياطة والحرز، ويقال: "حَصُنَ المكانُ يَحْصُنُ حَصانةً فهو حَصِين مَنُع وأَحْصَنَه صاحبُه وحَصَّنه والحِصْنُ كلُّ موضع حَصِين لا يُوصَل إلى ما في جَوْفِه والجمع حُصونٌ وحِصْنٌ حَصِينٌ من الحَصانة .."، كما قيل: حِصنٌ حَصِينٌ أي منيع، كما يطلق الحاصِنُ والحصان على المرأة المتعففة. وبذلك فإن لفظ الحصانة يدل على المنعة وهي العز والقوة التي تمنع الغير من الوصول إلى من اتصف بها بإيذاء أو تنقص، اما الحصانة (اصطلاحاً) فيشير الفقهاء إلى أن لفظ الحصانة لم يرد في النصوص الشرعية ولا في لغة الفقهاء، والذي ورد في ذلك هو ألفاظ" الإحصان والمحصن والمحصنة"، فالإحصان وما يشتق منه من ألفاظ، يشتمل على معانٍ عدة: مثل: العفاف عن الزنا وتحصين النفس من الوقوع في الحرام، ومثال ذلك قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) ، وجاء لفظ المحصنات هنا بمعنى العفيفات الطاهرات.، كما وردت بمعنى الزواج مثال قوله تعالى في محكم التنزيل:(وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) أي (الأزواج)، وقوله تعالى:(فَإِذَا أُحْصِنَّ) أي (زوجن)، ويقال للمرأة محصنة لأنها تستعف بالزواج عن الزنا، وكذلك ورد لفظ المحصنات بمعنى الحرائر كما جاء في قوله تعالى: (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ).
وعن مصطلح الحصانة في القانون الدولي قال الباحث: أما مصطلح الحصانة في القانون الدولي العام، فيقصد به ما تمنحه دولة المقر من أوجه حماية للموفد أو المبعوث الدبلوماسي المتواجد على إقليمها، بهدف تمكينه من أداء مهامه على الوجه الأكمل.
* المبحث الثاني:
وعن المبحث الثاني فتحدث الباحث عن الأساس الفقهي والقانوني للحصانات الدبلوماسية فقال: مما لا شك فيه أن قيام الرسول أو المبعوث الدبلوماسي، بأداء مهامه على الوجه الأكمل، لهو أمر يتطلب تحريره وإعفاءه من بعض القيود، التي يمكن أن تؤثر عليه أو تثقل كاهله، أو تمكن سلطات الدولة أو الجهة الموفد إليها، من التدخل أو التأثير على أدائه لهذه المهام، ومن هنا استقر العمل منذ القدم، على ضرورة منح الرسل أو المبعوثين الدبلوماسيين بعض الحصانات والامتيازات والاعفاءات التي تكفل لهم وضعا متميزا، يمكنهم من الاطلاع بأعباء الوظيفة الموكلة إليهم على الوجه الأمثل، وتحول دون إمكانية التأثير عليهم، أو المساس بأشخاصهم، ولذا يتمتع هؤلاء الأشخاص بالحصانات الشخصية، والقضائية، وبعض الإعفاءات المالية، إضافة إلى تقرير بعض الحصانات لدار البعثة وما تحويه من وثائق ومستندات.
ولما كانت هذه الحصانات أو تلك الامتيازات، تشكل استثناءً على ما تتمتع به الدول من سيادة كاملة ومطلقة على إقليمها، وعلى كل من يتواجد عليه، فقد اجتهد علماء الفقه الإسلامي، وفقهاء القانون الدولي، لإيجاد التكييف الفقهي والقانوني، لهذه الحصانات وتلك الامتيازات، وذلك على النحو التالي:
أولا: أساس الحصانات الدبلوماسية في الفقه الإسلامي: لقد أكدت الشريعة الإسلامية الغراء، الحصانة الكاملة للرسل والمبعوثين الذين يوفدون من طرف دولهم للقيام بالمهام الدبلوماسية لدى الدولة الإسلامية في حالتي السلم والحرب، وجعل الإسلام لهؤلاء الأشخاص، حرمة وحصانة تكفل لهم القيام بأداء المهام التي ابتعثوا من أجلها، فالرسل والسفراء في الفقه الإسلامي يتمتعون بامتياز الأمان لأشخاصهم، ولمن معهم من أشخاص وأموال إذا دخلوا دار الإسلام، فلا يجوز الاعتداء عليهم ولا إهانتهم ولا التعرض لأموالهم، كما يتمتع هؤلاء الرسل بالإعفاء من العشور (الضرائب) في حالات محددة، وتسري هذه الحصانات فترة وجودهم في دار الإسلام، وحتى انتهائهم من أداء المهمة التي أوفدوا من أجلها، سواء كان تواجدهم هذا في وقت السلم أو في وقت الحرب.
وحول عقد الأمان فهو يستند ما يتمتع به الرسل والسفراء في دار الإسلام، إلى أساس شرعي له أدلته الثابته في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وما سار عليه الصحابة والتابعين رضوان الله عليم اجمعين، وهو عقد الأمان، الذي يعرف بأنه "عقد يقتضي ترك القتال مع الحربيين، وعدم استباحة دمهم ومالهم أو استرقاقهم، والتزام الدولة الإسلامية بتحقيق حالة الأمن والحماية لمن لجأ إليها من هؤلاء الحربيين، واستقر تحت حكمها الإسلامي، مدة محدودة ـ أي مؤقتة ـ لا تزيد عن سنة قمرية"، ونظام الأمان في الإسلام، يتسع لكل أنواع الحماية والرعاية المعروفة حديثا لشخص الأجنبي وماله في بلاد الإسلام، أو لعقد الصلات السلمية وغيرها، فكان الرسول أو الممثل السياسي في دار الإسلام، يتمتع بصفة المستأمن وهو صاحب عقد الأمان، وعرف الفقهاء المستأمن بأنه: "شخص غير مسلم لايقيم في دولة الإسلام، أو هو كافر بينه وبين المسلمين حالة حرب، ودخل دولة الإسلام بغير نية الإقامة فيها، ولكنه يقيم فيها مدة معلومة بعقد يسمى عقد الأمان".
مشيرا الى أنه وفي هذا الإطار يقول الإمام محمد بن الحسن الشيباني: "ولو أن رسول ملك أهل الحرب جاء إلى عسكر المسلمين فهو آمن حتى يبلغ رسالته، بمنزل مستأمن جاء للتجارة"، حتى أن الإمام الشيباني قد أكد على ضرورة احترام المبعوث أو الرسول الموفد إلى الدولة الإسلامية، حتى ولو كان قد حضر بدون اتفاق مسبق.
منوها بأن هذا وضع لم ترق إليه قواعد القانون الدولي المعاصر، والتي تشترط لتمتع المبعوث الدبلوماسي بالحصانات والامتيازات المقررة له، أن يكون إرساله قد تم بناءً على اتفاق الدولتين الموفدة والموفد إليها، أي أنه يكفى، في مجال تمتع المبعوث أو الرسول بالحصانة والحماية في دار الإسلام، بغالب الظن وظاهره، فإذا قام الرسول بإظهار ما يدل على المهمة الرسمية التي حضر من أجلها، كان له التمتع بوضعه القانوني كاملا، حتى ولو كان هناك شك في اختلاقه لهذا الشيء ولعل الهدف من تقرير هذه الحماية، كان يتمثل في تجنب معاملة المبعوث معاملة مهينة، قد يثبت بعد ذلك التسرع في إنزالها به، بعد التثبت من صحة الوثيقة التي كانت معه، حيث يقول المرداوي: "ويجوز عقد الأمان للرسول والمستأمن، ويقيمون مدة الهدنة بغير جزية، ومن دخل دار الإسلام بغير أمان وادعى أنه رسول أو تاجر ومعه متاع يبيعه، قُبِلَ منه".
وبذلك كان الرسول، أو المبعوث القادم إلى دار الإسلام، يدخل بأمان يمنحه له الإمام أو نائبه، بشرط أن يكون حاملا رسالة من حاكمه. وكان يتمتع بالأمان بمجرد دخوله دار الإسلام، بشرط إثبات أنه رسول دولته، ولا يكلف بإقامة البينة، لأن إقامة البينة تؤدي إلى الضيق والحرج، وكليهما مدفوع، ولهذا أكتفي بالعلامة وهي أن يكون معه كتاب من حاكم بلاده، فإذا أخرج ذلك الكتاب فيؤخذ بظاهر الأشياء، واعتباره صادقا فيما يقول، لأن البناء على الظاهر واجب فيما لا يمكن الوقوف على حقيقته وبذلك لا يجوز التعرض لشخصه بسوء حتى يعود إلى بلاده.
.. وللموضوع بقية في الأسبوع القادم.