[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
مثل كل القضايا المصيرية التي تخص الأمة، هنالك دائما انقسام في المواقف وخصوصا في الإعلام وأكثر خصوصية في الكتابات الصحافية. الواضح أن انتماء الصحيفة أو المجلة أحيانا هو ما يقرر طبيعة الكتابات فيها وميول أصحابها .
لا يمكن القول إن القسم المؤيد للحرب على سوريا مغرر به وإن كتابته تقوم على هذا المنهج، فهؤلاء الكتاب متمرسون في أفكارهم وفي التعبير عنها، لا يمكن لأي كان التلاعب بعقولهم وإقناعهم، هم مقتنعون أصلا بحكم العديد من الأمور التي من بينها رأي الصحيفة. ولهذا نرى، أن بعض غير الموافقين على سياسة الموقع الذي كانوا فيه، خرجوا منه برضاهم، وخصوصا في الإعلام المرئي .
لا يدل هذا الانقسام على حالة ديمقراطية تسود حالة الإعلام العربي .. الصورة الحقيقية له، أن أصحابه عرفوا قبل هذا الجحيم العربي، وبشكل خاص قبل الحرب على سوريا بمواقفهم السابقة التي جاءت لاحقا لتكون تكملة لها.. وهي بالتالي قديمة العهد، وكانت مثار نقاشات، بل رفض من الطرف المناقض لها .
الحالة العروبية التي يمكن لنا أن نطلق على أصحاب خيار الممانعة، هم أيضا من بقايا جيل عربي عاش زهو المنطقة وكبرياءها، إبان مرحلة الزمن الوطني بكل تجلياته. هؤلاء لم يغير معظمهم مواقفه ولا استسلم لحالات القبض من مصادر مختلفة كي ينتقل إلى الضد، وإن كان بعض الكتاب قد وضع في شرك المصلحة التي فضلها على الموقف.. والشرك هنا مادي بطبيعة الحال، ثمة من عاش وهو ينقل بندقيته من كتف إلى كتف فكان المرتزق الذي كل حياته مبنية على هذا الموقف .
ثمة نقاشات تدور أحيانا بين أصحاب الموقفين المتضادين، لتنتهي إلى تمسك كل طرف بموقفه .. وإذا سلمنا جدلا أن الذين كتبوا منذ البداية ضد الرئيس الأسد تحت ذريعة إصلاح النظام، فكنا نقول لهم عن الحقيقة التي أرستها الحرب على سوريا من أن القصة برمتها لا علاقة لها بأي إصلاح، بل تقوم على تدمير سوريا نظاما ودولة وشعبا وقبله جيشا .. يراد إنهاء كل الواقع السوري برمته من أجل الوصول إلى سوريا مختلفة تماما، أميركية الاتجاه، مصالحها إسرائيلية، وجودها مرهون بمعاداة وتصفية ما له علاقة بينها وبين القوى النضالية في المنطقة. وكلنا يتذكر ما قاله وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول حين التقى الرئيس الأسد بعد إسقاط صدام حسين أن طالبه بتغيير نهج سوريا وسياستها وبالتوقف عن دعم حزب الله وحركة حماس وقطع العلاقات مع إيران وغيره مما لم يقبله الرئيس السوري، ولعل الأميركي قرر في تلك اللحظة ما يفعله اليوم من تجييش وممارسات ومساعدات لكل القوى المسلحة الإرهابية .
مؤسف أن يظل هؤلاء الكتاب على مواقفهم وغاياتهم رغم كل الظواهر التي صارت معروفة على الساحة السورية. هل هي ميول صحفهم التي يلتزمون بها؟ أم هو مجرد النكايات؟ أم التمسك بالموقف مهما حصل من تطورات تجاوزته وتقلبت رأسا على عقب؟
يقينا لكل كاتب تاريخه التعبيري الخاص الذي يتضمن مواقفه تبعا لثقافته وانتمائه وفهمه، فإذا أضفنا ميول الصحيفة أو الموقع الإعلامي الذي يعمل به، نكون على بينة مما هو عليه من ثوابت .