[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fawzy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]فوزي رمضان
صحفي مصري[/author]
” .. شتان الفرق الشاسع بين النظرية الفلسفية التى أسسها الفيلسوف الألمانى نيتشة والذى يوصف (بمعجزة الشر) وبين التطبيق الفعلى على يد الزعيم النازى ادولف هتلر. حيث اسس نيتشة أفكاره على ايجاد فلسفة عملية لبناء الانسان المتفوق الذى لم يكن قد ولد بعد. وذلك عن طريق هدم القيم والتعاليم الدينية. وتبنى القوة كفضيلة ومبدأ .. كما يرى الالتزام بالمبادئ الأخلاقية ماهو إلا انتحار للعقل ..”

كهبة من السماء وعون من الرب اعتبرت ألمانيا تدفق اللاجئين النازحين من بلادهم انقاذا لاقتصادها الذى يعانى عجزا شديدا فى القوى البشرية .. وبالفعل سيتناقص سوق العمل 6 ملايين نسمة بحلول العام2020 .. واذا كانت الانسانية وصفت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بأرق قلب حنون فى العالم فإن الحقيقة لم تكن كذلك لأنها تعلم جيدا دخول بلادها مرحلة الشيخوخة والدولة العجوز والانخفاض الحاد فى المواليد وتزايد عدد شيوخها عن شبابها مجتمع يبحث عن سكان.
وشتان الفرق الشاسع من النظرية الفلسفية التي أسسها الفيلسوف الالمانى نيتشة والذى يوصف (بمعجزة الشر) وبين التطبيق الفعلى على يد الزعيم النازى أدولف هتلر. حيث أسس نيتشة أفكاره على ايجاد فلسفة عملية لبناء الانسان المتفوق الذى لم يكن قد ولد بعد. وذلك عن طريق هدم القيم والتعاليم الدينية. وتبنى القوة كفضيلة ومبدأ .. كما يرى الالتزام بالمبادئ الأخلاقية ماهو الا انتحار للعقل وبديلا عن ذلك رأى الخلاص من معاناة العالم بالانسان السوبر الذى يفرض عليه أن يكون محكوما بنزعة البطش والقتل والقسوة ولا بد من تطبيق مبدأ ارادة القوة او الاقتدار ويرى ان الاسياد لهم شرف البطولة والضعفاء لهم سلوك القطيع. فلم تعد هناك قوة تحكم بالحق بين الناس.
هكذا أسس نيتشة نظريته الفلسفية التى وضع من خلالها بذور الالحاد والتشجيع على الانتحار والعبث بالقيم الدينية والأخلاقية وتبنى الكثير من البشر تلك الأفكار. كما اثرت بعمق فى اتجاهات السياسة الالمانية وكانت المحرك لافكار هتلر الذى تبناها جميعا وحولها من النظرية الى التطبيق ومن الفكرة الى الواقع ومن هنا بدا صراعه مع اليهود الذين اعتبروا أنفسهم شعب الله المختار مما أدخلهم فى صراع محموم مع هتلر النازى المتطرف والمتعصب الذى اعتبر أن الأفضلية للبقاء تكون للجنس الآرى المتفوق على كافة الأعراق وقد مهدت الايديولوجية العنصرية لقتل وحرق كل انسان لاينتمى للعرق الألمانى بل حرق كل مصاب بمرض مزمن وكل معاق بدنياأوعقليا.

وبالفعل بدا التطبيق الرسمى لتلك الايديولوجيات العنصرية بدأ من ( قانون الدم الالمانية) الذى ضيق القيود المذلة على اليهود بحظر الزواج او الجلوس على مقاعد عامة معهم وكان هذا ارهاصا لحروب هتلر رافعا شعار لن تعرف اوروبا السلام حتى تتخلص من الطائفة اليهودية والتى أودت بحياة سته ملايين يهودى.
ولم تنته فكرة السوبر انسان الى هذا الحد فقد عمد الالمان الى اتخاذ خطوات تهدف الى تثبيت تفوقهم العرقى بتعزيز برنامج ( ينبوع الحياة) وطبقة الحزب النازى الالمانى بهدف تحسين الجنس الآرى عبر مزاوجة رجال ونساء لديهم صفات ألمانية أصيلة من طبقة الفرسان والنبلاء بهدف ايجاد جيل جديد من الاقوياء الاذكياء ليشكلوا النواة للسوبر انسان.. ولكن كانت للهزيمة المذلة للالمان فى الحروب العالمية الاولى والثانية الى انهيار فكرة نيتشة المجنونة وحماقات هتلر العنصرية. فقد عانى الآلاف من الاولاد الذين جرت تنشئتهم فى مختبرات التكاثر من صدمات نفسية وعصبية وقضوا بقية اعمارهم بدون مؤسسة الاسرة التى تدعم القيم والتربية وتدعم النفس السوية الصحيحة.

فقد عاش نيتشة شريدا شاذا لا زواج لا وطن لا يكاد يعتنق فكرة حتى يفر منها الى سواها. دائم التجوال ومات مجنونا. اما هتلر مات منتحرا بان اطلق الرصاص من مسدسه داخل فمه وبجانبه عشيقته ايفا براون والتى انتحرت هى الاخرى بتناول السم.

ولم تكن نظرية نيتشة فقط المجذر لافكار المجتمع الالمانى بل تأثر بالمذهب الوجودى لجان بول سارت والذى يعتبر بان القيم ليست موجودة وعليه اطلق مبدا الحرية التامة للانسان فى التفكير بلا حدود ولاقيود ومن الوجودية الى العبثية والتى تنظر الى عدم وجود معنى للحياة وصولا الى العدمية التى تؤكد ان حياة الانسان ليست لها معنى ولم تمر تلك النظريات الفلسفية مرور الكرام بل اثرت فى نطاق واسع من لشعب الالمانى الذى لايشغلة سوى العمل المتقن بكل القيود والحدود الى الحرية الكاملة فى الفكر والرأى والمتعة بلاقيود ولاحدود لاتقيد بمؤسسة الزواج ولا انجاب اطفال فقط المتعة والنتيجة شح ظاهر فى عدد المواليد وشباب يكبر ويطعن فى السن وتقريبا نظريات وافكار تعطل ناموس الكون وسنة الحياة ليصل المجتمع الألمانى الى الندرة والصعود الى الفناء والتقدم نحو الشيخوخة ويصل بجنون فلاسفته وخبل زعمائه الى حالة استجداء بشر والبحث عن سكان ولامفر من ذلك أوفتح باب الهجرة الأفكار لاتموت والعقل لايتوقف عن الشك والنقد والابتكار ودائما ما ينفع الناس يمكث فى الارض.


فوزى رمضان كاتب صحفى مصرى [email protected]