[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
عندما نقول إن سلطات الغزو التي هاجمت العراق قد حرصت كل الحرص على جعل السرقات والفساد ممنهجة ومتواصلة، فإن ذلك ليس مجرد مزاعم أو اتهامات وبسبب كراهيتنا ومقتنا للقوات الأميركية والبريطانية التي غزت العراق، وإنما ثمة الكثير من الأدلة والحقائق على أرض الواقع التي تؤكد ما نقوله، وإن الحديث عن الطبقة السياسية والقول إن مصائب العراق بسببها وإنها أدوات هذا الخراب والدمار وسيول الدماء العراقية النازفة ليس مجرد اتهامات ومزاعم أيضا، وإنما ثمة ما يثبتها بالدقة التامة.
يعرف الجميع أن اقتصاد العراق ريعي لأنه يعتمد في غالبيته الكبيرة على الصادرات النفطية، وأن الثروة النفطية في العراق هائلة، فهو يملك ثاني أكبر احتياط نفطي في العالم، وأن الخبراء يقولون إن الكثير من آبار وحقول النفط في مناطق العراق ما زالت غير مكتشفة، كما أن أسعار النفط وصلت إلى أرقام كبيرة جدا خلال العقد الماضي وفي مرات قليلة جدا تنحدر تلك الأسعار كما حصل قبل عدة أشهر، لكن مبيعات النفط ظلت تأتي بمبالغ طائلة، والقصد من هذا التقديم الحديث عن واحدة من أخطر منافذ السرقة والفساد في نفط العراق، وربما لا يعرف الكثيرون أن القوات البريطانية التي كانت حصتها من غزو العراق محافظة البصرة في أقصى جنوب العراق ومدينة العمارة، وأن أهم منافذ تصدير النفط العراقي تقع في البصرة المطلة على شط العرب ومن ثم الخليج العربي، وهو ميناء أم قصر، لكن السلطتين البريطانية والأميركية رفضت وضع العدادات الخاصة بتصدير النفط العراقي من هذا الميناء الرئيسي والأكبر في العراق، ودون الخوض في الكثير من التفاصيل فإن ذلك يؤكد ما نتحدث عنه من وجود منهج مرسوم للسرقة واللصوصية، وعندما نقول سرقة فإن الحديث يكون عن ملايين الدولارات يوميا وعشرات المليارات سنويا، وإذا أحصينا جميع تلك السرقات خلال ثلاثة عشر عاما، فإن الأرقام الفلكية ستكون واضحة.
يفترض أن سلطة البريطانيين قد انتهت في شهر سبتمبر/ايلول من العام 2009 عندما اضطرت قواتهم للخروج مهزومة من العراق، وأن قوات الولايات المتحدة قد اضطرت للخروج أو الهروب أواخر العام 2011، وفي حال كان فرض فتح أبواب تهريب النفط العراقي من ميناء أم قصر من قبل الأميركيين والبريطانيين بعدم السماح بوضع عدادات، فإن العمل القانوني يفترض أن يحل مكان سابقه الذي يتيح سرقة كميات هائلة من نفط الشعب العراقي، لكن الحكومات المركزية ببغداد حرصت كل الحرص على إبقاء تلك النوافذ مفتوحة على مصاريعها لتتواصل عمليات سرقة قد تكون الأكبر في الدول النفطية بل من المؤكد أنها الأكبر والأشهر.
إن الحديث عن نافذة للسرقة بهذا الحجم وبأدوات لا همّ لها إلا سرقة ثروات العراق وتجويع ناسه في جميع مناطقه ومن كل أطيافه، يؤكد أن الذين يضعون أسس ومناهج للسرقة واللصوصية لن يسيروا بالعراق إلا صوب الخراب والدمار والدماء.