ليس من السهل على شركة ربحية ان تنتهج اسلوب يؤدي الى استبعاد جانب من جوانب الخدمة التي تجني من خلالها بعض الارباح نتيجة الاستفادة المشتركة من استخدامها،الا اذا كانت ادارة الشركة لديها احساس بالمسؤولية الاجتماعية تجاه من تؤمن لهم هذه الخدمة، خاصة عندما تشعر بان هناك ضررا سيلحق بمشتركيها او المستفيدين من خدماتها ولعل ذلك على المدى البعيد سيؤدي الى تراجع في العلاقة بينهما،فالشعور بالمسؤولية من خلال تقديم الخدمة حتى وان كان ذلك بالتنازل عن مكسب مادي الا انه يعزز الثقة والمصداقية التي يجب ان تكون احد اهم المرتكزات التي تبنى عليها العلاقة بين مقدم او مزود الخدمة والمستهلك .
فالخطوة التي تتبعها الشركة العمانية للاتصالات عمانتل في تحذير مشتركيها سواء بالرسائل النصية او الاعلانات من الاستخدام غير المفيد لبعض التطبيقات سواء على شبكات التواصل الاجتماعي او الانترنت،فضلا عن الاتصالات من الهواتف المحمولة اثناء السفر خارج السلطنة وما يترتب على ذلك من التزامات مالية تصل الى الاف الريالات نتيجة استخدام الانترنت عبر شركات اتصالات في العديد من الدول التي لا توجد بينها وبين عمانتل علاقة على الاقل لقطع الاتصال عندما يصل الى السقف المحدد،تعد من الخطوات التي تحسب للشركة ومساهمة ايجابية منها لتجنب مشتركيها ما يترتب عليهم من التزامات مالية كبيرة تدفع بها الى شركات تلك الدول ، حيث ان الكثير من المتابعين على علم بعديد القضايا التي تنظر فيها المحاكم بمطالبات وصل بعضها الى اكثر من 11 الف ريال عماني، فلماذا نرمى بانفسنا الى التهلكة باستخدامنا لشبكات اتصال دول اخرى على الرغم من الرسائل التحذيرية التي تصل الينا من شركة الاتصالات المحلية في بلدنا ؟اليس ذلك يعد خطأ نرتكبه ليس في حق انفسنا فقط وانما في حق اسرنا عندما ندفع كل تلك المبالغ في امور لا جدوى منها في الوقت الذي لاشك ستكون جدواها اكبر لو انفقناها على عوائلنا ؟ فمعظم دول العالم اليوم لا تخلو من بطاقات الدفع المسبق التي تجدها حتى قبل خروجك من المطار بالاضافة الى نظام الواي فاي ، فالخمسين ريالا اذا كثرت اليست افضل من 11 الف ريال ؟
فالعرض المتميز الذي قدمه الرئيس التنفيذي للشركة العمانية للاتصالات عمانتل مؤخرا خلال اللقاء الثالث للاعلاميين والصحفيين لعرض انجازات الشركة وما تعانيه من تحدٍ حقيقي لايصال الخدمة الى كافة ربوع السلطنة تلبية لمطالب مجتمع ، فضلا عن بطء استجابة من بعض الاجهزة الحكومية لتأمين العوامل الاساسية المساعدة على ذلك وفي مقدمتها العملية الحسابية 10+10+10 وهي تمثل مساحة الارض لاقامة محطة تقوية والمدة التي تستغرق للحصول عليها ، لم يخلُ العرض كذلك من الدعوة الى المساهمة في نشر ثقافة الاستخدام الامثل للاتصالات وشبكات التواصل الاجتماعي ، لان افتقارنا لثقافة استخدام وسائل الاتصال الحديثة وغياب برامج التوعية المستمرة من كافة الجهات هي احد الاسباب الرئيسية التي تساهم في زيادة سلبية الاستخدام لشبكات الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي التي تتعدد في مسمياتها ووسائل استخداماتها وطرق التشويق لديها .
فمؤشر 50% / 50% الذي اشير اليه في اللقاء والذي يمثل الاول استخدام المشتركين لشبكات التواصل الاجتماعي في تنزيل برامج او ملفات غير مفيدة ، يفترض ان تتحول الى النصف الثاني الذي يمثل ايجابية الاستخدام والمساهمة في تطوير المهارات والقدرات من خلال الحصول على المعلومة المفيدة التي تشعر المتصفح بان ما انفقه من مال اثر على تعزيز الجانب المعرفي والثقافي لديه ، وبالتالي فان مثل هذه المبادرات التي يقدم عليها القطاع الخاص لغرس المفاهيم وتحذير افراد المجتمع لتغيير سلوك سلبي ونمط ثقافي سائد خاصة من في مجال الاتصالات لابد ان يتبناها الجميع لكي تصل الرسالة الى ابعد مدى ونحمي المجتمع سلبيات الاستخدام الحالية وتلك المتوقعة خلال المرحلة القادمة .

طالب بن سيف الضباري
[email protected]