[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
يسود الترقب بين الكثير من المراقبين للوقوف على ابرز ما سيطرحه خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم الخميس أمام اجتماع الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للامم المتحدة بنيويورك، وذلك وسط مناخ مشحون بالقلق الذي تردد كعبارة وصفها المعلقون بالمملة لتكرارها بشكل متواتر بواسطة الغالبية إن لم يكن كل من شغل دوره مخاطباً المنصة الأممية، ومتناولا في حديثه فقرة مطولة بشأن القضية الفلسطينية والحلول المقترحة، وأهمها حل الدولتين الذي اتسعت دائرة القلق حوله إلى خارج القاعات المغلقة، ليتحول ذلك القلق إلى حالة أقرب إلى اليأس بين عامة الشعوب بكافة دول المنطقة المؤيدة لحق الفلسطينيين في الحياة.
يترقب العالم اليوم كلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عله يطرح الجديد من القرارات الفلسطينية المصيرية ليضعها في الطاولة أمام زعماء العالم، حتى لا تحسب كلمته كغيرها من المعزوفات المثالية التي اعتادت أن تشنف اذان المتابعين، لدرجة ساد فيها اسلوب التوصيف والتقييم المسبق لكلمات منصة اجتماعات المنظمة الدولية حتى قبل أن تخرج من أفواه وألسنة أصحابها .
يعتبر الترقب في هذه الدورة مباحاً بقدر أكثر من غيره، خصوصا وأن من سبقوا ابومازن من زعماء جعلوا آمال الشعوب (بحر طحينة) حلوة المذاق لزجة الملمس، سهلة المرور في حلوق الشعب العربي العالقة بوسطها غصة الحسرة على مصير الشعب الفلسطيني الذي ما زالت حقوقه مربوطة بمزاجات الزعماء في قيادة الامم المتحدة وأميركا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا كونها دولا ومنظمة تاريخها جميعا مرتبط ارتباطا وثيقا ببداية وحاضر ومستقبل معاناة الشعب الفلسطيني .
ومن ضمن تلك الآمال التي بثتها كلمات من سبقوا ابومازن في حديثه المرتقب اليوم، ما انتقاه الرئيس الاميركي - المرتحل قريبا عن عرشه – باراك اوباما، الذي اجاد بحرفية ودبلوماسية بارعة صياغة فقرته عن الصراع الاسرائيلي الفلسطيني دون ان يغضب اي طرف منهما. فقد استخدم الرجل في كلمته اسلوب السرد في (أدب الرحلات) مستذكراً زيارته الأخيرة إلى القدس، مستعرضاً مشاهداته وملاحظاته عن تطلعات الشباب الاسرائيلي والفلسطيني ليؤكد في حديثه على اهمية قيام الدولة الفلسطينية .... فقال نصاً " ما زالت الولايات المتحدة عند اعتقادها بأن للشعب الفلسطيني الحق في العيش بأمان وبعزة في دولته ذات السيادة " واضاف: ( وفي تلك الجولة نفسها- ويقصد جولته الأخيرة في القدس - سنحت لي الفرصة للقاء فلسطينيين صغار في رام الله قابل طموحاتهم وإمكاناتهم الباهرة ألم كانوا يشعرون به بسبب افتقادهم لمكان مستقر بين مجموعة الأمم. وهم متشائمون من إحراز تقدم حقيقي في أي وقت، وهم محبطون من رؤية أسرهم تتحمل المهانة اليومية للاحتلال. لكنهم يسلمون أن قيام الدولتين هو المسار الحقيقي الوحيد الذي يقود إلى السلام- لأنه مثلما ينبغي عدم تشريد الشعب الفلسطيني، فإن دولة إسرائيل وجدت لتبقى) .
اما الأمين العام للامم المتحدة فلم يخرج من لحن الدولتين الذي ما زال محركاً للمشاعر العربية والفلسطينية كونه الأمل المفقود، فأكد الرجل على حل الدولتين، قائلا بنصه (إن حل الدولة الواحدة سيؤدي إلى دمار الطرفين) واصفا استبدال حل الدولتين بالدولة الواحدة بالجنون.
وفي ظل هذا المناخ الذي يحمل الكثير من الجرعات التي يصفها المتشائمون بالتخديرية لمشاعر الفلسطينيين، ويعتبرها المتفائلون بالتحفيزية للدفع في اتجاه رجوع الطرفين إلى طاولة المفاوضات على أمل البدء في خطوات جادة بشأن الدولتين، يعتبر الترقب هو سيد الموقف، حيث يتطلع الجميع لسماع ما سيأتي به الرئيس الفلسطيني في كلمته من جديد، خصوصا وان الفلسطينيين اعتادوا في الفترات الأخيرة على حسن استغلال المنظمة الدولية ليمرروا من خلالها ما فشلوا في تحقيقه طوال السبعين عاما الماضية – عمر الوعد بحل الدولتين - حيث تمكنوا عبر الامم المتحدة من انتزاع الاعتراف العالمي بدولتهم، ومن رفع علمهم في مبنى المنظمة الدولية، ومن كسبهم القدرة على مقاضاة من يقتلهم جنائيا .... فهل ستحمل كلمة الرئيس الفلسطيني اليوم (كلمة صماء) عزم الفلسطينيون على جعلها نافذة بشأن حقهم في اقامة دولتهم ؟ .... سنرى.

طارق أشقر من اسرة تحرير الوطن
[email protected]