إعلان جون كيري وزير الخارجية الأميركي عن فشل المشاورات للمجموعة الدولية لدعم سوريا ـ بهدف إعادة إرساء "الهدنة" في سوريا ـ كان أمرًا متوقعًا، وبالتالي غاب عنه عنصر الاستغراب، ذلك أن معسكر التآمر والعدوان بقيادة الولايات المتحدة وبعد دخوله العسكري المباشر على خط دعم تنظيم "داعش" الإرهابي والمجاهرة به، يعمل على إشهار دعمه المباشر لتنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي، وذلك بالإصرار على عدم فصل من تصفهم واشنطن بـ"المعتدلين" من التنظيمات الإرهابية الأخرى عن هذا التنظيم الإرهابي، ما يعني أن المشهد في سوريا مرشح لمزيد من التفاعلات والتسخين من قبل معسكر التآمر والإرهاب مع المراوغة والتنصل من جملة الالتزامات والتفاهمات السابقة واللاحقة، حيث الرهان أصبح على أشده على تنظيم "جبهة النصرة " الإرهابي في تغيير معادلة الميدان لصالح هذا المعسكر المعادي.
في الحقيقة لابد من الاعتراف أن معسكر التآمر والعدوان والإرهاب بشكل عام بدأ يستشعر الخسارة الاستراتيجية الكبرى، ويرى الوقت يمر بسرعة بما يحرمه فرصة المبادرة لتعويض الخسائر؛ لذلك يريد التحرك إلى استدراك هذه الخسارة عبر آليات جديدة من بينها التدخل العسكري المباشر؛ أي بالأصالة لدعم التنظيمات الإرهابية التي أنتجتها وشغَّلها لتعيث فسادًا وتهلك الحرث والنسل في سوريا بالوكالة عنه‏، بعد أن لمس أن اتفاقات وقف إطلاق النار "الهدن" لم تحقق ما كان يسعى إليه معشر المتآمرين من ورائها، فرغم استغلالها في تهريب السلاح وتزويد التنظيمات الإرهابية بالعتاد العسكري اللازم وبالمزيد من الإرهابيين والتكفيريين والمرتزقة، إلا أنه لم يغير من خريطة الميدان والتوازنات التي يعمل عليها. ولذلك لم يجد بُدًّا من المجاهرة بدعم الإرهاب سياسيًّا وعسكريًّا على النحو المشاهد في سبيل رغبة تغيير الموازين وخريطة الميدان السوري، ومن أجل تحقيق هذه الرغبة يناور حلف المتآمرين ويسعون إلى فرض حظر للطيران السوري ومنع تحليقه عن ملاحقة التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها تنظيم "جبهة النصرة". ولعل محاولة جون كيري رمي الكرة في الملعب الروسي واتهام موسكو بعدم الجدية، وامتطاء كيري صهوة التناقض والنفاق رغم افتضاحهما وانكشافهما، بتجديد مطالبته موسكو بإجبار الدولة السورية على وقف استخدام طيرانها الحربي في ملاحقة فلول الإرهاب وبخاصة تنظيم "جبهة النصرة" ومن ينضوي تحتها من مسميات إرهابية موصوفة أميركيًّا كذبًا وزورًا بـ"المعتدلة"، يكشف كل ذلك التحول في المعسكر الأميركي المتآمر على سوريا وشعبها وجيشها وقيادتها.
ما من شك، إن هذا المسعى التآمري الذي تعمل واشنطن على تحقيقه بمنع تحليق الطيران الحربي السوري كشرط لوقف إطلاق النار، إنما تريد من ورائه تنظيم صفوف التنظيمات الإرهابية التي تصفها بـ"المعتدلة" مع فلول تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي في الوقت الذي تعمل فيه على دعم تنظيم "داعش" الإرهابي لاستنزاف الدولة السورية وحلفائها وإنهاكها.
لذا نثق في حكمة القيادة السورية وحلفائها وقدرة الجيش العربي السوري في فهم هذا المسعى التآمري المدمر وكيفية التعامل معه.