تحتل خدمة الانترنت في عصرنا هذا ولدى معظم الأشخاص أهمية كبيرة لارتباطها بمتطلبات الاتصال والتواصل وإنهاء التعاملات الحياتية المتعلقة بشتى أنواع الخدمات الذي يحتاجها الشخص في يومياته والتي في كثير من الحالات نجدها أساسية بحيث لا يمكن التعامل معها إلا إلكترونيا، وفي نفس الوقت نجد أن هناك جهداً كبيراً يبذل من قبل مختلف القطاعات في ذلك وعلى سبيل المثال لا الحصر التعليم والصحة والمرور والتجارة والقوى العاملة بالإضافة إلى مؤسسات القطاع الخاص مثل البنوك وقطاع الطيران والكهرباء والفنادق وغيرها من المؤسسات والتي هي في المستقبل القريب في تزايد مستمر، لذلك نجد أن سرعة شبكة الانترنت وهنا نعني بتدفق بياناتها من المتطلبات الأساسية التي يجب توافرها بسرعات قياسية لدى المستخدم، وعليه ومع تزايد تطور الخدمات والاستخدامات تنوعت أيضاً طرق الحصول عليها بالسرعات القياسية لذلك ظهر ما يسمى بتقنيات النطاق العريض والتي تندرج تحت هذا المصطلح سرعات انترنت فوق المتوسطة بشكل سلكي ولا سلكي وباعتبار أن الأشخاص معظمهم يقتني الهواتف الذكية النقالة فإن تقنية الارتباط اللاسلكي أصبحت من الأهمية أن تكون متوفرة وبشكل قياسي لدى الجميع، إلا أن ما نراه على أرض الواقع أن الخدمة وإن توفرت فإننا نراها دون المستوى المطلوب الذي يتطلع إليه أي شخص عادي يسعى لاستخدام التقنية لتسهيل حياته وإنجاز معاملاته .. فأين الخلل؟ هل هو من موفري الخدمة كشركات اتصالات، أم من قبل الجهات المسؤولة عن تنظيم ومتابعة عمل الشركات؟ فنحن كمتابعين للمشهد العام نجد أن التقصير يقع على المشغل أو الموفر، ولو فرضنا ذلك فأين متابعة الجهات المسؤولة ومحاسبتها لهذا التقصير .. ألا توجد معايير واضحة لعملية التقييم (إن وجدت) وهل من المعقول ونحن نعيش عصر المعلومات ألا يوجد حد أدني من نصيب الفرد من سرعة تدفق البيانات، لذلك نستنتج أن المسؤولية لا تقع على شركات الاتصالات وحدها فقط وإنما تتشارك معها المسؤولية الجهات الحكومية المعنية عن توفير التصاريح اللازمة لعمل هذه الشركات والمساحات اللازمة لبناء البنية التحتية اللازمة لعمليات التشغيل، فالشركات تحتاج للحصول على ما لا يقل عن ثمانية تصاريح من جهات حكومية مختلفة لبناء برج اتصالات يخدم منطقة سكنية معينة وهذا بالطبع شيء ضروري إلا أن المدة التي يستغرقها ذلك مبالغ بها حيث تصل في بعض الأحيان إلى ثمانية أشهر.

وبالرجوع إلى الاستياء العام للشارع من تردي الخدمات وضعف تدفق بياناتها وتقطعها في بعض الأماكن وعدم وصولها للأماكن السكانية البعيدة عن المدن فإنه ينتج عنه ما نراه من دعوة لمقاطعة شركات الاتصالات، والذي أراه شخصياً به فائدة لتوصيل التغذية الراجعة عن سوء الخدمة التي يحصل عليها الشخص للجهات الحكومية المعنية وفي نفس الوقت أهمية الانترنت وعدم القدرة على الاستغناء عنها في التعاملات اليومية .. لذلك فإنه قد آن الأوان للجهات الحكومية المختصة لإعادة النظر في طريقة تعاملها مع شركات الاتصالات وأن تفتح باب المنافسة بينها دون أن تكون هناك قيود عالية على ذلك وفي نفس الوقت على الجهات المعنية بالتخطيط أن تراعي المساحات المخصصة لأبراج الاتصالات وذلك حسب الكثافة السكانية للأحياء السكنية والتجارية وأن تكون مكتملة التصاريح، وأن تكون لدينا ثقافة توفر خدمة الانترنت للجميع دون استثناء بسرعات تتوافق مع متطلبات الوقت والعصر من تقنيات الحوسبة السحابية التي تنتهجها المؤسسات في تقديم خدماتها وانتهاء بانترنت الأشياء الذي يعتبر من أكبر التوجهات العالمية في وقتنا الحالي، فالخدمات الإلكترونية ليست مجرد آلية لتخليص المعاملات وبالتالي تسهيل الأعمال واختزال الوقت والمحافظة على البيئة وإنما هي اشمل من ذلك بكثير من حيث أن بناء قواعد البيانات يعتبر من الأساسيات الذي من المفترض أن تستند عليه مختلف القطاعات في عملية التنمية وبناء المجتمعات القائمة على المعرفة والتي بدورها تساعد على خلق فرص وظائف فوق المتدنية، وبالنظر إلى كل ما ذكر وهو بشكل عام ومختصر، من هو المسؤول عن تردي خدمة الاتصالات في البلد؟■

عبدالله بن ناصر البحراني
عضو هيئة التدريس بجامعة السلطان قابوس
www.abdullah-albahrani.com